أثر مجتمعي كارثي: انهيار الردع وانتشار السلاح

تصاعد غير مسبوق في جرائم القتل بالداخل الفلسطيني المحتل: سياسة إهمال أم أداة تفكيك اجتماعي؟

profile
  • clock 13 يوليو 2025, 2:13:51 م
  • eye 425
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن تصاعد لافت في جرائم القتل داخل المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني المحتل منذ بداية عام 2025، حيث سُجّلت 134 ضحية في 126 جريمة قتل خلال النصف الأول فقط من العام، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول الأسباب والخلفيات، لا سيما في ظل اتهامات موجهة لشرطة الاحتلال بالتقاعس المتعمّد.

جرائم القتل في الداخل: أزمة جنائية أم ظاهرة بنيوية؟

وفي هذا السياق، يؤكد الكاتب والمحلل المتخصص في الشأن الإسرائيلي، ياسر مناع، أن جرائم القتل المتصاعدة لم تعد تُعتبر مجرد قضايا جنائية عابرة، بل تحوّلت إلى ظاهرة بنيوية تهدد الأمن المجتمعي الفلسطيني في الداخل، وتمسّ استقراره الوجودي.

ويشير مناع في تصريحات صحفية" إلى أن تنظيمات إجرامية متورطة في شبكات لتهريب السلاح والابتزاز المالي، هي من تقف خلف هذه الجرائم، مستغلّة الفراغ الأمني والتهميش الاقتصادي في البلدات العربية.

تواطؤ أمني وصمت سياسي

الأخطر، بحسب مناع، لا يكمن فقط في وجود العصابات، بل في تغاضي شرطة الاحتلال وتقاعسها الواضح، حيث تُظهر المعطيات أن نسبة حلّ جرائم القتل في البلدات العربية متدنية جدًا مقارنةً بالمجتمع اليهودي، ما يُعزز الشعور بأن حياة الفلسطيني في الداخل لا تحظى بالأولوية لدى السلطات.

ويضيف: "هذا التلكؤ ليس عابرًا أو محايدًا، بل هو أداة سياسية غير مباشرة تستخدمها إسرائيل لإشغال المجتمع العربي بذاته، وإضعاف قدرته على المطالبة الجماعية بحقوقه المدنية والسياسية".

أثر مجتمعي كارثي: انهيار الردع وانتشار السلاح

ويُحذّر مناع من تداعيات خطيرة على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، تشمل:

تفكك الثقة المجتمعية.

تحوّل السلاح إلى أداة "مشروعة" لحل الخلافات.

انهيار منظومات الحل التقليدي كالردع العشائري والقضاء الأهلي.

انتشار التحصّن الطائفي والعشائري كبدائل عن القانون.

التسلّح الفردي.. بديل مفروض عن الأمن

أبرز ما يُشير إليه الهزيل هو أن الاحتلال سعى لخلق حالة دائمة من انعدام الأمن، تدفع الناس نحو التسلّح الشخصي، في ظل تغييب متعمد لمؤسسات الحماية والعدالة. كما تم تدمير القيادات المجتمعية التقليدية دون توفير بدائل تربط الأجيال، ما خلق جيلًا ممزقًا بين فقدان الماضي وانعدام أفق الحاضر.

بالأرقام: مسار تصاعدي خطير

تُظهر الإحصاءات أن عدد القتلى العرب في الداخل الفلسطيني آخذ في التزايد:

2017: 67 قتيلاً

2018: 58 قتيلاً (منهم 13 امرأة)

2019: 93 قتيلاً (بينهم 11 امرأة)

2020: 99 قتيلاً (منهم 16 امرأة)

2021: 127 قتيلاً

2022: 109 قتيلاً (بينهم 12 سيدة)

2023: 222 قتيلاً (أعلى حصيلة حتى الآن)

وبحسب جمعية "الشباب العرب – بلدنا"، فإن 58% من الضحايا عام 2022 كانوا شبانًا دون سن الثلاثين، ما يشير إلى استهداف مباشر لجيل المستقبل الفلسطيني في الداخل المحتل.

هل تتحول الجريمة إلى أداة سياسية؟

في ظل هذه الأرقام الصادمة والتقاعس الأمني المتعمّد، تبرز مخاوف حقيقية من أن تكون الجريمة المنظمة في الداخل الفلسطيني المحتل جزءًا من استراتيجية أوسع تستخدمها إسرائيل لتفتيت المجتمع العربي من الداخل، وتحويله إلى مجتمع منشغل بنفسه، فاقد للثقة، محاصر بالدم، ومقطوع عن قضاياه الوطنية.

التعليقات (0)