-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
بلير حذّر بوش من غزو العراق: قد نخسر الحكم في لندن!
بلير حذّر بوش من غزو العراق: قد نخسر الحكم في لندن!
-
22 يوليو 2025, 1:22:57 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ديفيد مانينغ مع توني بلير وكوندوليزا رايس وجورج دبليو بوش في كامب ديفيد عام 2002 "أ ف ب"
متابعة: عمرو المصري
كشفت وثائق بريطانية سُرّبت مؤخراً أن رئيس الوزراء الأسبق توني بلير حذّر الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عام 2003 من أن أي غزو أمريكي للعراق دون قرار ثانٍ من مجلس الأمن قد يكلّفه رئاسة الحكومة في لندن. الوثائق، التي نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية، تضمنت ملاحظات ومراسلات سرية أبرزها ما أرسله ديفيد مانينغ، مستشار بلير للسياسة الخارجية، إلى مستشارة الأمن القومي الأمريكي آنذاك كوندوليزا رايس، حيث حذّر من أن “سعي بوش لتغيير النظام في بغداد قد يؤدي إلى تغيير النظام في لندن أيضاً”.
التحذيرات البريطانية جاءت في سياق زيارة مرتقبة لبلير إلى كامب ديفيد للقاء بوش في 31 يناير 2003، أي قبل أقل من شهرين على بدء الغزو الأمريكي. وبحسب الوثائق، فقد اعتبر بلير أن استصدار قرار أممي جديد “ضرورة سياسية وقانونية” لتأمين دعم الرأي العام البريطاني وحماية حكومته من السقوط.
بلير محاصر داخلياً
الوثائق أظهرت قلقاً شديداً داخل الحكومة البريطانية من تجاوز مجلس الأمن، وهو ما رأت فيه القيادة البريطانية تهديداً مباشراً لمكانة بلير السياسية. ففي مذكرة مصنفة بـ"سرّية – شخصية وحساسة للغاية" بتاريخ 29 يناير 2003، أشار مانينغ إلى أن تجاوز الأمم المتحدة قد يُفقد بلير دعم البرلمان ومجلس الوزراء ويضعه في مواجهة حتمية مع خصومه السياسيين، إلى حد أن يُجبر على الاستقالة.
في ذات المذكرة، أبلغ مانينغ رئيسه بأن بوش لا يرى في القرار الأممي الثاني شرطاً ضرورياً، نظراً إلى أنه يمتلك تفويضاً من الكونغرس الأمريكي، لكنه شدد على أن الوضع في بريطانيا "مختلف تماماً". أما رايس، فردّت على هذا التباين بتشبيه الوضع بلعبة البوكر، قائلة: "عندما تحين لحظة الحسم، على الجميع كشف أوراقهم"، فردّ مانينغ بأن "بوش يستطيع أن يراهن، أما بلير فقد يُضطر لمغادرة الطاولة تماماً".
واشنطن تفقد صبرها
الوثائق السرية تبيّن أيضاً أن الولايات المتحدة بدأت تتململ من معارضة فرنسا وروسيا، الدولتين الدائمتين في مجلس الأمن واللتين هددتا باستخدام الفيتو، خصوصاً مع عجز المفتشين الدوليين عن العثور على أدلة على امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وهو المبرر الرسمي للحرب. في هذا السياق، عبّر السفير البريطاني لدى واشنطن كريستوفر ماير عن قلقه من انسداد المسار الدبلوماسي بعد خطاب بوش أمام الكونغرس في يناير 2003، والذي وصفه ماير بأنه “أغلق الباب أمام أي مناورة سياسية”، مشيراً إلى أن بوش أصبح مقتنعاً بأنه لا تراجع إلا "باستسلام صدام أو اختفائه من المشهد".
ماير أضاف أيضاً في برقية منفصلة أن رؤية بوش للعالم كانت “مانوية” تقوم على تقسيم العالم إلى قوى خير وشر، وأن خطابه يحمل بعداً دينياً تبشيرياً “لتطهير العالم من الأشرار”، على حد وصفه.
تجاهل التحذيرات.. وتوقع الفوضى
من أخطر ما كشفته الوثائق أيضاً، تلك المذكرة الصادرة عن وزارة الدفاع البريطانية، والتي حذّرت بوضوح من أن إضعاف قبضة صدام حسين على العراق سيؤدي إلى موجات عنف داخلي غير مسبوقة. هذا التحذير، وغيره، تم تجاهله لاحقاً من قبل بلير، رغم وضوح المؤشرات.
وبعد سنوات، أكّد تقرير لجنة تشيلكوت البريطانية صحة هذه المخاوف، ووجه انتقادات لاذعة إلى بلير بسبب تجاهله التقييمات السياسية والأمنية التي حذّرته من الفوضى التي ستلي الغزو. التقرير أشار إلى أن الانهيار الأمني الذي ضرب العراق بعد إسقاط النظام لم يكن مفاجئاً أو غير متوقع كما ادعى بلير، بل كان نتيجة طبيعية لقرار سياسي متسرع وغير محسوب.










