جيش الاحتلال يشكل “فرقة جلعاد”: قراءة في الدلالات العسكرية والسياسية

profile
  • clock 10 سبتمبر 2025, 3:33:37 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

أعلنت وسائل إعلام عبرية أن جيش الاحتلال الإسرائيلي دشّن، يوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025، فرقة عسكرية جديدة تحمل اسم "فرقة جلعاد (96)"، وذلك خلال حفل أقيم عند "نصب البقاعا" في منطقة الأغوار. ووفق ما نشرته القناة السابعة العبرية على موقعها، فإن هذه الفرقة أُنشئت لتتولى ما تسميه إسرائيل "حماية الحدود الشرقية"، أي منطقة الأغوار والبحر الميت والحدود مع الأردن، وتضم تحت قيادتها لواء الأغوار والوديان (417) إلى جانب خمس كتائب من قوات الاحتياط التي أعيد استدعاؤها للخدمة. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن نحو 12 ألف جندي انضموا حتى الآن إلى التشكيل الجديد.

خلفية الإنشاء

الخطوة تأتي – بحسب الرواية الإسرائيلية – في إطار "بناء القوة العسكرية" الذي يواكب الحرب متعددة الجبهات التي يخوضها الاحتلال منذ أكتوبر 2023، بعد عملية "طوفان الأقصى". قادة الجيش الإسرائيلي الذين تحدثوا في الحفل، وفي مقدمتهم قائد المنطقة الوسطى أفي بلوط، اعتبروا أن إنشاء الفرقة هو "رد مباشر" على فشل الجيش في حماية المستوطنات في غلاف غزة يوم 7 أكتوبر، وأنه يمثل "تصحيحًا" للعقيدة الأمنية عبر تعزيز الجبهة الشرقية.

لكن القراءة المتأنية تكشف أن ما يجري ليس مجرد إعادة تنظيم عسكرية، بل هو انعكاس لقلق استراتيجي متصاعد داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من إمكانية انتقال المعركة إلى جبهة الأردن والأغوار، خاصة في ظل استمرار المقاومة في الضفة الغربية وتصاعد الضغوط الداخلية على حكومة بنيامين نتنياهو.

مبررات الاحتلال

قادة الجيش تحدثوا عن "رؤية مستقبلية" تفرض تعزيز قدرات المراقبة والرصد وبناء العوائق وتحسين "الفتاك" والقدرة على التحرك السريع، إلى جانب ما وصفوه بضرورة العودة إلى مفهوم "الأمة المجندة" عبر الاعتماد بشكل أكبر على قوات الاحتياط. وفي خطاباته، شدد القادة العسكريون على أن إقامة الفرقة تمثل "بشارة تاريخية للجيش والدولة"، في إشارة إلى أن الاحتلال يرى في هذه الخطوة مخرجًا من إخفاقاته السابقة.

من زاوية أخرى، اعتبر قائد الفرقة الجديدة، أورن سمحا، أن ولادة "جلعاد" بعد 46 عامًا من آخر مرة أُنشئت فيها فرقة جديدة داخل الجيش، تمثل "درسًا مباشرًا من كارثة 7 أكتوبر". وأكد أن جنود الاحتياط الذين يشكلون غالبية القوة هم "جيش الشعب" وأن وجودهم على الحدود الشرقية هو "تجسيد عملي للرؤية الصهيونية".

دلالات أعمق

الخطاب الإسرائيلي الذي رافق الإعلان لا يمكن فصله عن محاولات ترميم صورة الجيش بعد الانكسار الكبير في 7 أكتوبر، ولا عن هواجس الاحتلال من أن يتحول الأردن إلى ساحة ضغط أو ممر محتمل للمقاومة في أي مواجهة مقبلة. كما يعكس تأسيس الفرقة الجديدة نزعة إسرائيلية لإعادة توزيع القوات تحسبًا لانفجار جبهات إضافية، في ظل توسع الحرب نحو لبنان واستمرار استنزاف الاحتلال في غزة.

وبذلك، فإن إعلان "فرقة جلعاد" ليس مجرد خبر عسكري، بل هو تطور يكشف حجم التخوف الإسرائيلي من المستقبل، وإقرار غير مباشر بأن البنية الأمنية القائمة قبل 7 أكتوبر لم تعد كافية لحماية المشروع الاستيطاني أو ضمان استقرار الجبهة الشرقية.

التعليقات (0)