-
℃ 11 تركيا
-
11 أغسطس 2025
د.محمد الصاوي يكتب: 35 مليار دولار من الغاز الإسرائيلي لمصر.. قبلة حياة لنتنياهو وسط حرب غزة
د.محمد الصاوي يكتب: 35 مليار دولار من الغاز الإسرائيلي لمصر.. قبلة حياة لنتنياهو وسط حرب غزة
-
11 أغسطس 2025, 12:04:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في لحظة تتساقط فيها صواريخ الاحتلال على غزة وتتناثر أشلاء الأطفال في الشوارع، وقّعت القاهرة وتل أبيب أكبر صفقة غاز في تاريخهما بقيمة 35 مليار دولار، في خطوة يرى مراقبون أنها تمنح حكومة نتنياهو "قبلة حياة" وسط أزماته الاقتصادية الخانقة.
الاتفاق، الذي يتضمن توريد نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي إلى مصر عبر مرحلتين، يهدف إلى تعزيز دور القاهرة كمركز إقليمي للطاقة وتصدير الغاز إلى أوروبا، بينما يمنح حكومة بنيامين نتنياهو شريانًا اقتصاديًا في ظل انكماش الاقتصاد الإسرائيلي وارتفاع معدلات البطالة بفعل الحرب.
ورغم الترحيب الأوروبي بهذه الخطوة ضمن مساعي تنويع مصادر الطاقة بعيدًا عن روسيا، فقد أثارت الصفقة جدلاً سياسيًا حادًا في مصر والعالم العربي، إذ يرى منتقدوها أنها تتجاهل مشاعر الشعوب، وتمنح خصمًا إقليميًا مكاسب استراتيجية في لحظة صراع دامٍ.
تأتي هذه الصفقة في وقت يمر فيه ملف الطاقة في مصر بحالة من التقلبات غير المسبوقة، حيث تعاني البلاد من تراجع كبير في إنتاج الغاز المحلي، ما دفعها إلى البحث عن مصادر بديلة تلبي احتياجاتها المتزايدة. في المقابل، تمثل الصفقة دفعة استراتيجية لإسرائيل التي تسعى لتعزيز صادراتها من الغاز الطبيعي، مستفيدة من احتياطيات حقل “ليفاثيان” الضخمة في البحر المتوسط.
غير أن توقيت الاتفاق أثار جدلاً واسعاً، ليس فقط بسبب الأبعاد الاقتصادية، بل كذلك بسبب السياق الإنساني والسياسي المحيط به، لاسيما مع استمرار الحرب على قطاع غزة وتفاقم الأزمة الفلسطينية. ففي ظل دماء وأشلاء المدنيين، تُطرح تساؤلات ملحة حول مدى انسجام هذه الاتفاقات الاقتصادية مع الشعور الوطني والقومي، وأثرها على المواقف العربية والفلسطينية تجاه إسرائيل ومصر على حد سواء.
دلالة الصفقة ومحاورها الأساسية
تتوزع الصفقة على مرحلتين رئيسيتين، تبدأ الأولى منها في 2026 بتوريد نحو 20 مليار متر مكعب من الغاز الإسرائيلي إلى مصر، يليها المرحلة الثانية التي تصل إلى 110 مليارات متر مكعب، بعد استكمال توسعة حقل “ليفاثيان” وبناء خط أنابيب بري جديد.
وتبلغ القيمة الإجمالية للصفقة حوالي 35 مليار دولار على مدى 15 سنة، ما يجعلها الأكبر في المنطقة.
وتأتي هذه الصفقة في وقت يستهلك السوق المصري نحو 60 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا، ما يجعل توريد الغاز الإسرائيلي جزءًا مهمًا من استراتيجية مصر لتلبية الطلب المتزايد.
ويُعد حقل “ليفاثيان” الإسرائيلي من أكبر حقول الغاز في شرق المتوسط، حيث تُقدر احتياطياته بحوالي 22 تريليون قدم مكعب (نحو 624 مليار متر مكعب)، مما يؤمن لإسرائيل مصادر ضخمة للتصدير.
وفي هذا السياق، قال وزير البترول المصري خلال مؤتمر صحفي في القاهرة (7 أغسطس 2025):
“هذه الصفقة تعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة وتدعم الاقتصاد الوطني في وقت يمر فيه العالم بتحولات كبيرة في قطاع الطاقة.”(وزارة البترول المصرية)
من جهة أخرى، أكد متحدث باسم شركة NewMed Energy الإسرائيلية في بيان صحفي (8 أغسطس 2025):
“تمثل هذه الصفقة فرصة استراتيجية لتعزيز مكانة إسرائيل في سوق الغاز العالمي، ودعم الاستقرار الاقتصادي في ظل التحديات الحالية.”(NewMed Energy Press Release)
ردود الفعل المحلية والعربية
في مصر، تباينت ردود الفعل بين دعم رسمي لهذه الخطوة باعتبارها استراتيجية وطنية، وانتقادات من قبل المعارضة والقوى السياسية التي اتهمت النظام بالتنازل عن مصالح الشعب، وبيع الغاز بأسعار أقل من الأسواق العالمية.
ويعكس الرأي العام الشعبي عبر منصات التواصل الاجتماعي حالة من القلق والغضب، خصوصًا مع ارتفاع معدل البطالة في إسرائيل إلى 9.4% منتصف 2025، ما يعطي انطباعًا أن مصر قد باتت تعتمد على دعم اقتصادي لإسرائيل في لحظة أزمة، وهذا يثير الكثير من التساؤلات حول استقلالية قراراتها.(الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي)
وعلق خبير في شؤون الطاقة من جامعة القاهرة، د. أحمد سمير، في مقابلة مع وكالة الأناضول:“الصفقة مهمة لمصر اقتصاديًا، لكنها تحمل تحديات سياسية كبيرة، خصوصًا في ظل الوضع الإقليمي المتوتر والحرب المستمرة في غزة.”
(مقابلة وكالة الأناضول، أغسطس 2025)
ردود الفعل الفلسطينية
شهدت الصفقة جدلاً داخل المشهد الفلسطيني، إذ حاولت السلطة الفلسطينية استثمار علاقاتها مع مصر لتطوير حقل “غزة مارين”، غير أن حركة حماس رفضت ما اعتبرته استحواذًا على حقوق قطاع غزة دون تمثيل فعلي له.
ودعت حماس إلى الكشف عن تفاصيل الصفقة، معتبرة أن الاتفاق لم يراعِ مصالح الفلسطينيين.
وقالت الناشطة الحقوقية الفلسطينية، فاطمة أبو سعدة:
“توقيع اتفاقيات مع إسرائيل خلال الحرب على غزة يعني تجاهل معاناة شعبنا، ويجب أن يكون هناك موقف عربي فلسطيني موحد يحمي حقوقنا.”
(المصدر: مقابلة مع قناة الجزيرة، أغسطس 2025)
وعبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان رسمي عن رفضها لاتفاقات الطاقة التي تتم خارج إطار الوحدة الوطنية الفلسطينية، مشددة على ضرورة إشراك غزة في أي تفاوض.
(المصدر: بيان الجبهة الشعبية)
وأوضح الخبير الفلسطيني في الموارد الطبيعية، د. سامي الخطيب، في مقابلة مع وكالة الأناضول:
“غياب التمثيل الفلسطيني الحقيقي في الصفقة يعكس استمرار التهميش السياسي والاقتصادي للقطاع.”
(المصدر: مقابلة وكالة الأناضول، أغسطس 2025)
ويرى مراقبون أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية يعد شرطًا ضروريًا لتطوير موارد الغاز البحرية، والتي تُقدّر بحوالي 30 مليار متر مكعب، ما قد يدر عوائد مالية مهمة على الفلسطينيين.
ردود الفعل العالمية
رحّب الاتحاد الأوروبي بالصفقة في إطار جهوده لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، خصوصًا في ظل التحديات الجيوسياسية المتصاعدة.
(مفوضية الطاقة الأوروبية)
في المقابل، انتقدت منظمات حقوقية إبرام اتفاقيات طاقوية ضخمة مع إسرائيل أثناء استمرار الحرب على غزة، معتبرة أن ذلك يعكس تواطؤًا سياسيًا واقتصاديًا على حساب القيم الإنسانية.
(تقرير منظمة العفو الدولية، أغسطس 2025)
استشرافات مستقبلية
تمثل صفقة الغاز الإسرائيلي–المصرية محطة حاسمة في مشهد الطاقة شرق المتوسط، حيث تتقاطع المصالح الاقتصادية مع الحسابات السياسية والأمنية في منطقة مضطربة.
ومع استمرار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي وتصاعد التوترات الإقليمية، فإن هذه الصفقة قد تكون نقطة انطلاق لمزيد من الاتفاقيات والتعاونات الاقتصادية بين مصر وإسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تطرح تحديات كبيرة على مستوى العلاقات العربية الفلسطينية، ومسار القضية الوطنية.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تواجه الصفقة اختبارًا صعبًا بسبب ، استمرار الحرب وتأثيرها السلبي على الاستقرار السياسي في المنطقة ، الضغوط الشعبية والسياسية داخل مصر والمنطقة لمراجعة العلاقات مع إسرائيل في ظل الأزمة الإنسانية في غزة ، التحديات القانونية المتعلقة بحقوق الفلسطينيين في مواردهم الطبيعية البحرية.
على الصعيد الإقليمي والدولي، قد تلعب الصفقة دورًا في إعادة تشكيل موازين القوة الاقتصادية والطاقة، خاصة إذا ما تم توسيع التعاون المصري الإسرائيلي ليشمل قطاعات أخرى، أو تعزيز الربط مع أوروبا عبر محطات الإسالة.
غير أن أي تطور إيجابي يبقى مرتبطًا بمدى قدرة الأطراف على الموازنة بين المصالح الاقتصادية والقيم السياسية والأخلاقية، خصوصًا في ظل الدعوات المتزايدة للعدالة والسلام في المنطقة.
أخيراً وليس آخرًا
تبقى صفقة الغاز هذه مثالًا صارخًا على تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط، حيث تختلط دماء الصراع بقوة المال، وتُختبر فيه قدرة الحكومات على اتخاذ قرارات توازن بين الأمن القومي، المصالح الاقتصادية، والمسؤولية الأخلاقية تجاه شعوبها وقضاياها.
يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن لمصالح الطاقة أن تتعايش مع الالتزامات الأخلاقية والسياسية تجاه القضايا العادلة؟
مصادر رسمية
- وزارة البترول المصرية (2025). تصريحات رسمية حول صفقة الغاز.
https://www.petroleum.gov.eg/ar/media-center/press-releases/
- متحدث باسم شركة NewMed Energy (2025). بيان صحفي حول الاتفاقية.
https://newmedenergy.com/news/2025/08/08/
-الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي (2025). إحصائيات البطالة في إسرائيل.
https://www.cbs.gov.il/en/mediarelease/pages/2025/unemployment-rate-midyear.aspx
- مفوضية الطاقة الأوروبية (2025). تقارير عن تنويع مصادر الطاقة.
https://ec.europa.eu/energy/en/news
تقارير ومنظمات دولية
- تقرير منظمة العفو الدولية (Amnesty International) حول حقوق الإنسان في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
https://www.amnesty.org/en/latest/research/2025/
- الوكالة الدولية للطاقة (IEA). تقارير حول سوق الطاقة العالمي والشرق الأوسط.
https://www.iea.org/reports/middle-east-energy-outlook-2025
- البنك الدولي. تقارير اقتصادية عن مصر وإسرائيل.
https://www.worldbank.org/en/country/egypt/publication
بيانات وتحليلات فلسطينية
- بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
https://dflp-palestine.org/media/
- مقابلات وكالة الأناضول مع خبراء فلسطينيين (2025).
https://www.aa.com.tr/en/middle-east
- مقابلة الناشطة الحقوقية فاطمة أبو سعدة مع قناة الجزيرة.
https://www.aljazeera.net/interviews/2025
مصادر إعلامية ومواقع إخبارية
- وكالة الأناضول
https://www.aa.com.tr/en
- قناة الجزيرة
https://www.aljazeera.net








