-
℃ 11 تركيا
-
11 سبتمبر 2025
شيماء حسين تكتب: الوقت يشفي كل شيء امنح الوقت لبعض الوقت
كيف يخفف الوقت من جراح الماضي
شيماء حسين تكتب: الوقت يشفي كل شيء امنح الوقت لبعض الوقت
-
11 سبتمبر 2025, 2:59:42 م
-
424
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
الوقت لا يزيل الذكريات، لكنه يجعلها أقل ألمًا. لا يُرجع ما فقدناه، لكنه يمنحنا القوة للمضيّ قدمًا. لا يغيّر الماضي، لكنه يساعدنا على التعايش معه دون أن يعذبنا. لذا، عندما تجد نفسك غارقًا في الألم، تذكر هذه الحكمة البسيطة: امنح الوقت لبعض الوقت، وسترى كيف تصبح الأمور أخف وطأة، وكيف يداوي الزمن جراحك بهدوء ودون أن تشعر الزمن ليس مجرد عقارب ساعة تدور بلا هوادة،
بل هو الدواء الخفيّ الذي يعالج الجراح، يهدّئ الاضطرابات، ويمنح القلوب فرصةً لإعادة البناء بعد كل عاصفة. قد يبدو الوقت في لحظات الألم بطيئًا حدّ الجمود، وكأنه يعاندنا، لكنه في الحقيقة يعمل بصمت، ينسج خيوط الشفاء رويدًا رويدًا. كثيرًا ما نسمع عبارة "الوقت يشفي كل شيء"،
لكن هل هذا مجرد كلام يقال لمواساة المحزونين، أم أن للزمن فعلًا قوة سحرية في تخفيف الألم.حين نمرّ بتجربة قاسية، سواء كانت فقدان عزيز، انفصالًا مؤلمًا، خيانة، فشلًا في تحقيق حلم، أو أي شكل من أشكال الخسارة، فإننا نشعر بأن الحياة توقفت. الألم في ذروته يكون كالإعصار، يجرف كل شيء في طريقه،
ويجعل المستقبل يبدو معتمًا بلا أمل. لكن مع مرور الأيام، تبدأ المشاعر الحادة في التلاشي، وكأن الزمن يقوم بمهمة التخفيف التدريجي، مما يسمح لنا باستعادة توازننا النفسي والعاطفي.علماء النفس يؤكدون أن المشاعر القوية، سواء كانت حزنًا أو غضبًا أو خيبة، تحتاج إلى وقت لكي تهدأ. العقل البشري لديه قدرة مذهلة على التكيّف،
لكنه يحتاج إلى مهلة ليمرّ بمراحله الطبيعية من الصدمة، ثم الحزن، ثم التقبل، وأخيرًا التعافي. لذلك، كلما منحنا الوقت فرصة، كلما أصبحنا أكثر قدرة على رؤية الأمور من منظور أكثر هدوءًا وحكمة أحد أكبر الأخطاء التي نقع فيها عند الألم، هو استعجال التعافي. نريد أن نصحو في اليوم التالي وقد تلاشى الحزن، لكن الحياة لا تعمل بهذه الطريقة. الألم العاطفي يشبه الجروح الجسدية، فكما يحتاج الجرح العميق إلى أسابيع أو حتى أشهر للالتئام، كذلك القلب يحتاج إلى وقت كي يتعافى.
بعض الأشخاص يحاولون القفز فوق مراحل الألم، فينكرون مشاعرهم، يتظاهرون بأنهم بخير، أو يبحثون عن طرق سريعة لنسيان ما حدث، لكن ذلك لا يؤدي إلا إلى تأجيل المواجهة الحقيقية. على العكس، تقبّل الألم، والتعايش معه، ومنح النفس الفرصة للشعور به، هو أول خطوة نحو الشفاء عندما نحاول إجبار أنفسنا على تخطّي الألم قبل أوانه، فإننا في الواقع نضع قنبلة موقوتة داخلنا. المشاعر المكبوتة لا تختفي، بل تتراكم في الداخل، وتظهر لاحقًا على شكل اضطرابات نفسية، قلق، اكتئاب، أو حتى مشاكل جسدية مثل الأرق والتوتر المزمن.
فالوقت لا يشفي فقط، بل يساعدنا على الفهم. في البداية، قد لا نستوعب لماذا حدث ما حدث، لكن بعد مرور فترة، نبدأ في رؤية الصورة بوضوح. أحيانًا نكتشف أن ما كنا نظنه خسارة، كان في الواقع خطوة نحو شيء أفضل. أو أن الألم الذي عانيناه جعلنا أقوى وأكثر نضجًا.
وإذا كان الوقت هو الطبيب، فنحن بحاجة إلى مساعدته لكي يقوم بعمله بفعالية اسمح لنفسك بالشعور لا تحاول إنكار مشاعرك أو الهروب منها، بل اعترف بها وعشها حتى تنتهي بشكل طبيعي ولا تستعجل التعافي وتقبّل أن الأمر سيأخذ وقته، وكل يوم ستحسّن الأمور قليلًا واشغل نفسك بشيء مفيد مارس هواياتك، اعمل على تطوير نفسك، أو حتى ساعد الآخرين، فكل ذلك يسرّع من عملية الشفاء.
ثم ابتعد عن المثيرات السلبية ولا تعلق نفسك بذكريات مؤلمة أو بأشخاص يؤججون الجراح، بل امنح نفسك فرصة لبدء صفحة جديدة وثق بأن المستقبل يحمل لك الخير: الحياة مليئة بالمفاجآت، وما يبدو اليوم كخسارة، قد يكون غدًا سببًا في سعادتك.

.jpeg)







