-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
رغد الحيالي تكتب: ماذا بعد خور عبد الله؟
رغد الحيالي تكتب: ماذا بعد خور عبد الله؟
-
27 يوليو 2025, 9:59:28 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ننظر اليوم إلى أجزاءٍ ممزقة من جسد وطننا، تمامًا كما ننظر إلى قضية خور عبد الله؛ لكنها لم تكن النهاية، بل بداية لسؤال أكبر وأخطر:
ما الذي ينتظر العراق بعد خور عبد الله؟
خارطة المجالات البحرية: ما الذي حدث؟
في عام 2013، وُقّعت اتفاقية بين العراق والكويت تتعلق بمسألة خور عبد الله. وبموجب هذه الاتفاقية، قامت الكويت برسم حدودها البحرية فيما يُعرف بـ “خارطة المجالات البحرية”، وتم إيداع هذه الخارطة في الأمم المتحدة بغرض التصديق عليها.
ووفقًا للأعراف الدولية، فإن هذه الخارطة تكتسب صفة قانونية كاملة بعد مرور 12 عامًا على إيداعها، أي في شباط/فبراير 2026، لتصبح بذلك نهائية غير قابلة للطعن. بعد هذا التاريخ، لن يكون للعراق أي حق قانوني في المطالبة بتعديل هذه الحدود، أو الاعتراض عليها دوليًا.
العراق… وأين خارطته البحرية؟
هنا تبدأ المأساة الحقيقية.
رغم أن هناك مختصين قاموا برسم خارطة مائية للعراق توضح حدوده وحقوقه، إلا أن هذه الخارطة لم تُصادق عليها الحكومة العراقية حتى الآن، ولم تُودَع في الأمم المتحدة. الأسباب مجهولة… أو ربما “مُخفاة” عن الشعب.
فمن يتحمّل مسؤولية هذا الإهمال؟
ومن سيُجيب أبناء البصرة والجنوب وكل عراقي حُرم من حقه السيادي على مياهه وأرضه؟
إن هذا الصمت الرسمي غير المبرر، وعدم المصادقة على الخارطة العراقية، يعني بشكل واضح التنازل – بصمت – عن حقوقنا البحرية، وسيفتح الباب لمزيد من التنازلات في المستقبل القريب، ما لم يُتدارك الموقف.
ما بعد خور عبد الله أخطر بكثير
قضية خور عبد الله ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد. فالقضية تتعدى شريطًا مائيًا هنا أو هناك؛ إنها تمهيد لواقع خطير قادم: تقسيم العراق جغرافياً، وبيعه سياسيًا، وتشليحه سياديًا.
إذا سكتنا اليوم، فخور عبد الله سيكون البداية فقط.
وغدًا قد نستيقظ على فقدان مناطق جديدة، وثروات جديدة، وسواحل وأراضٍ كانت دومًا تحت السيادة العراقية.
لقد أصبح بيع العراق علنيًا.
كان يُدار سابقًا خلف الكواليس، أما اليوم فهو يجري أمام أعيننا، وأمام صمت بعض السياسيين الذين يرون الوطن سلعة تُفصّل على مقاسات مناصبهم وأطماعهم.
هذا وطن… لا صفقة
هذا الوطن ليس ملفًا سياسيًا ولا ورقة تفاوض.
هو تاريخ أمة، ودماء شهداء، وكرامة أجيال ضحّت من أجل أن يبقى العراق واحدًا، حرًا، سيدًا، لا تابعًا.
ما يجري اليوم لم يعُد يُحتمل.
ولا يُعقل أن يدفع الشعب العراقي ثمن قرارات سياسية مرتجلة، أو صفقات خارجية مشبوهة.
إن ما يحدث هو جرس إنذار أخير:
إما أن نتحرّك الآن ونُطالب بحفظ حقوق العراق البحرية والجغرافية والسيادية،
أو ننتظر بصمت لحين إعلان العراق “أرضًا مقسّمة” لا يملك فيها العراقي حتى خارطة تُثبت له حقّه









