تكبير الخط تصغير الخط

سعدبوه محمد المصطفى ،شكرا لاتاحة الفرصة لمتتبعي موقع تحقيقات للتعرف عليك و على تجربتك النضالية و الفكرية في موريتانيا العزيزة .

أنت باحث في تاريخ المقاومة الموريتانية ،  ورئيس المنتدى الموريتاني لحفظ ذاكرة المقاومة .بداية ممكن تحدثنا عن المنتدى كمؤسسة بحثية. 

▪︎شكرا جزيلا ، اسمح لي في البداية أن أحيي الشعب الجزائري على انتصاره في حرب التحرير التي خاضها ضد المحتل الأجنبي ، ومع أن الثمن كان باهظا ، مليون شهيد ، إلا أن الإنتصار حصل واستقلت الجزائر  وأنطلقت الحناجر مع الشاعر الكبير مفدي زكريا : قسما ستحيا الجزائر..

جوابا على سؤالكم ، فقد رأى "المنتدى الموريتاني لحفظ ذاكرة المقاومة" ، والمعروف اختصارا باسم : المنتدى ، النور بموجب الوصل من وزارة الداخلية رقم 302 بتاريخ 04 /02/2022 والمنشور في الجريدة الرسمية في عددها رقم 1505 بتاريخ 15/03/2022.

وقد جاء للتحسيس حول قيم المواطنة وحماية الوطن والدفاع عنه ، كما جاء ردة فعل للإهمال الملاحظ لتاريخ المقاومة الوطنية الموريتانية على مختلف المستويات ويضع هدفا له هو : إعادة الاعتبار لهذا الجانب الهام من تراثنا حتى يصبح أحد العناصر الرئيسية في تشكيل الوعي التاريخي للأجيال المعاصرة.

أما عن أسباب نشأته ، فغداة الحصول على الاستقلال في 28 نوفمبر 1960 وطيلة خمسة عقود تم إهمال حقبة تاريخ المقاومة الموريتانية ضد الاستعمار الفرنسي، سواء على المستوى الرسمي أو على المستوى الأهلي ، ولم يتوفر عنها من الوثائق والدراسات إلا ما كتبه عسكريو الاحتلال أو الإداريون الذين خدموه في هذه الأرض. وبقيت الرواية المحلية الشفهية حبيسة صدور الرجال شهود هذه المرحلة الذين توفوا جميعا وبقي أبناؤهم يحتفظون ببعض القصص التي تحتاج للتحقق والتمحيص .

وللعناية بهذه الحقبة الهامة من تاريخنا وكما أسلفت ، فقد رأى المنتدى الموريتاني لحفظ ذاكرة المقاومة النور في 04 فبراير 2022 وبدأ بوسائل متواضعة -  مع غياب الدعم الرسمي-  في انجاز برنامج عمل طموح يرمي إلى تحسيس المواطنين حول هذه الحقبة النيرة من تاريخهم وذلك ليتحملوا مسؤولية الدفاع عن وطنهم والمحافظة عليه ، فهي : حقبة بطولية قادها رجال رفضوا الخضوع لنير الاحتلال وما يفرضه من ظلم وتبعية وخضوع.

ويعمل النتدى على عدة محاور هي :

- تكريس ثقافة التربية المدنية وحب الوطن والتضحية من أجله
- تشجيع البحث التاريخي لإنجاز قراءة وطنية لأحداث المقاومة ورموزها
- جمع الوثائق والكتب الخاصة بالمقاومة وتكوين مكتبة للطلاب والباحثين 
  - التنسيق مع الهيآت الوطنية التربوية لإنجاز مادة المقاومة ضمن برنامج التاريخ المقرر على التلاميذ والطلاب.
  -  اعداد رحلات للطلاب الى مواقع معارك المقاومة لتقوية الشعور بواجب التضحية لدى اجيال المستقبل.
5   - تخليد ايام وقائع المقاومة المشهورة لتحسيس الرأي العام ، وذلك بوضع نصب تذكارية ، و إعداد ندوات وطبع نشرات وبث برامج مرئية ومسموعة بالتنسيق مع الهيآت الإعلامية الرسمية وغير الرسمية.
6 - العمل على اطلاق اسماء المقاومين ومواقع معارك المقاومة على الساحات والشوارع الرئيسية والواجهات التجارية.

▪︎ماهي العوامل التي ساعدتكم و حفزتكم للسعي لتأسيس المنتدى ؟

▪︎ هناك عوامل عديدة دفعتني إلى إنشاء المنتدى الموريتاني لحفظ ذاكرة المقاومة الموريتانية وأولها غياب أرشيف وطني محفوظ عن تاريخ حقبة المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في موريتانيا،  مع انها كانت طويلة النفس،  فقد بدأت سنة 1902 وتوقفت سنة 1934 ، وكان الانتصار حليفا للمقاومة في كل معاركها ضد الاحتلال الفرنسي،  ومن نتائجها مقتل قادة فرنسيين كبار حملوا النياشين في المستعمرات الفرنسية جنوب الصحراء ولكن أنوفهم مرغت فوق أرض موريتانيا الطاهرة  .. فقد قتل قائد الحملة الاستعمارية إلى موريتانيا : كزافيي كبولاني سنة 1905 ، وقتل القائد مانجين 1908 والقائد ريبو 1908 وقتل القائد بابلوه 1909 وفي 1913 أبيدت حامية استعمارية في منطقة آدرار الموريتانية .. قتل العديد من القواد الفرنسيين  والرماة الأفارقة والحرس الأهلي  ..

لقد كانت مقاومة شرسة جريئة بالرغم من ضعف تسليحها ، فهي لا تملك إلا أسلحة محلية بدائية قريبة الطلق في حين يملك الاحتلال أسلحة سريعة الطلق ومن مسافة آمنة وكذلك المدفع الرشاش والمدافع الثقيلة .. ولحفظ هذه الذاكرة ونقلها إلى الأجيال الحالية قررت أنا ومجموعة من الأطر المثقفين إنشاء المنتدى الموريتاني لحفظ ذاكرة المقاومة الموريتانية ومن خلال الموقع الإلكتروني للمنتدى https://elmountada.org/ يمكنكم الاطلاع على الجهود العلمية التي تم تحقيقها حتى الآن في سبيل حفظ ذاكرة المقاومة الموريتانية ضد الاستعمار الفرنسي،  والعمل مازال متواصلا من أجل كتابة وتسجيل جميع أحداث تلك الحقبة بالرغم من انعدام الوسائل المادية وقلة المهتمين والمتطوعين في هذا المجال ..

أما العوامل التي كانت حافزا لنا وساعدتنا على إنشاء هذا المنتدى ، فالرغم من الإهمال الشديد الذي عانت منه حقبة المقاومة الوطنية منذ استقلال البلاد سنة 1960 واستمر خمسين عاما ، إلا أنه منذ 2008 شهدت حقبة المقاومة إعادة الاعتبار من طرف الرئيس السابق،  ومازال هذا الإهتمام متواصلا من طرف القيادة الجديدة للبلاد ، فقد أصبح بإمكاننا تنظيم محاضرات يحضرها المواطنون ، ونشر الكتب عن تاريخ المقاومة وإعداد الأفلام الوثائقية وغير ذلك ..

ماهو واقع البحث في تاريخ المقاومة في موريتانيا؟

▪︎يعاني البحث العلمي  الموريتانية ضد الاستعمار الفرنسي من صعوبات عدة من أهمها : غياب المصادر المكتوبة محليا ، فالموريتانيون لم يهتموا بالكتابة عن وقائع المعارك التي خاضتها المقاومة مع المحتل الفرنسي من 1902 وحتى 1934 ، بل بقيت أخبارها حبيسة صدور الرجال شهود هذه المرحلة الذين توفوا جميعا .. وهنا سيضطر الباحث إلى الرجوع إلى ما دونه إداريو وعسكريو مستعمرة موريتانيا الفرنسية من كتب ومذكرات وتقارير استخباراتية.

ماهي الارتباطات الموجودة في نظركم بين تاريخ المقاومة في موريتانيا و الصحراء الغربية ،الجزائر و الريف بالمغرب ؟

▪︎ في ظل القيادة السياسية الحالية لموريتانيا هناك نفس كبير من الحرية يستفيد منه الباحثون ، فليست هناك قيود أو وصاية على الباحث الذي يجب أن يكون جادا  في عمله واضحا في منهجه ملتزما بالشروط العلمية في البحث .