-
℃ 11 تركيا
-
23 أغسطس 2025
تحقيق صادم لـ"الجارديان": 83% من شهداء الحرب على غزة مدنيون
تحقيق صادم لـ"الجارديان": 83% من شهداء الحرب على غزة مدنيون
-
22 أغسطس 2025, 10:27:49 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رجل يحتضن جثة ميلا، البالغة من العمر عامين، التي قُتلت مع شقيقها الرضيع محمد، في عدوان إسرائيلي على مخيم النصيرات في أغسطس 2024. الأناضول
متابعة: عمرو المصري
كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، نقلا عن بيانات سرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، أن خمسة من كل ستة فلسطينيين استشهدوا في غزة على يد القوات الإسرائيلية هم مدنيون، وهي نسبة استثنائية من القتل لم يسبق لها مثيل تقريبًا في العقود الأخيرة من الحروب.
وحتى مايو الماضي، بعد مرور 19 شهرًا على الحرب، أدرجت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية 8,900 من مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني كـ"قتلى" أو "من المرجح أنهم قتلوا"، وفق تحقيق مشترك أجرته صحيفة الجارديان مع مجلة +972 الناطقة بالإنجليزية والموجهة للقارئ الإسرائيلي والفلسطيني، ووسيلة الإعلام العبرية Local Call.
حصيلة الشهداء الإجمالية
في الوقت نفسه، بلغ إجمالي الشهداء الفلسطينيين 53,000 شخص حسب وزارة الصحة في غزة، شملت هذه الحصيلة المقاتلين والمدنيين. ويشكل المقاتلون المذكورون في قاعدة بيانات جيش الاحتلال 17% فقط من إجمالي الشهداء، ما يعني أن 83% من الشهداء كانوا مدنيين.
وتعتبر هذه النسبة عالية جدًا بالنسبة للحروب الحديثة، حتى مقارنة بصراعات مشهورة بالقتل العشوائي مثل الحروب الأهلية في سوريا والسودان.
مقارنات عالمية
وقالت ثيريز بيترسون من برنامج بيانات النزاع في أوبسالا، "هذه النسبة من المدنيين بين القتلى غير معتادة، خصوصًا لأنها مستمرة لفترة طويلة. إذا ركزت على مدينة أو معركة معينة في صراع آخر، يمكنك إيجاد نسب مشابهة، لكنها نادرًا ما تظهر على مستوى كامل الصراع".

تقدير معدل الوفيات بين المدنيين في صراعات مختارة - الجارديان
وأضافت أن المدنيين شكلوا نسبة أكبر من القتلى في صراعات محدودة مثل مجزرة سريبرينيتسا، الإبادة الجماعية في رواندا، وحصار ماريوبول الروسي في 2022، لكن ليس في الحروب الشاملة الأخرى.
اتهامات بالإبادة الجماعية
يرى العديد من خبراء الإبادة الجماعية والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان، بينهم أكاديميون إسرائيليون، أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، مشيرين إلى القتل الجماعي للمدنيين واستخدام التجويع كسلاح.
ولم تنكر القوات الإسرائيلية وجود قاعدة البيانات أو صحة أرقام قتلى حماس والجهاد الإسلامي عندما تواصلت معها وسائل الإعلام Local Call و+972، بينما اكتفت الجارديان ببيان قصير لم يعلق مباشرة على الأسئلة المتعلقة بالبيانات، وقالت فيه إن "الأرقام الواردة في المقال غير صحيحة"، دون توضيح أي بيانات تحددها.
محتويات قاعدة البيانات
تضم قاعدة البيانات أسماء 47,653 فلسطينيًا يُعتبرون ناشطين في الأجنحة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي، بناءً على مستندات داخلية تم الاستيلاء عليها في غزة، ولم يتم التحقق منها من قبل الجارديان.
وأكدت مصادر استخباراتية مطلعة أن الجيش يعتبر هذه البيانات التقدير الرسمي الوحيد لعدد المقاتلين القتلى، ويعتمد أيضًا على إحصائيات وزارة الصحة في غزة، رغم أن السياسيين الإسرائيليين يرفضون هذه الأرقام غالبًا باعتبارها "دعاية".
تقديرات متفاوتة
قد تقلل كل من قاعدة البيانات ووزارة الصحة في غزة من الأرقام الحقيقية، إذ تشمل وزارة الصحة فقط من تم انتشال جثثهم، وليس الآلاف المدفونين تحت الأنقاض، كما أن الاستخبارات العسكرية لا تعرف جميع قتلى المقاتلين أو المجندين الجدد.

استشهد أكثر من 62 ألف شخص في غزة منذ أكتوبر 2023. بلغ إجمالي الشهداء والإصابات المسجلة نتيجة مباشرة للعدوان الإسرائيلي آلافًا - الجارديان
وفي المقابل، وضع سياسيون وعسكريون إسرائيليون أرقامًا أعلى، تصل أحيانًا إلى 20,000 مقاتل، أو نسب قتلى مدنيين إلى مقاتلين تصل إلى 1:1، ربما تشمل مدنيين مرتبطين بحماس مثل إداريي الحكومة والشرطة، رغم أن القانون الدولي يمنع استهداف غير المشاركين في القتال.
تضليل وتهويل
وقال مصدر استخباراتي مرافق للقوات على الأرض، "يُرفع الناس إلى مرتبة إرهابي بعد وفاتهم. لو استمعت للفرقة، كنت سأستنتج أننا قتلنا 200% من عناصر حماس في المنطقة".
وأضاف الجنرال المتقاعد إسحاق بريك أن الجنود كانوا يدركون أن السياسيين يبالغون في أرقام قتلى حماس، مؤكدًا أن غالبية القتلى المسجلين في قواعد البيانات كانوا مدنيين.
استمرار الإجرام الإسرائيلي
على الرغم من أن معظم غزة أصبحت خرابًا ومئات الآلاف قتلوا، إلا أن قاعدة البيانات السرية تسجل نحو 40,000 شخص يعتبرهم الجيش ما زالوا مقاتلين. وأشار المحلل الفلسطيني محمد شحادة إلى أن التقديرات من أعضاء حماس والجهاد تشير إلى أن المسؤولين الإسرائيليين يبالغون عمدًا في الأرقام لتبرير عملياتهم التكتيكية.
كما زادت نسبة الشهداء المدنيين منذ مايو، بعد محاولات إسرائيل استبدال الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التي كانت تقدم الغذاء للفلسطينيين طوال الحرب. وقد قتل مئات الأشخاص أثناء محاولتهم الحصول على الطعام من مراكز التوزيع في مناطق استبعاد عسكرية.
طبيعة الصراع
وقالت ماري كالدور، الأستاذة الفخرية في كلية لندن للاقتصاد ومديرة برنامج أبحاث الصراع ومؤلفة كتاب "الحروب الجديدة"، وهو كتاب مؤثر حول الحرب في حقبة ما بعد الحرب الباردة، إن حجم القتل يعود جزئيًا لطبيعة الصراع، إذ أن القانون الدولي الإنساني صُمم لحماية المدنيين في الحروب التقليدية بين دول متقابلة.
وأضافت أن إسرائيل تقاتل مقاتلي حماس في مدن مكتظة بالسكان، وتطبق قواعد إطلاق نار تسمح بقتل أعداد كبيرة من المدنيين حتى عند استهداف مقاتلين ذوي رتبة منخفضة، واصفة العمليات بأنها "حملة اغتيالات مستهدفة أكثر من كونها معارك".
المقارنة مع حروب أخرى
أوضحت كالدور أن نسبة المدنيين بين الشهداء في غزة تشبه إلى حد كبير النزاعات الأخيرة في السودان واليمن وأوغندا وسوريا، حيث استُهدف المدنيون بشكل كبير،
وقالت: "هذه الحروب حيث تسعى الجماعات المسلحة لتجنب المعارك المباشرة، وترغب في السيطرة على الأراضي عن طريق قتل المدنيين، وربما نفس الأمر ينطبق على إسرائيل، وهو نموذج حرب للسيطرة على السكان والأرض، مع احتمال أن يكون الهدف دائمًا هو التهجير القسري".
المبرر الإسرائيلي وخطاب التحريض
تقول الحكومة الإسرائيلية إن الحرب هي دفاع عن النفس بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023 التي أودت بحياة 1,200 شخص. لكن القادة السياسيين والعسكريين يستخدمون خطابات إبادة جماعية.
فقد قال الجنرال الذي قاد الاستخبارات العسكرية عند بدء الحرب إنه يجب إعدام 50 فلسطينيًا مقابل كل قتيل في ذلك اليوم، مضيفًا أنه "لا يهم الآن إن كانوا أطفالًا". وقال أهارون حاليفا، الذي تنحى عن منصبه في أبريل 2024، في تسجيلات بُثت على التلفزيون الإسرائيلي هذا الشهر، إن القتل الجماعي في غزة "ضروري" كـ"رسالة إلى الأجيال القادمة" من الفلسطينيين..
شهادات الجنود
شهادات العديد من الجنود الإسرائيليين تؤكد أن كل الفلسطينيين في غزة يُعاملون كأهداف. وأحد الجنود في رفح قال إن وحدته رسمت "خطًا وهميًا" في الرمال وأطلقت النار على أي شخص يتجاوزه، بما في ذلك مرتين على أطفال ومرّة على امرأة.
وأضاف: "أطلقنا النار للقتل، وليس للتحذير. لم يهدف أحد لرجل أحدهم".
انتهاك معايير حماية المدنيين
قالت نيتا كروفورد، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد والمؤسسة المشاركة لمشروع تكاليف الحرب، إن التكتيكات الإسرائيلية تمثل تخليا "مثيرا للقلق" عن عقود من الممارسات التي تم تطويرها لحماية المدنيين.
في سبعينيات القرن الماضي، أجبر الاشمئزاز العام من المجازر الأمريكية في فيتنام الجيوش الغربية على تغيير أسلوب قتالها. وأوضحت أن السياسات الجديدة نُفِّذت بشكل غير كامل، لكنها عكست تركيزًا على الحد من إلحاق الأذى بالمدنيين، وهو ما لم يعد جزءًا من حسابات الجيش الإسرائيلي.
يزعمون أنهم يستخدمون نفس الإجراءات المتبعة في دول مثل الولايات المتحدة لتقدير الخسائر المدنية والتخفيف من آثارها. لكن بالنظر إلى معدلات الخسائر هذه، وممارساتهم في القصف وتدمير البنية التحتية المدنية، يتضح أنهم لا يفعلون ذلك.









