-
℃ 11 تركيا
-
20 يونيو 2025
دراسة لمعهد MIT: أدوات الذكاء الاصطناعي تُضعف التفكير النقدي وتُضر بالتفاعل الدماغي
على رأسها ChatGPT
دراسة لمعهد MIT: أدوات الذكاء الاصطناعي تُضعف التفكير النقدي وتُضر بالتفاعل الدماغي
-
20 يونيو 2025, 1:42:04 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Chat GPT
كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عن تأثيرات سلبية لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها ChatGPT، على نشاط الدماغ البشري والتفكير النقدي، محذّرة من تداعيات بعيدة المدى، خاصة على الأطفال والطلاب. الدراسة التي تناولها تقرير مطوّل في مجلة تايم الأميركية، تشير إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى ضعف عصبي وسلوكي ولغوي لدى المستخدمين، الأمر الذي يثير قلقًا متزايدًا من إدخال هذه الأدوات في الأنظمة التعليمية دون تدقيق أو تنظيم.
تصميم التجربة: ثلاث مجموعات وكتابة مقالات
الدراسة شملت 54 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عامًا، وقُسّموا إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
المجموعة الأولى طُلب منها كتابة مقالات مستوحاة من اختبار SAT للالتحاق بالجامعات الأميركية باستخدام ChatGPT.
المجموعة الثانية استخدمت محرك بحث Google.
المجموعة الثالثة اعتمدت فقط على تفكيرها دون أدوات مساعدة.
ولم تُترك نتائج الأداء للتقدير الانطباعي فقط، بل تم قياس النشاط الدماغي باستخدام تقنيات تخطيط كهربية الدماغ EEG، لتحديد كيفية تفاعل أدمغة المشاركين أثناء الكتابة.
نتائج مقلقة: ChatGPT يُضعف التفاعل العصبي
أظهرت البيانات أن المجموعة التي استخدمت ChatGPT سجلت أدنى مستويات التفاعل العصبي من بين المجموعات الثلاث. الأداء كان "ضعيفًا باستمرار" على المستويات العصبية واللغوية والسلوكية، وفق التقرير. كما أظهر تخطيط الدماغ أن استخدام ChatGPT يقلل من التحكم التنفيذي والتركيز والانتباه، وهي عناصر أساسية للإبداع والمعالجة المعرفية.
بمرور الوقت، لاحظ الباحثون أن المستخدمين أصبحوا أقل انخراطًا فكريًا وأكثر اعتمادًا على النسخ واللصق، ما انعكس على جودة المقالات، التي أصبحت "متشابهة للغاية وتفتقر للفكر الأصيل"، بحسب تقييم اثنين من معلمي اللغة الإنجليزية الذين قرأوا الكتابات، واصفين إياها بأنها "بلا روح" إلى حد كبير.
خطر مضاعف على الأدمغة النامية
المؤلفة الرئيسية للدراسة، ناتاليا كوزمينا، وهي باحثة علمية في مختبر الوسائط التابع لـ MIT منذ عام 2021، أكدت أن الدافع وراء نشر النتائج قبل اجتيازها لمراجعة الأقران هو القلق العاجل من تأثيرات هذه الأدوات على الأطفال.
وقالت كوزمينا لمجلة تايم:
"أخشى أنه خلال ستة إلى ثمانية أشهر قد يتخذ صانع قرار ما خطوة بإدخال برامج GPT في رياض الأطفال... وأعتقد أن ذلك سيكون ضارًا للغاية، لأن الأدمغة النامية هي الأكثر عرضة للخطر".
رغم أن حجم العينة محدود، ولم تُنشر الدراسة رسميًا بعد، إلا أن الباحثين اعتبروا أن التنبيه المبكر أهم من الانتظار الطويل لمراجعة الأقران، خاصةً في ظل التوسع السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات التعليم والإعلام والعمل.
عندما يكتب الدماغ فقط: تفاعل عصبي أعلى وإبداع أوسع
في المقابل، أظهرت المجموعة التي استخدمت أدمغتها فقط دون أدوات أعلى مستويات التفاعل العصبي في مناطق الدماغ المسؤولة عن الإبداع، وتكوين الأفكار، والذاكرة، والمعالجة الدلالية.
المجموعة التي استخدمت محرك جوجل أظهرت كذلك نشاطًا ملحوظًا في وظائف الدماغ، ما يشير إلى أن استخدام أدوات البحث المعلوماتي، رغم دعمها الخارجي، لا يعطّل آليات التفكير العميق بنفس درجة أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
اختبار الإعادة: ذاكرة أقوى لمن استخدموا عقولهم
بعد الانتهاء من كتابة ثلاث مقالات، طُلب من جميع المشاركين إعادة كتابة أحد مقالاتهم. لكن هذه المرة، تم عكس الأدوار: من استخدم ChatGPT اضطر للكتابة بدونه، ومن استخدم عقله فقط سُمح له باستخدام الأداة.
المجموعة الأولى (مستخدمي ChatGPT سابقًا) عجزت عن تذكر الكثير مما كتبته، وأظهرت أدمغتهم موجات أضعف، ما يدل على أن عملية الكتابة السابقة لم تُسجَّل بعمق في الذاكرة.
تعلق كوزمينا على هذه النتائج بالقول:
"نعم، المهمة أُنجزت وكانت مريحة وفعالة، لكن لا شيء منها تم دمجه في شبكات الذاكرة... لقد تمت العملية على السطح فقط".
في المقابل، أظهرت مجموعة "الدماغ فقط" عندما استخدمت ChatGPT لاحقًا أداءً جيدًا، واتصالًا عصبيًا أفضل، ما يشير إلى أن الاستخدام المدروس والمعتدل للأدوات الذكية يمكن أن يُعزز التعلم بدلاً من أن يُضعفه.
الذكاء الاصطناعي يهدد الإبداع في المهن المعرفية أيضًا
كوزمينا أوضحت أن فريقها يعمل حاليًا على دراسة جديدة حول تأثير الذكاء الاصطناعي في مجال البرمجة وهندسة البرمجيات، ووصفت النتائج الأولية بأنها "أسوأ"، مضيفة أن بعض الشركات تخطط لاستبدال المبرمجين المبتدئين بأدوات ذكاء اصطناعي، دون إدراك أن هذا قد يُؤدي إلى تآكل المهارات الأساسية في التفكير النقدي وحل المشكلات والإبداع بين العاملين البشريين.
دعوة للتنظيم والتثقيف والاختبار
في ختام الدراسة، دعت كوزمينا إلى تنظيم تشريعي عاجل لطريقة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، قائلة:
"نحتاج إلى قوانين فعالة، ولكن أيضًا متزامنة مع التطور التكنولوجي، ونحتاج قبل كل شيء إلى اختبار هذه الأدوات بشكل دقيق قبل إدخالها في المدارس أو بيئات العمل."
وأكدت على أهمية التعليم التكنولوجي الواعي، وضرورة أن نفهم أن الدماغ البشري لا يمكن أن ينمو في بيئة اختزال ذهني دائم، وأنه لا غنى عن المجهود الذهني الحقيقي في التعلم والتطور.
الدراسة تفتح بابًا جديدًا على جدل عالمي يتصاعد بشأن دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم والعمل. وبينما توفّر هذه الأدوات فرصًا هائلة من حيث الوصول إلى المعرفة وتسريع الإنجاز، فإنها تحمل أيضًا مخاطر حقيقية على قدرات الإنسان الفكرية والعصبية، خاصة لدى الأجيال الشابة. فالتحدي الحقيقي لا يكمن فقط في تطوير التقنية، بل في كيفية توظيفها دون التضحية بما يجعلنا بشراً: التفكير، الإبداع، والتعلُّم الفعلي.










