-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
موظفون في معهد توني بلير شاركوا في مشروع ترامب «ريفيرا غزة»
موظفون في معهد توني بلير شاركوا في مشروع ترامب «ريفيرا غزة»
-
7 يوليو 2025, 2:25:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في تقرير يكشف حجم التواطؤ الغربي مع مشاريع الاحتلال الإسرائيلي ما بعد الحرب، أفادت صحيفة فايننشال تايمز أن موظفين في "معهد توني بلير"، وهو مؤسسة غير ربحية أنشأها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق عام 2016، شاركوا في مناقشات وتخطيط أولي لمشروع يحمل اسم "ترامب ريفييرا"، هدفه تحويل غزة إلى منطقة اقتصادية وتجارية حديثة عبر استبدال سكانها بمستثمرين، في خطوة تهدف إلى محو الوجود الفلسطيني.
مخطط استيطاني مقنّع
المخطط، الذي قاده رجال أعمال إسرائيليون، استند إلى نماذج مالية طُورت داخل شركة "مجموعة بوسطن الاستشارية" (BCG)، وظهر في عرض تقديمي بعنوان "الصندوق الكبير – The Great Trust". ويتضمن المشروع تصوّراً لغزة كمنطقة اقتصادية متكاملة تضم جزرًا صناعية، وميناءً عميق المياه، وممرًا اقتصاديًا يربط الهند بالمتوسط، إضافة إلى مناطق اقتصادية منخفضة الضرائب، بل واقتراحًا صريحًا بدفع تعويضات لنحو نصف مليون فلسطيني لمغادرة القطاع مقابل جلب مستثمرين دوليين.
ويُظهر تقرير فايننشال تايمز أن موظفين اثنين من معهد بلير لم يشاركوا في كتابة العرض التقديمي النهائي، لكنهم كانوا ضمن مجموعة محادثة ضمت 12 شخصًا، بينهم مستشارون من BCG ورجال أعمال إسرائيليون، شاركوا في مناقشات هاتفية ومراسلات حول تطوير المشروع.
إعادة "بناء غزة" كفرصة تاريخية
من بين ما تم تداوله داخل تلك المجموعة، وثيقة مطولة كتبها أحد موظفي معهد بلير، بعنوان "خطة غزة الاقتصادية"، تتحدث عن إعادة إعمار غزة من الصفر واعتبار الحرب الإسرائيلية المدمرة بمثابة "فرصة لا تتكرر إلا مرة كل قرن لبناء مجتمع مزدهر وآمن وحديث"، حسب نص الوثيقة.
وتتضمن هذه الوثيقة التي أعدّها موظف في المعهد تصورًا لمشروع "ريفيرا غزة" يضم جزرًا اصطناعية ومبادرات تجارية تعتمد على تقنيات البلوك تشين، وهي رؤية تتلاقى في بعض جوانبها مع عرض رجال الأعمال الإسرائيليين رغم أن الوثيقة لا تتطرق إلى فكرة تهجير الفلسطينيين.
إنكار ومراوغة من مؤسسة بلير
في البداية، أنكرت مؤسسة توني بلير تمامًا أي علاقة لها بالمشروع، وأكد متحدث باسمها للصحيفة: "قصتكم غير صحيحة على الإطلاق... المعهد لم يشارك في إعداد العرض المقدم، ولم يساهم بأي محتوى فيه". لكن بعد إطلاعها على أدلة مشاركة موظفين اثنين من المؤسسة في مجموعات الرسائل والمناقشات، أقرت المؤسسة بأن موظفيها كانوا على علم بالنقاشات، لكنها أصرت على أنهم كانوا في "وضعية استماع" فقط، وأن الوثيقة الداخلية لم تُقدم رسميًا لفريق المشروع، ولم تُستخدم كأساس في إعداد العرض النهائي.
وقال المتحدث: "من الخطأ الادعاء بأننا كنا نعمل مع هذه المجموعة لإعداد خطة غزة الخاصة بها"، مضيفًا أن المؤسسة لم تؤيد ولم تطور أي خطة تتضمن تهجير الفلسطينيين، وأن توني بلير نفسه لطالما دعم تحسين ظروف الحياة في غزة منذ أكثر من عقدين.
دور مظلل لـBCG ومؤسسة GHF
شركة BCG من جهتها، أنكرت أي صلة رسمية بالمشروع، وأوضحت أن العمل الذي شارك فيه أحد شركائها "تم خارج أي نطاق مصرح به من الشركة وبصورة سرية"، مضيفة: "نحن نرفض هذا العمل تمامًا، وقد أنهينا علاقتنا بسرعة مع الشريكين المتورطين فيه".
اللافت أن بعض رجال الأعمال الإسرائيليين الذين أعدوا عرض "ترامب ريفييرا" سبق أن ساعدوا أيضًا في تأسيس "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، وهي خطة مساعدات جديدة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، أثارت موجة غضب في الأوساط الإنسانية.
وقد طالبت أكثر من 130 منظمة، من بينها أوكسفام ومنظمة العفو الدولية وإنقاذ الطفولة، بإغلاق فوري لمؤسسة GHF، متهمة إياها بالتواطؤ في هجمات الاحتلال على الفلسطينيين الجائعين في غزة. ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 600 فلسطيني على يد قوات الاحتلال في مواقع توزيع المساعدات التابعة لـGHF أو قربها.
بيع غزة على الورق: رمزية التوكنز الرقمية
توضح تفاصيل المشروع أن المخططين أرادوا وضع كل الأراضي العامة في غزة داخل "صندوق استثماري" يتم بيع أصوله للمستثمرين عبر رموز رقمية قابلة للتداول على شبكات البلوك تشين، وهو ما يكشف عن نية واضحة لتحويل غزة إلى مشروع استثماري ضخم بلا سكانها الأصليين.
وتشير الصحيفة إلى أن العرض التقديمي أُعد خصيصًا ليجذب انتباه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ودول الخليج التي قد تكون مستعدة لتمويل هذا النوع من المشاريع، في محاولة لتسويق المشروع كامتداد لرؤية ترامب في الشرق الأوسط.
التفاف سياسي واقتصادي على القضية الفلسطينية
يفضح هذا المشروع كيف تتداخل شبكات المال والنفوذ والسياسة في محاولات هندسة الواقع الفلسطيني خدمةً للاحتلال، وكيف يسعى الغرب، عبر واجهات "غير ربحية" واستشارات اقتصادية، إلى تطبيع فكرة اقتلاع الفلسطينيين وإحلال مشاريع تجارية مكانهم، تحت مسميات "إعادة الإعمار" و"الفرص الاقتصادية".
الوثائق التي كشفت عنها فايننشال تايمز، رغم النفي المتأخر من الأطراف المتورطة، تقدم دليلًا إضافيًا على أن إسرائيل لا تكتفي بشن حرب مدمرة على غزة، بل تسعى لتحويل نتائج هذه الحرب إلى أدوات هيمنة ونهب، بمباركة ومساهمة أطراف غربية كان يفترض أن تكون وسيطة لا شريكة في الجريمة.








