-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
د. محمد الصاوي يكتب: الثورات العربية: هل يعيد التاريخ نفسه؟.. بين إعادة إنتاج الغضب وديناميات العلاقات الدولية
د. محمد الصاوي يكتب: الثورات العربية: هل يعيد التاريخ نفسه؟.. بين إعادة إنتاج الغضب وديناميات العلاقات الدولية
-
30 يوليو 2025, 9:55:17 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الثورات العربية
د. محمد الصاوي – باحث في العلاقات الدولية
منذ 2010، أطلقت الشعوب العربية صرخة غضب عمَّت الشوارع من تونس إلى سوريا، من مصر إلى اليمن. ومع مرور أكثر من عقد، لا تزال الأسئلة الكبرى قائمة: هل ماتت الثورات العربية؟ أم أنها تعيد إنتاج نفسها في مشاهد جديدة أكثر تعقيدًا؟ في ضوء تطورات العلاقات الدولية، يبدو أن الثورات ليست مجرد انفجارات داخلية، بل ديناميات مركبة تُشكَّل بفعل التفاعل بين الفاعلين المحليين والدوليين، بما في ذلك القوى الكبرى، الشبكات العابرة للحدود، والمؤسسات المالية العالمية.
الصدمة الأولى: من الانتفاضة إلى الانكسار
تجلّت الموجة الأولى للثورات العربية في مطالب واضحة: إسقاط أنظمة استبدادية، وتأسيس نظم سياسية تمثيلية. لكن سرعان ما تبدّدت الآمال في ظل تدخلات الجيش، وانقلابات مضادة، وحروب أهلية. في كتابه “The Arab Uprisings”، يؤكد مارك لينش (Mark Lynch) أن “ما بعد الثورة ليس نهاية المطاف، بل هو فصل جديد في صراع طويل بين الدولة العميقة ومجتمعات تعيش في ظل العجز الوظيفي والتمثيلي”.
عودة الحراك: الموجة الثانية تحت المجهر
في السودان والجزائر ولبنان والعراق، عاد الشارع من جديد. لم تكن هذه الموجة تكرارًا ساذجًا، بل تجسيدًا لتحوّل في الوعي السياسي والاجتماعي. وهنا تجدر الإشارة إلى أن “الثورات لم تكن حدثًا منعزلًا، بل استجابة لفشل الدولة الوطنية في تقديم حد أدنى من التماسك الاجتماعي والعدالة الاقتصادية، وهي مرشحة للعودة ما لم تتغير المعادلات البنيوية”.
الفواعل الدولية: دور مُركّب لا يمكن تجاهله
تعيد ديناميات العلاقات الدولية تشكيل مصائر الثورات. الدعم الأمريكي للسيسي في مصر، والتدخل الروسي في سوريا، والسياسات الخليجية في ليبيا واليمن… كلها ليست مجرد أحداث متفرقة، بل تمظهرات لما يسمى بـ”إعادة التوازن الجيوسياسي في الشرق الأوسط”، حيث تحرص القوى الكبرى على تجنب التغيير الجذري خشية زعزعة مصالحها.
من منظور نظرية الواقعية السياسية ، تُفضل الدول الكبرى الحفاظ على “الوضع القائم” ، لا سيما في منطقة حيوية مثل الشرق الأوسط. أما من زاوية البنيوية العالمية ، فإن الهياكل الاقتصادية التبعية تُبقي هذه الدول في دائرة التبعية، وتمنع تشكل نخب وطنية قادرة على قيادة تحول مستقل.
التكنولوجيا والمراقبة… الثورة تحت المجهر الرقمي
في تطور لافت، تلعب تكنولوجيا المراقبة المدعومة غربيًا دورًا متزايدًا في احتواء الحركات الاحتجاجية. بحسب تقرير Freedom House لعام 2024، تم توثيق حالات استخدام الذكاء الاصطناعي للتعرف على الوجوه وتتبع الناشطين في أكثر من 13 دولة عربية، بدعم من شركات إسرائيلية وصينية وأمريكية . ما يؤكد أن الثورة لم تعد فقط معركة في الميدان، بل أيضًا في الفضاء السيبراني.
ثورات بلا نهاية، ومشهد دولي يعيد التدوير
الثورات العربية ليست لحظة وانقضت، بل سلسلة من التحولات المتجددة، تخبو ثم تشتعل. لكنها لا تتحرك في فراغ. فكل موجة جديدة تمر عبر مصفاة العلاقات الدولية: دعم، قمع، توجيه، مراقبة. والفاعل العربي، رغم كل شيء، ما يزال يبحث عن صوته الحقيقي وسط ضجيج الخارج.
مراجع تحليلية
1. Mark Lynch – The Arab Uprisings: The Unfinished Revolutions of the New Middle East (PublicAffairs)
2. Monica Marks – Foreign Policy: “The Arab Spring is Not Over” (2021)
3. Fawaz Gerges – Brookings Institution Analysis (2022)
4. Freedom House – Freedom on the Net 2024







