-
℃ 11 تركيا
-
10 يونيو 2025
سامسونج تثبّت تطبيقات إسرائيلية للتجسس على شعوب غرب آسيا وشمال أفريقيا
الشركة في خدمة الاحتلال
سامسونج تثبّت تطبيقات إسرائيلية للتجسس على شعوب غرب آسيا وشمال أفريقيا
-
30 مايو 2025, 11:53:36 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تطبيق "AppCloud" الإسرائيلي يُثبّت قسرًا على هواتف سامسونج من طرازي A وM
متابعة: عمرو المصري
خلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت المخاوف في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا بشأن تطبيق يُعرف باسم “آبكلاود” (AppCloud)، وهو برنامج خفي يُثبت مسبقًا على هواتف "سامسونج" من طرازي A وM. هذا التطبيق، المطوّر من شركة "آيرون سورس" الإسرائيلية، يُعدّ مثالًا صارخًا على انتهاك الخصوصية الرقمية، إذ يُثبت دون علم المستخدمين أو موافقتهم، ولا يمكن حذفه من دون المساس بوظائف الهاتف الأساسية أو إبطال الضمان. ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل يتعقّد أكثر حين نعلم أن التطبيق لا يوفّر سياسة خصوصية واضحة، ولا يشرح نوع البيانات التي يجمعها أو كيف تُستخدم.
إن التطبيق لا يظهر في قائمة التطبيقات المعتادة ولا يمكن للمستخدم العادي التحكم به أو حتى اكتشافه بسهولة، إذ يعمل في خلفية النظام. وقد أكّدت تقارير عدة، بما فيها من منظمة “سمكس” الحقوقية، أن التطبيق يجمع بيانات حساسة تشمل معلومات بيومترية وعناوين IP وبصمات الأجهزة، ما يُعدّ خرقًا فاضحًا للقوانين الأوروبية والمحلية الخاصة بحماية البيانات.
سامسونج والتواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي
إنّ ما يُثير القلق أكثر هو الشراكة التقنية بين "سامسونج" و"آيرون سورس"، وهي شركة إسرائيلية ذات سجلّ مثير للجدل في انتهاك الخصوصية والممارسات التجارية المشبوهة. وبتثبيت تطبيق “آبكلاود” مسبقًا على أجهزتها، تكون "سامسونج" قد اختارت أن تصبح شريكًا فعليًا في مشروع رقابة وتتبّع رقمي يستهدف ملايين المستخدمين العرب. فالشركة لا تكتفي بالتقاعس عن إبلاغ المستخدمين بوجود هذا التطبيق، بل تدمجه بشكل عميق في نظام التشغيل، بما يجعل حذفه شبه مستحيل إلا بإجراءات تقنية معقّدة مثل الوصول إلى صلاحيات الجذر، ما يعرّض الهاتف لمخاطر أمنية ويبطل الضمان.
هذه الشراكة التقنية ليست بريئة، ولا يمكن فصلها عن السياق السياسي الأشمل الذي تسعى فيه إسرائيل إلى بسط نفوذها الرقمي والاستخباراتي على الشعوب العربية، من خلال شركات التكنولوجيا التي تعمل واجهاتٍ لعمليات تجسّس واختراق متعدّدة المستويات. ومن خلال دعم "سامسونج" لتطبيق “آبكلاود”، تفتح الشركة بوابة رقمية أمام الاحتلال الإسرائيلي لجمع البيانات ومراقبة المستخدمين دون علمهم، بما يشكل خيانة لثقة ملايين المستخدمين في منطقتنا.
آيرون سورس: سجل حافل بانتهاك الخصوصية
لا تأتي هذه المخاوف من فراغ، فشركة “آيرون سورس” معروفة عالميًا بسجلها السيئ في ما يتعلّق بالخصوصية. فقد سبق أن طوّرت برنامج “InstallCore”، الذي استُخدم لتثبيت برامج خبيثة دون إذن المستخدم، متجاوزًا برمجيات مكافحة الفيروسات، ما دفع كبريات شركات الأمن السيبراني مثل MalwareBytes وSophos إلى التحذير منه. كما كانت الشركة طرفًا في تسوية قانونية تتعلق بتتبع الأطفال واستهدافهم بإعلانات استغلالية داخل الألعاب، ما يدلّ على استهتارها بأبسط المعايير الأخلاقية والحقوقية.
إن استخدام شركات إسرائيلية كهذه في أجهزة تُباع في أسواق عربية يُعدّ تهديدًا مباشرًا للأمن الرقمي والسيادة المعلوماتية، ويطرح علامات استفهام كبيرة حول المعايير التي تعتمدها "سامسونج" عند اختيار شركائها التقنيين.
استهداف واضح للمنطقة العربية
ليست صدفة أن تُثبَّت هذه التطبيقات تحديدًا على أجهزة "سامسونج" الموجهة لمنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا. فوفقًا لوحدة التكنولوجيا في "سمكس"، تحتل سامسونج حصة سوقية تبلغ نحو 28% في المنطقة، ما يجعلها من بين العلامات التجارية الأكثر انتشارًا. واستغلال هذا الانتشار عبر تضمين برامج غير مرغوب فيها (Bloatware) مثل "آبكلاود" يُشكّل تهديدًا مضاعفًا، خاصة في ظل غياب الشفافية وعدم إتاحة أي وسيلة فعالة لتعطيل التطبيق أو حذفه.
إن تحميل المستخدمين في هذه المنطقة تطبيقًا مطوّرًا من شركة إسرائيلية يُعتبر خرقًا للقوانين المحلية في بلدان تحظر التعامل مع الاحتلال، مثل لبنان. وهو ما يجعل هذا التثبيت القسري غير قانوني في بعض السياقات، ناهيك عن كونه غير أخلاقي وغير مسؤول.
دعوة للتحرّك والمساءلة
في ظل هذا التواطؤ الصريح، توجه منظمة “سمكس” نداءً عاجلًا لشركة "سامسونج" لمساءلتها عن سياساتها بخصوص الخصوصية والتطبيقات المثبتة مسبقًا. وتطالب بالإفصاح الكامل عن ممارسات جمع البيانات الخاصة بتطبيق “آبكلاود”، وإتاحة خيار فعّال لإزالته، وضمان ألا تُثبّت تطبيقات مماثلة في المستقبل دون موافقة المستخدمين. كما دعت إلى عقد اجتماع مع فرق "سامسونج" لمناقشة هذه القضايا بشكل معمّق، في محاولة لوقف هذا الانتهاك المستمر.
الرسالة المفتوحة التي وجهتها "سمكس" تمثل صوتًا ضروريًا في معركة الدفاع عن الخصوصية في العالم الرقمي، خاصة في منطقة تُستهدف منذ سنوات بأنظمة مراقبة معقدة تقودها إسرائيل وشركاتها الأمنية، والتي تسعى لاختراق المجتمعات العربية رقميًا كما تفعل ميدانيًا.
الخصوصية الرقمية: معركة مستمرة ضد الاختراق والتواطؤ
ما يحدث اليوم من خلال “سامسونج” هو امتداد للحرب الإسرائيلية على شعوب المنطقة، لكن هذه المرة بأسلحة خفية: تطبيقات مزروعة، بيانات مسروقة، ونفوذ رقمي متصاعد. وتواطؤ “سامسونج” مع شركة إسرائيلية في نشر تطبيق متطفل كهذا، من دون شفافية أو مساءلة، يجب ألا يمرّ من دون ردّ.
في عالم تتحوّل فيه الهواتف الذكية إلى بوابات حياتنا اليومية، فإن السماح لشركات الاحتلال بالتسرّب إلى بياناتنا تحت عباءة “التكنولوجيا” و”التحديث” ليس سوى شكل جديد من أشكال الاحتلال. وإذا لم تُحاسب “سامسونج” على هذا الدور، فسيكون الباب مفتوحًا أمام مزيد من التعدّي على الخصوصية والسيادة الرقمية لشعوبنا.
لقد حان الوقت لإعادة التفكير بعلاقاتنا مع الشركات الكبرى التي تضع الأرباح فوق المبادئ، وتستبيح بياناتنا تحت مسمّيات الشراكة والابتكار.









