العدوان الإسرائيلي على إيران: من هو العدو في الوعي العربي؟

profile
  • clock 21 يونيو 2025, 6:28:52 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
العدوان على إيران

مع تصاعد التوترات الإقليمية، جاء العدوان الإسرائيلي على إيران ليعيد إشعال جدل عميق في الشارع العربي حول سؤال محوري: "من هو العدو؟" هذا التساؤل لم يأتِ من فراغ، بل يعكس أزمة فكرية ودينية متجذرة في بنية المجتمعات العربية، تتجاوز مجرد الخلافات السياسية إلى عمق الهوية والانتماء.

انقسام المواقف... بين دعم ومواجهة

بينما يعتبر بعض العرب أن إيران تشكّل حائط صد في وجه المشروع الصهيوني، ويرون في استهدافها خدمًة لإسرائيل، يراها آخرون دولة توسعية وطائفية، متورطة في صراعات إقليمية دموية في سوريا واليمن والعراق. هذا التناقض يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل لا تزال فلسطين تمثل مركز الصراع العربي؟ أم أن المصالح والتحالفات الإقليمية غيّرت خارطة الأولويات؟

التوترات المذهبية... خلفية الانقسام

يرى مروان الفاعوري، الأمين العام لـ"المنتدى العالمي للوسطية"، أن موقف الشارع العربي من العدوان يعكس التوترات الأيديولوجية والطائفية والسياسية. فبينما تدين الشعوب المؤمنة بمركزية القضية الفلسطينية هذا العدوان، هناك من عبّر عن ارتياحه لضرب إيران، بدافع طائفي أو كرد فعل على تدخلاتها الإقليمية.

ويحذر الفاعوري من أن هذه الأصوات تخدم مصالح القوى الغربية والاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن الواجب يحتم التوحد في مواجهة الخطر الصهيوني.

إعادة ضبط البوصلة... أولوية نضالية

من جهته، يشير الباحث في العلاقات الدولية عبدالرحمن الفرّا إلى أن التدخل الإيراني في سوريا أسهم في تغييب العدو المركزي عن بوصلة الوعي العربي. ومع ذلك، يدعو إلى إعادة ترتيب الأولويات وتحديد العدو الحقيقي، مشددًا على أن الصراع مع إسرائيل لا يزال قائمًا على المستويات كافة: الفكرية والسياسية والدينية.

المؤسسات الدينية... بين الحياد والانحياز

الكاتب بسام ناصر يرى أن المؤسسات الدينية الرسمية تقف غالبًا موقفًا سلبيًا وحياديًا، كونها أداة بيد الأنظمة السياسية. ويؤكد أن موقفها من العدوان الإسرائيلي يتبع موقف الدول، وليس قائمًا على اجتهاد شرعي مستقل.

انقسام داخل الطيف السنّي

الموقف من إيران لم يقتصر على الانقسام المذهبي، بل شمل حتى الحركات الإسلامية السنّية. فعلى سبيل المثال، أثارت رسالة بعث بها القائم بأعمال مرشد الإخوان المسلمين في مصر إلى المرشد الإيراني جدلاً واسعًا، خاصة بعد تبرؤ إخوان سوريا منها، واتهام إيران باتباع مشروع دموي طائفي.

هذا التباين يعكس أزمة أعمق قد تهدد وحدة هذه الحركات، وتفتح الباب لمراجعات فكرية داخلية تتعلق بتحديد العدو وأولويات الصراع.

الجماهير العربية... وعي لا ينطفئ

رغم الانقسامات، يرى ناصر أن الجماهير العربية لا تزال تعتبر إسرائيل العدو الأول. ويعتقد أن العدوان على إيران ربما يعيد بعض الاعتبار لها في وجدان الشعوب، ويؤدي إلى إعادة النظر في روايات طائفية غذّتها مؤسسات رسمية لعقود.

رأي الشارع... حيرة ومواقف متباينة

منصات التواصل الاجتماعي ضجّت بآراء رجال دين حول العدوان، بعضها يبرر وبعضها يدين، مما خلق حالة من الحيرة لدى المتلقين. لكنّ أكاديميًا في كلية شريعة أردنية شدد على أن الموقف لا يحتاج فتوى، فـ"العدو واضح وعدوانه أشد وضوحًا"، بحسب تعبيره.

عملية "الأسد الصاعد"... تصعيد خطير

وفي فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو الجاري، شنت إسرائيل هجومًا واسعًا على إيران بدعم أمريكي، تحت مسمى "الأسد الصاعد". استهدفت العملية منشآت نووية وعسكرية، واغتالت قادة بارزين، ما دفع إيران للرد بسلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة، مخلفة عشرات القتلى والجرحى.

العدو لا يزال واضحًا

يبقى العدو الإسرائيلي هو التهديد الحقيقي للمنطقة، رغم محاولات حرف البوصلة. وقد يكون هذا العدوان فرصة لإعادة ضبط الأولويات والتفكير الجماعي في سبل المواجهة، بعيدًا عن الاستقطابات المذهبية والسياسية.

التعليقات (0)