د.رعد هادي جبارة يكتب: ترامب يريد أن يحكم العالم بمنطق الغابة وبأسلوب "يزيد" القائم على قطع الرؤوس

profile
د.رعد هادي جبارة الأمين العام للمجمع القرآني الدولي
  • clock 10 يوليو 2025, 10:19:07 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أحياناً، يحاول بعض المحللين و السياسيين أن يبرروا تهديدات الرئيس الأمريكي ترامب بقتل القائد الخامنئي زعيم الجمهورية الإسلامية بأعذار واهية، وحجج باطلة، وتبريرات سقيمة ما أنزل الله بها من سلطان.

فيقول بعضهم:
إن سبب التهديد بقتل القائد الخامنئي هو طول فترة الخلاف الإيراني _ الأمريكي منذ العام 1979 حتى الآن!

وبعضهم الآخر يقول:
إن المفاوضات الاخيرة التي خاضها الطرفان واستمرت لشهرين لم تؤدِّ إلى النتيجة التي كان يأملها ترامب، ولم تستجب إيران وقيادتها لمطالب أمريكا بإلغاء البرنامج النووي أو وقف التخصيب بالكامل!

بَيد أن هذه التبريرات غير صحيحة وغير مقنعة. فرغم طول فترة الخلافات السياسية بين إيران وأمريكا، لكنها لن تعطي الحق لأي رئيس أمريكي - حسب القوانين الدولية وحتى التعاليم المسيحية- أن يهدد أو ينفذ تهديده بقتل أي قائد أو رئيس إيراني أورئيس أي دولة أخرى تختلف معه، مهما طالت فترة الخلافات بين البلدين.

فعلى سبيل المثال:

إن الخلافات السوفيتية - الأمريكية والغربية استمرت لأكثر من قرن -منذ عام 1917- بعد انتصار الثورة الماركسية وتشكيل النظام الشيوعي، ولحد الآن ما زال الخلاف الروسي - الأمريكي والغربي مستمراً في معظم المجالات، رغم زوال الحكم الشيوعي وأفول الماركسية - اللينينية كعقيدة للحكم .

فهل حاول الرؤساء الأمريكان السابقون اغتيال الزعماء السوفييت أو التهديد بقتل أحد من الرؤساء الذين تعاقبوا على الحكم في موسكو بعد الثورة البلشفية منذ خروشوف وبريجنيف حتى غورباتشوف؟

الجواب: لا، لم يصرح أي رئيس أمريكي بمحاولة قتل أي رئيس أو زعيم سوفيتي ولم يهدد بذلك في وسائل الإعلام علناً.

ثم إن أمريكا كانت وما زالت تختلف مع عشرات الدول في العالم، فكم ينبغي أن تقتل منهم؟ بل هل يجوز لها أن تقتلهم جميعا؟!

أما الرد على الصنف الثاني من تبريرات تهديد ترامب بقتل القائد الخامنئي بعدم توصل  الوفدين المتفاوضين الإيراني والأمريكي إلى اتفاق بينهما خلال 60 يوماً فنقول:

كيف ولماذا حدد الرئيس الأمريكي فترة الـ 60 يوما فقط لإنهاء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق ثنائي؟ هل هو وحي منزَل عليه؟ ثم هل يفترض بالوفد الإيراني أن يقبل بمطالب غير قانونية وأمور باطلة وبنود مرفوضة واتفاق مفروض عليه؟ وهل يرضخ فقط لأن فترة الستين يوما ستنتهي ويغضب ترامب؟ وعلى أي أساس يوعز ترامب لنتن ياهو بقصف إيران ومحاولة قتل زعيمها؟! هل هذا منطق القانون الدولي الوضعي أم تعاليم الدين المسيحي؟

إن المفاوضات -أي  مفاوضات بين دولتين - قد تنتهي خلال فترة قصيرة أو طويلة، باتفاق يرضي البلدين المتفاوضين، وقد لا تنتهي بأي اتفاق سواء قصرت المدة أو طالت، لكن لا يحق لأي من البلدين أن يحدد فترة معينة للتفاوض ولا يحق لرئيس دولة أياً كانت أن تهدد بقتل زعيم البلد الآخر المتفاوض مع بلده، وقصف بيته أو مكتبه بسبب طول المفاوضات أو حتى فشلها. إلا إذا كان المهدد مجرد رئيس عصابة وليس رئيس دولة.

من أنت يا ترامب لكي تتجرأ وتهدد بقتل الزعيم الديني والقائد الإيراني، أو تباشر بعملية القتل عن طريق طائراتك الممنوحة للكيان المحتل ليقترف جريمة حرب بشعة مثلما فعلها سابقاً باغتيال زعماء حماس وحزب الله والجهاد الاسلامي وغيرهم؟

ثم هل إن خلافات أمريكا مع الصين وبنما وكندا واسبانیا وكورياالشمالية والفلبين وأفغانستان واليمن وروسيا وغيرها من الدول في أنحاء العالم تجيز له أن يقتلهم لو فشل التفاوض بين الوفد الامريكي وهذه الدول؟

من نافلة القول إن القيم والمبادئ الأمريكية تختلف عن قيم ومبادئ معظم الدول الأخرى، مما يؤدي إلى سوء فهم وخلافات شديدة وصراع ثقافي، وينحسر تأثير الثقافة الأمريكية على العالم بشكل كبير. ولهذا يرى البعض أن الثقافة الأمريكية الحالية تحاول أن تكون تجسيداً لشخصية رئيس طاغية شرس شره ذي طموحات بغير حق، وتؤثر سلباً على الاوضاع العالمية، مما يثير قلقاً دولياً من ممارسات القيادة الأمريكية.

إن ترامب يريد أن يحكم دولته ويحكم العالم بمنطق الغابة وبأسلوب "يزيد" القائم على قطع رؤوس معارضيه، وليس بموجب المواثيق والقوانين الدولية، ويجب على المنظمات العالمية المعنية والمحاكم الجنائية الدولية والجهات ذات العلاقة أن تضع حداً لتهوره وخرقه وسفاهته ومنطقه الأهوج ومنهجه الأعوج، ولابد من محاسبته وتقديمه للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب وتهديد الأمن والسلم الدوليين والاعتداء على سيادة دولة مستقلة والتهديد والشروع بقتل زعيمها، فضلاً عن عزله عن سدة الرئاسة التي اشتراها بأموال الملياردير ايلون ماسك وأمثاله، وبضغوط اللوبي الصهيوني فهو ليس أهلاً لموقع رئیس دولة بحجم الولايات المتحدة، مطلقاً، فعقليته قائمة على البلطجة والعنجهية والمصلحية والقتل العشوائي والانفلات من القانون وتحقيق الأرباح السريعة وتجاهل القوانين، حتى الأميركية نفسها.

وسنسلط الضوء على هذا الجانب أكثر، في القسم الثاني من المقال، إن شاءالله.
 
يتبع لاحقًا...


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)