وثائق حكومية تفنّد مزاعم إسرائيل وتثير أسئلة حول "العملية الخاصة" لإيصال المساعدات

تقرير أمريكي سري يكشف: لا أدلة على استيلاء حماس على المساعدات الأمريكية في غزة

profile
  • clock 25 يوليو 2025, 12:05:32 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: رويترز

في صفعة صامتة للرواية الإسرائيلية–الأمريكية بشأن مصير المساعدات في غزة، كشفت وكالة "رويترز" أن تحليلًا داخليًا غير منشور أجرته وكالة التنمية الأمريكية (USAID) لم يعثر على أي دليل على أن حركة حماس قامت بسرقة منهجية للمساعدات الإنسانية الممولة من الولايات المتحدة، وذلك رغم تكرار تل أبيب وواشنطن لهذه الاتهامات لتبرير تدخل عسكري خاص في توزيع المعونات داخل القطاع.

التحقيق الذي أنجزه مكتب المساعدات الإنسانية (BHA) التابع للوكالة في نهاية يونيو الماضي، درس 156 حادثة سرقة أو فقدان للمساعدات أبلغت بها منظمات شريكة لواشنطن بين أكتوبر 2023 ومايو 2024. وبحسب عرض الشرائح الخاص بالنتائج والذي اطلعت عليه "رويترز"، فإن التحليل لم يسجّل أي تقارير تشير إلى استفادة حماس من هذه المساعدات.

الخارجية الأمريكية تنفي دون أدلة

وفيما رفضت وزارة الخارجية الأمريكية نتائج التقرير، مدعية وجود "أدلة مصوّرة" على استيلاء حماس على المساعدات، إلا أنها لم تقدّم أي مقاطع فيديو أو وثائق تدعم هذا الادعاء. بل ذهبت إلى حد اتهام منظمات الإغاثة التقليدية بـ"التغطية على الفساد في توزيع المساعدات"، وهو ما رفضته منظمات أممية عديدة.

وأكدت "رويترز" أن نتائج التحقيق تم مشاركتها مع مكتب المفتش العام في وكالة USAID، ومع مسؤولين في وزارة الخارجية معنيين بملف الشرق الأوسط، وذلك في وقت يتفاقم فيه النقص الحاد في الغذاء داخل قطاع غزة.

إسرائيل تدّعي الرقابة وحماس تنفي

بينما تؤكد إسرائيل أنها تسمح بدخول المساعدات الإنسانية ولكنها تشترط مراقبتها لمنع وصولها إلى "أيادي حماس"، يواصل الوضع الإنساني التدهور. إذ أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن ربع سكان غزة – أي نحو 500 ألف شخص – يعيشون ظروفًا أشبه بالمجاعة، فيما تسجل المستشفيات والهيئات الصحية وفيات يومية بسبب الجوع، من بينهم أطفال.

وتقدر الأمم المتحدة أن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من ألف فلسطيني أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات، خصوصًا في مواقع توزيع "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) – الكيان الخاص المدعوم أمريكيًا والذي تديره شركة لوجستية ربحية مرتبطة بعناصر سابقين في وكالة الاستخبارات الأمريكية والجيش الأمريكي.

الجيش الإسرائيلي متهم مباشرة

تشير وثائق التحليل إلى أن 44 حادثة من أصل 156 سُجلت ضمن فقدان أو سرقة المساعدات الأمريكية كانت نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لأعمال الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك غارات جوية أو أوامر بإخلاء مناطق كانت تنتشر فيها المساعدات. كما اتهم التقرير الجيش الإسرائيلي بإجبار منظمات الإغاثة على استخدام طرق توصيل شديدة الخطورة، رغم تحذيراتها.

ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على هذه النتائج عند سؤال "رويترز"، بينما واصل اتهام حماس بأنها تسيطر على المساعدات وتعيد بيعها بأسعار مضاعفة أو تحتفظ بها لمقاتليها. وهو ادعاء لا يزال بلا إثبات مادي علني حتى الآن.

دور GHF والاتهامات المتبادلة

تدافع مؤسسة GHF عن نموذجها القائم على التوزيع المباشر للمساعدات، وتتهم بدورها حماس بـ"الاستيلاء على كميات ضخمة من المعونات"، لكن منظمات أممية رفضت التعاون معها، مؤكدة أن المؤسسة تنتهك مبادئ الحياد والعدالة في العمل الإنساني. وتشير تقارير "رويترز" إلى أن الصحيفة لم تجد أدلة مستقلة تدعم رواية GHF.

في المقابل، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول أمني في حماس أن "أكثر من 800 عنصر من الشرطة والأجهزة الأمنية التابعين للحركة قُتلوا أثناء محاولتهم تأمين طرق قوافل الإغاثة"، مؤكدًا أن هذه العمليات كانت منسقة مع الأمم المتحدة.

تفاصيل دقيقة لتصنيف الحوادث

من بين 156 حادثة سرقة أو فقدان، نُسب 63 إلى فاعلين مجهولين، و35 إلى عناصر مسلحة، و25 إلى أفراد مدنيين، و11 إلى الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر، و11 إلى مقاولين فاسدين، و5 إلى موظفين في منظمات الإغاثة تورطوا في فساد، و6 إلى جهات غير معروفة. لكن التحقيق أكد في أحد الشرائح أن "مراجعة شاملة لجميع الحوادث لم تجد ارتباطًا بأي جماعة مصنفة كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة، بما في ذلك حماس".

وأشار التحليل إلى أن غالبية الحوادث وقعت أثناء نقل المساعدات، ولم يتم تحديد هوية الجهة التي قامت بالسرقة. كما رجّح أن المنظمات قد تبالغ في الإبلاغ عن سرقة المساعدات من قبل جماعات مصنفة كإرهابية، خوفًا من فقدان تمويل USAID.

احتمالات التلاعب السياسي

يقرّ التقرير بوجود احتمال أن تكون بعض المساعدات قد وصلت بشكل غير مباشر إلى موظفين إداريين في حكومة حماس، لكنه يؤكد أن هذه الاحتمالات لا تمثل دليلًا على "سرقة منهجية". كما أشار إلى أن موظفي BHA فقدوا إمكانية الوصول إلى الأنظمة السرية نتيجة تفكيك وكالة USAID بقرار من إدارة ترامب، وهو ما قد يكون عرقل وصولهم إلى تقارير استخباراتية سرية – إن وُجدت – حول سرقة المساعدات.

لكن مصدرًا مطلعًا على تقييمات الاستخبارات الأمريكية أخبر "رويترز" أنه لا يعرف أي تقارير استخباراتية أمريكية توثق سرقة حماس للمساعدات، وأن واشنطن اعتمدت بشكل كامل تقريبًا على ما تقدمه إسرائيل.

تساؤلات ملحّة عن "العملية الخاصة"

في ظل هذا التقرير الذي لم يُكشف عنه سابقًا، يتصاعد الجدل حول مدى صحة المزاعم التي استخدمت لتبرير إنشاء كيان توزيع خاص للمساعدات تديره أطراف أمنية وعسكرية أمريكية سابقة. وإذا كانت الرواية الرسمية خالية من أدلة حقيقية، فإن ذلك يضع علامات استفهام كبيرة حول مصداقية المنظومة الأمريكية–الإسرائيلية في إدارة الملف الإنساني في غزة، خاصة مع تصاعد عدد ضحايا الجوع والقصف في آنٍ معًا.

التعليقات (0)