-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
د. محمد إبراهيم المدهون يكتب: يا ضفة يلا: نار الضم تلتهمكم
الضم تهديد وجودي لهوية الشعب الفلسطيني
د. محمد إبراهيم المدهون يكتب: يا ضفة يلا: نار الضم تلتهمكم
-
24 يوليو 2025, 1:15:32 م
-
424
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
يشكّل تصويت الكنيست الصهيوني على ضم الضفة الغربية وغور الأردن لحظة مفصلية في المشروع الصهيوني، تكشف انتقال الاحتلال من واقع ميداني إلى شرعنة قانونية تستهدف مأسسة نظام فصل عنصري دائم.
هذه الخطوة تمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتنسف ما تبقى من "حل الدولتين"، معلنةً الدخول في مرحلة تصفية شاملة للحقوق الفلسطينية. لا يقتصر الضم على هذا القانون، بل تشمل أدوات تشريعية متسارعة
، إذ طُرح أكثر من 25 مشروع قانون لضم الضفة، تمضي تدريجيًا نحو الإقرار، ضمن مسار قانوني زائف يُضفي على الاحتلال طابعًا "ديمقراطيًا". كذلك، تكشف خطوة نزع السيادة الفلسطينية عن الحرم الإبراهيمي ونقله للوصاية الإسرائيلية عن أبعاد استراتيجية أبعد: تثبيت التفوق الصهيوني في الأرض والرواية، وتطبيع السيطرة عبر أدوات دينية جديدة كـ"الديانة الإبراهيمية".
في سياق الضم، يعمل الاحتلال على تفكيك الضفة إلى معازل محاصرة، وفرض سيطرة مطلقة على المنطقة "ج"، عبر الاستيطان المكثف، والتهجير القسري تحت مسمى "الهجرة الطوعية"، كما يظهر في تفريغ الأغوار من سكانها الأصليين. بالتوازي، تتفاقم الانتهاكات بحق الفلسطينيين،
حيث وثّقت مؤسسات الأسرى اعتقال نحو 3850 شخصًا في النصف الأول من 2025، بينهم أطفال ونساء، في ظل سياسة تعذيب وتنكيل ممنهجة، ما يكرّس كارثة إنسانية واسعة.
هذا التحول ليس طارئًا، بل امتداد لمسار استعماري بدأ منذ 1967، وتغذيه عقيدة "أرض إسرائيل الكبرى"، التي تسعى لضم أكثر من 30% من أراضي الضفة، خصوصًا الأغوار والمستوطنات الكبرى، وتحويل الجغرافيا الفلسطينية إلى جزر سكانية محاصرة، تفقد الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير.
ورغم وضوح الانتهاكات، يكتفي المجتمع الدولي بإدانات لفظية، بينما يتراجع الموقف العربي حد خذلان الدماء والتآمر في حصار التجويع وحماية أمن دولة الاحتلال التي تفرض مشروعها، دون أي رادع حقيقي، مما يتطلب ردًا فلسطينيًا استراتيجيًا موحّدًا يعيد تعريف الصراع بوصفه معركة تحرر وطني لا نزاعًا حدوديًا.
مواجهة التهديد الوجودي اليوم تتطلب تكثيف أدوات المقاومة على غرار عملية الدهس اليوم بانطلاق الذئاب المنفردة، وشعبيًا عبر الانتفاضات والاحتجاجات؛ قانونيًا من خلال المحاكم الدولية؛ سياسيًا عبر تدويل القضية وعربيًا ببناء جبهة إقليمية موحدة. الضم ليس قضية ضياع أراضٍ فحسب، بل تهديد وجودي لهوية الشعب الفلسطيني، ومعركة تُدار على الأرض والذاكرة، تستوجب نضالًا طويل النفس، يُعيد الاعتبار لفلسطين كقضية تحرر وكرامة إنسانية في وجه استعمار لا يكتفي بالقتل، بل يسعى للمحو.








