-
℃ 11 تركيا
-
21 يونيو 2025
الشق الاستخباري في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية
الشق الاستخباري في الحرب الإيرانية – الإسرائيلية
-
21 يونيو 2025, 6:45:19 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
إيران وإسرائيل
تحليل عسكري واستخباري – رامي أبو زبيدة
في قلب الحرب المتصاعدة بين إيران والكيان الإسرائيلي، لا تُقاس المعركة فقط بالصواريخ التي تُطلق أو الأهداف التي تُقصف، بل هناك جبهة خفية وأكثر حساسية تُدار بصمت: جبهة الاستخبارات.
هذه الجبهة التي يُصاغ فيها النصر أو تُزرع فيها الهزيمة قبل أن يصل أي طيار إلى هدفه أو يُفعل أي صاروخ مداه.
أولاً: البعد الاستخباري في عقيدة الحرب الإسرائيلية
إسرائيل تعتبر الاستخبارات حجر الزاوية في كل عملياتها. وعلى مدى سنوات، بنت شبكة استخبارات متقدمة ومتشعبة تشمل:
وحدات استخبارية تقنية مثل الوحدة 8200 (التنصت والتجسس السيبراني).
العمليات الخاصة مثل فرقة "سيريت متكال" و"الموساد"، ذات المهام النوعية في جمع المعلومات وتنفيذ الاغتيالات.
اختراق الاتصالات وشبكات المراقبة والكاميرات، كما تم توثيقه مراراً في جبهات غزة ولبنان وحتى إيران.
شاهد بارز:
اغتيال قادة من الصف الأول في إيران مثل أمير علي حاجي زاده، حسين سلامي، محمد باقري، سعيد إيرادي، بهنام شهرياري خلال أسبوع واحد، دليل واضح على اختراق استخباري إسرائيلي عميق لمفاصل القيادة الأمنية والعسكرية الإيرانية.
هؤلاء القادة لم يكونوا أهدافاً ميدانية، بل كانوا يمثلون عقل المنظومات الصاروخية، الدفاع الجوي، الحرب السيبرانية، وشبكات الحرس الثوري العابرة للحدود. أي أن استهدافهم هو ضرب للبنية الدماغية للمنظومة الإيرانية، وليس فقط لأذرعها التنفيذية.
ثانيًا: الرد الاستخباري الإيراني ومحاولات التوازن
رغم الثغرات الخطيرة التي انكشفت في الأمن الإيراني، إلا أن إيران استطاعت بدورها أن تُثبت قدرة استخبارية متنامية في الآتي: اختراقات سيبرانية لكاميرات المراقبة الإسرائيلية، كما كشفت "بلومبرغ"، مما سمح لها بتحديد مواقع الضربات وتحسين دقة إصابة الصواريخ.
تفعيل خلايا نائمة وجمع معلومات من الداخل الإسرائيلي، سواء عبر السايبر أو عبر شبكات بشرية مرتبطة بحزب الله أو غيره.
تحقيق عنصر المفاجأة في عمليات القصف المركبة باستخدام المسيرات والصواريخ البعيدة، في أكثر من موجة، رغم الانتشار الهائل للمراقبة الإسرائيلية.
شاهد بارز:
استخدام صواريخ متشظية برؤوس عنقودية (26 قنبلة فرعية في الرأس الواحد)، في ضربة دقيقة طالت مدرسة الدفاع السيبراني للجيش الإسرائيلي ومرافق حيوية في تل أبيب، يُظهر قدرة استخبارية على تحديد أهداف ذات قيمة عالية.
ثالثًا: التحول في طبيعة الحرب الاستخبارية
لم تعد الاستخبارات أداة مساعدة في الحرب، بل أصبحت جزءًا مباشرًا من ساحة المعركة، من خلال: الاغتيال الميداني عالي الدقة باستخدام صواريخ موجهة أو طائرات مسيّرة.
الهجمات السيبرانية المتبادلة التي تضرب بنى تحتية مالية وأمنية.
إدارة الوعي والسيطرة على المعلومات، وهو ما برز في التلاعب بتوقيت نشر الضربات، أو في تضخيم أو تقليل حجم الأضرار إعلامياً واستخبارياً.
تقييم الوضع:
إسرائيل تُظهر تفوقًا نوعيًا في الاختراقات البشرية والتقنية داخل إيران، ونجحت في توجيه ضربات إلى "عقل القيادة".
إيران ردّت باستخدام سلاح الدقة والكمّ، وسجّلت اختراقًا تكتيكيًا في تحسين منظومة الرد، لكنها لم تُحدث بعد كسرًا استخباريًا استراتيجيًا لدى العدو.
المعركة لم تعد معركة صواريخ فقط، بل معركة عقول واختراقات.
استهداف القادة الإيرانيين بهذه الدقة يعني أن تل أبيب باتت تضرب في العمق الأمني لطهران، وفي المقابل، قدرة إيران على استهداف مواقع سيبرانية وعسكرية حساسة في قلب الكيان تعني أن الجبهات أصبحت مكشوفة استخباريًا على الجانبين.
ومع كل موجة جديدة من هذه الحرب، يصبح الزمن نفسه أداة استخبارية: من سيصمد أكثر في تأمين شبكاته ومصادره ومفاصله القيادية؟ ومن سينهار أولاً تحت ضغط النزيف المعلوماتي والاختراقات؟









