كأنها القيامة: غزة بلا زينة ولا أضاحٍ

عيد الأضحى في غزة: بين خيام النزوح والموت البطيء تحت نار الإبادة الجماعية

profile
  • clock 6 يونيو 2025, 1:55:45 م
  • eye 423
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

يطلّ عيد الأضحى المبارك هذا العام على أهالي قطاع غزة، وقد تجرّدت المناسبة من كل معاني الفرح والبهجة، في ظل عدوان إسرائيلي متواصل منذ أكثر من ثمانية أشهر، دمّر الحجر والبشر، وسرق الأعياد من قلوب الأطفال وأوجاع النساء.
الجمعة 6 يونيو/ حزيران 2025، تاريخ يمرّ على أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في غزة وهم يحيون عيدهم الرابع على التوالي تحت الحرب، بلا أضاحٍ، بلا زينة، بلا فرح… فقط خيام، وجوع، ورماد.

العيد في خيام الموت: نكبة متواصلة تحت قصف الاحتلال

لم تعد شوارع غزة تعرف الفرح، فقد تحولت من مداخل مزينة بالألوان والمصابيح إلى مخيمات نزوح مهترئة، تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
ومع تواصل القصف الإسرائيلي، فقدت معظم العائلات منازلها، واضطرت للعيش في خيام لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، ولا تحفظ أدنى درجات الكرامة الإنسانية.

في ظل الحصار الخانق والتجويع الممنهج، اختفت اللحوم من الموائد، وغابت الحلويات، وحتى رغيف الخبز بات أمنية مستحيلة، وسط منع إدخال المواد الغذائية وتعطيل عمل منظمات الإغاثة.

أمومة تحت الرماد: “العيد فقد معناه”

نهاد أبو عمشة، أم لسبعة أطفال نزحت مرات عدة من مخيم جباليا، تلخص المأساة بقولها: "العيد فقد معناه… طفلي ينام جائعًا ويستيقظ جائعًا، أي فرحة هذه؟ الحرب سرقت كل شيء."

وتضيف: "منذ سبعة أشهر لم أطبخ وجبة كاملة، لا يوجد ماء ولا طعام، نعيش على فتات المساعدات إن وصلت. وفي خيمة ممزقة تفتقد الأمان، تعيش نهاد مع آلاف العائلات، في ظروف أشبه بالجحيم، حيث الجوع، والمرض، والرعب، والشتات.

الجوع يفتك بالأطفال: العيد موتٌ على هيئة أيام

النازح السبعيني عادل شامية من بيت حانون يصف هذا العيد بأنه "الأسوأ في حياته"، مؤكدًا أن "الأطفال يموتون من الجوع أمام أعيننا، لا ماء، لا دقيق، ولا حتى أمل."

وبحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، استشهد 60 طفلًا على الأقل بسبب الجوع وسوء التغذية منذ بدء العدوان، في ظل إغلاق المعابر ومنع إدخال الغذاء والدواء بشكل متعمد.
تلك الأرقام، خلفها مآسٍ إنسانية مؤلمة وصور لا يمكن نسيانها، لأطفال ينتظرون وجبة لا تأتي، وأمهات تبكي بصمت.

كأنها القيامة: غزة بلا زينة ولا أضاحٍ

طرقات غزة التي كانت تضج بالحياة، تحوّلت إلى صمت جنائزي. الجدران التي حملت يومًا عبارات "كل عام وأنتم بخير" أصبحت ركامًا، الأسواق مهجورة، والأضاحي غابت عن الشوارع، وحلّ مكان البهجة الخوف والحداد.

المشهد في القطاع أقرب إلى مدينة أشباح، لا صوت فيه سوى أزيز الطائرات الحربية وألم النزوح، ولا صورة إلا لأب يدفن ابنه، أو أم تحضن جثة طفلها المتجمدة من الجوع.

أمنية واحدة: العودة إلى تراب البيت

في خيمة دون ماء أو كهرباء أو دواء، تجلس الحاجة عايشة أبو صلاح (72 عامًا)، وتقول بحزن: "لا أريد شيئًا، فقط أريد أن أعود إلى بيتي، حتى لو سكنت على ترابه."

وتتابع:"كان العيد فرحة… اليوم هو نكبة. لم نعد نطلب إلا البقاء على قيد الحياة."

ومنذ بدء العدوان، ارتكبت قوات الاحتلال سلسلة مجازر دموية خلّفت أكثر من 178 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، وآلاف الحالات من المجاعة الحادة، وكل ذلك وسط تجاهل دولي مخزٍ لقرارات محكمة العدل الدولية ونداءات الإغاثة.

العيد الرابع تحت النار... والعالم يصمت

بين خيام النزوح، وتحت وطأة الجوع، يختنق عيد الأضحى الرابع في غزة. لا ألوان، لا فرحة، ولا مظاهر عيد… بل ألم لا يُوصف، ومأساة تُصنع أمام الكاميرات والعالم يكتفي بالمشاهدة.

في غزة، العيد صار ذكرى، والموت واقع، والصمت العالمي خيانة.

التعليقات (0)