-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
فراس الحمداني يكتب: حلاق الرئيس
عندما تقرأ عنوان هذا المقال قد يتجه تفكيرك مباشرة من خلال الذاكرة الذهنية إلى الفيلم المصري السينمائي الشهير (طباخ الرئيس) والذي جسد الفنان فيه طلعت زكريا دور الطباخ (متولي) والذي كان يعمل في طبخ وبيع الطعام الشعبي على عربة صغيرة في الشارع حتى جاءته الفرصة الذهبية حين أثبت جدارته ليعمل في القصر الرئاسي طباخا "خاصا" للرئيس بشرط السرية التامة بحيث أنه حتى زوجته وأطفاله لا يعرفون بأنه يعمل طباخا لرئيس جمهورية مصر.
وخلال عمله كان "متولي" على فطرته.. ينقل أخبار الشعب إلى الرئيس بين الفينة والأخرى مما يسهم في فهم احتياجاتهم ومشاكلهم وحلها من قبل الرئيس وهو ما يحرج الوزراء والمسؤولين المقصرين والذين يحاولون جهدهم لاخفاء ذلك التقصير الحقيقي.. وعندما يريد الرئيس تفقد أحوال الشعب ميدانيا يعلن الوزراء حظر التجول بشكل سري بحجة حدوث كسوف شمسي تنجم عنه أشعة ضارة، وعند خروج الرئيس بجولته دون أن يجد أحدا في الشارع يقول جملته الشهيرة: "وديتو الشعب فين؟".
ولكن، عندنا فإن قصة "حلاق الرئيس " التي نحن بصدد الحديث عنها هنا مختلفة تمامًا!
حيث أن “حلاق الرئيس” لم يصل إلى هذه الوظيفة الحساسة بالكفاءة أو المهنية العالية بل جاء نتيجة دفع مبالغ رشى كبيرة إلى وسطاء في الدولة وفق اتفاقات خاصة، وبدلاً من أن يكون صوتًا للشعب وينقل همومهم إلى الرئيس -كما كان طباخ الرئيس المصري- فقط صار حلاق رئيسنا كابوسا يكتم أنفاس الشعب، حين صار في موقع يستغل فيه ثقة الرئيس لتحقيق مصالحه شخصية والفئوية هو ومن أتوا به الى القصر.
وبدلاً من أن يكون حلاقا" بسيطا" يقوم بواجبه البسيط.. أصبح (حلاق الرئيس) شخصية متنفذة يحمل مسدسا ويتقلد مناصبا وهمية وينتحل صفات وتسميات وألقاب ويفتح مكتبًا وشركات للوساطات والمقاولات ويتحكم في التعيينات وتحصيل المستحقات.
لقد حول "حلاق الرئيس" منصبه إلى أداة لتحقيق الثروة والسلطة ومن خلفه حزبه الذي أتى به مستغلا بذلك ثقة الرئيس وموقعه القريب منه أبشع استغلال، حيث لم يكتف ذلك الحلاق بكل ما ذكر بل راح يعمل مخبرا "سريا" ينقل الأخبار والتقارير والإشاعات المغرضة ضد كل من يقف أمام فساده هو وحزبه بشكل مباشر إلى الرئيس ويعمل على غسل دماغه بأفكار يتبنى فيها وسيلة الإقناع وفق نظرية المؤامرة وهنا أود التذكير بفيلم أمريكي لميل جيبسون يحمل نفس العنوان ونفس القضية ولكن بشكل مختلف.
الخلاصة من القول فإن النصيحة التي أود أن أختم بها هذا المقال مفادها: "حذاري من حلاق الرئيس" وحذاري من أمثاله.. أما السؤال الذي يدور في ذهني دون أن أجد له إجابة محددة هو: "ترى كم حلاقا لدينا من هذا النوع؟ وكم رئيس؟" .

.jpg)






