تسونامي الرفض الدولي يطوّق إسرائيل: من ملاعب أوروبا إلى فنادق السياحة

profile
  • clock 5 سبتمبر 2025, 1:32:50 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

وصفت صحيفة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر اليوم الجمعة 5 سبتمبر 2025 المشهد الدولي الراهن بأنه "أحد أحلك فصول القرن الحادي والعشرين"، في إشارة إلى ما اعتبرته موجة تسونامي سياسية تتصاعد ضد إسرائيل، جعلتها في حالة "دولة منبوذة" على الساحة العالمية. 

وأشارت الصحيفة إلى أن الانتقادات غير المسبوقة التي تتعرض لها تل أبيب منذ 7 أكتوبر 2023 آخذة في التصاعد مجددًا، إذ اتهمها الاتحاد الأوروبي للمرة الأولى صراحةً بارتكاب "إبادة جماعية"، فيما اتجهت بلجيكا إلى تبني الاعتراف بدولة فلسطينية على خطى فرنسا، بينما شنت إسبانيا هجومًا دبلوماسيًا على شركائها بسبب موقفهم من الحرب على غزة. 

وفي السياق نفسه، طالبت إيطاليا إسرائيل بتقديم إجابات واضحة حول الجرائم المرتكبة، حتى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبر أنّ استمرار الحرب يضر بمصالح إسرائيل، أما الإمارات فقد حذرت من أن اتفاقيات "إبراهيم" باتت مهددة بسبب تصرفات حكومة الاحتلال.

المقاطعة تضرب الفنادق والرياضة

لم تقتصر تداعيات الإبادة الجماعية في غزة على السياسة والدبلوماسية، بل امتدت لتطال حياة الإسرائيليين اليومية، حيث تصاعدت حركة المقاطعة العالمية بشكل واسع. فقد شملت مؤسسات اقتصادية وسياحية ورياضية، وبدأت فنادق أوروبية شهيرة برفض استقبال سياح من إسرائيل، بينما طالت المقاطعة أيضًا ملاعب كرة القدم والفعاليات الرياضية. 

وتوضح الصحيفة أنّ هذه الموجة الواسعة من الرفض تعكس التحول العالمي العميق تجاه الاحتلال منذ 7 أكتوبر، الأمر الذي بات يهدد ليس فقط سمعة إسرائيل بل مستقبل اندماجها في الاقتصاد العالمي.

أزمة فايسمان في ألمانيا

أحدث مثال على ذلك جاء من الدوري الألماني، حيث تراجع نادي فورتونا دوسلدورف عن التعاقد مع المهاجم الإسرائيلي شون فايسمان بسبب تصريحات له دعا فيها علنًا إلى إبادة الفلسطينيين. هذه الحادثة لم تكن استثناءً، بل امتدادًا لموجة مقاطعة متصاعدة للأندية والاتحادات الرياضية العربية والدولية التي باتت ترفض التعامل مع إسرائيل. 

ويشير مراقبون إلى أن هذه المقاطعة لا تقتصر على اللاعبين بل تمس المؤسسات الرياضية الإسرائيلية كلها، بما يهدد مواردها الاقتصادية ويعزلها عن الساحة الدولية.

كرة القدم الأوروبية تضيق الخناق

وفي تقرير آخر لصحيفة التايمز البريطانية، اتضح أن عددًا من الفرق الأوروبية تواصلت بالفعل مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" لمعرفة سبل تجنب مواجهة الأندية الإسرائيلية. ورغم نفي الاتحاد تلقيه طلبات رسمية، إلا أنّه أقر بوجود مخاوف متزايدة لدى إدارات الأندية والجماهير. وأشار التقرير إلى أن مشاركة مكابي تل أبيب في الدوري الأوروبي قد تواجه "تحديات كبيرة" مرتبطة بالسلامة العامة وإمكانية اندلاع مظاهرات غاضبة ضد إسرائيل. 

وفي السياق ذاته، كان رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ألكسندر تشيفرين قد فتح الباب أمام احتمالية استبعاد إسرائيل، وهو تصريح غير مسبوق على هذا المستوى. 

أما في إيطاليا، فقد دعت رابطة مدربي كرة القدم إلى تعليق عضوية إسرائيل دوليًا، فيما قرر الاتحاد النرويجي التبرع بعائدات مباراته القادمة ضد المنتخب الإسرائيلي لصالح غزة، ما شكل ضربة سياسية ومعنوية قوية للاحتلال.

شركة بوما تنهار تحت الضغط

لم يكن المشهد الرياضي وحده من يضيق على إسرائيل، بل وصل الضغط إلى كبرى الشركات العالمية. فقد أعلنت حركة المقاطعة (BDS) في نوفمبر 2024 أن شركة بوما الألمانية قررت إنهاء عقد رعايتها للاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بنهاية العام نفسه، بعد حملة مقاطعة دولية استمرت خمس سنوات. 

كشفت الحركة أن الشركة تكبدت خسائر جسيمة، حتى إن محاميها أقر بأن المقاطعة جعلت حياة "بوما" بائسة. وفضحت وثائق داخلية محاولات الشركة التلاعب بالمستثمرين وسفراء العلامة التجارية لإخفاء حقيقة تورطها مع الاحتلال.

طرد السياح الإسرائيليين من الفنادق

على المستوى السياحي، كشفت القناة 13 العبرية عن تصاعد غير مسبوق في رفض الفنادق الأوروبية استقبال السياح الإسرائيليين. ففي زيورخ بسويسرا ألغى فندق حجوزات عائلة إسرائيلية مبررًا ذلك برسالة صريحة: "شعبك سرق أرض الفلسطينيين ويتقدم مثل هتلر، أنت غير مرغوب بك في أي مكان بالعالم". 

وفي مدينة سالونيكي باليونان، ألغى فندق آخر حجوزات لعائلة إسرائيلية بدعوى "أسباب شخصية مرتبطة بالعاملين"، بينما في صربيا وجورجيا وصلت رسائل مباشرة للسياح مفادها: "نحن لا نستقبل الإسرائيليين".

عجز إسرائيلي وتصاعد العزلة

أمام هذه الموجة العالمية المتصاعدة، اتهمت وسائل الإعلام العبرية الدول الأوروبية بـ"معاداة السامية"، لكنها أقرت أن شركات كـ"بوكينغ" ستقوم بشطب الفنادق الرافضة، دون أن يتمكن السياح الإسرائيليون من استعادة أموالهم. 

ومع ذلك، تزداد التوقعات داخل إسرائيل بأن هذه الظاهرة ستتوسع أكثر، خاصة أن وزارة الخارجية الإسرائيلية وجهت تحذيرات لرعاياها بعدم الإفصاح عن هويتهم في الخارج لتجنب المواقف العدائية. وبذلك تبدو إسرائيل عالقة في عزلة عالمية خانقة، إذ تواجه في وقت واحد اتهامات بالإبادة الجماعية، وضغوط سياسية متصاعدة، ومقاطعة اقتصادية وسياحية ورياضية تهدد مستقبلها ككيان مقبول على الساحة الدولية.

التعليقات (0)