الجيش الإسرائيلي يقلّص قواته في غزة: إعادة انتشار.. أم خداع عملياتي؟

profile
  • clock 31 يوليو 2025, 3:58:29 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

أثار إعلان الجيش الإسرائيلي، اليوم الخميس 31 يوليو 2025، عن سحب عدد من ألوية النخبة والاحتياط من قطاع غزة، جدلًا واسعًا في الأوساط العسكرية والإعلامية، وسط تساؤلات متزايدة حول دلالات هذه الخطوة: هل تمثل انسحابًا تكتيكيًا مدروسًا في إطار إعادة الانتشار؟ أم أنها اعتراف غير معلن بفشل ميداني بعد شهور من العمليات البرية الكثيفة؟

انسحابات معلنة من ألوية النخبة

بحسب ما أوردته إذاعة جيش الاحتلال وقناة "كان" العبرية، فقد شملت الانسحابات:

الفرقة 98 التي أنهت مهمتها في شمال قطاع غزة.

لواء المظليين الذي نُقل إلى الضفة الغربية.

لواء الكوماندوز الذي جرى نقله إلى الجبهة الشمالية.

لواء المدرعات السابع، إضافة إلى لواءي الاحتياط 646 و179.

وتزامنت هذه التحركات مع جمود سياسي وعسكري في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، ومع إعلان انتهاء عملية "عربات جدعون"، التي كانت تهدف إلى "تفكيك بنية حماس" في غزة، دون تحقيق نتائج حاسمة.

سيناريوهات التفسير: إعادة تموضع أم تراجع ميداني؟

إعادة انتشار في مواجهة تحديات متعددة

من منظور عسكري ميداني، يمكن اعتبار سحب هذه الألوية المقاتلة عملية تدوير تكتيكي، بعد إنهاكها في بيئة حضرية معقدة. كما أن نقل بعض القوات إلى الجبهة الشمالية والضفة الغربية يعكس خشية إسرائيل من انفجار جبهات جديدة، لا سيما مع تصاعد التوتر في الجنوب اللبناني، ومع استمرار العمليات الفدائية في الضفة.

ويبدو أن الهدف الأساسي هو إعادة تموضع القوات لا الانسحاب الكامل، بما يُبقي على الجاهزية العالية والقدرة على العودة السريعة إلى غزة إذا اقتضى الأمر.

خداع عملياتي وتمويه ميداني؟

رغم التغطية الإعلامية الواسعة للانسحاب، لا يمكن استبعاد فرضية أن تكون هذه التحركات جزءًا من خطة خداع عملياتي إسرائيلية تهدف إلى:

خلق وهم بانسحاب فعلي لاستدراج المقاومة إلى كمائن.

إخلاء مناطق معينة تمهيدًا لضربات جوية أو عمليات خاصة مباغتة.

غير أن الإفصاح العلني من الإعلام العبري عن تفاصيل الانسحابات يضعف فرضية الخداع، ويجعلها جزئية في أحسن الأحوال، خصوصًا أن المقاومة الفلسطينية باتت أكثر وعيًا بهذه الأساليب.

إقرار مبطن بالفشل الميداني

بعيدًا عن الأبعاد التكتيكية، فإن توقيت الانسحاب وما سبقه من معارك دامية يعززان فرضية العجز العسكري الإسرائيلي، بعد فشل العملية البرية الممتدة منذ أكثر من تسعة أشهر في تحقيق أي إنجاز استراتيجي.

وتكشف هذه الخطوة عن رغبة الجيش الإسرائيلي في تخفيف الاحتكاك مع المقاومة وتقليص الخسائر، لا سيما بعد ازدياد أعداد القتلى والجرحى في صفوفه، وتآكل الثقة في إمكان تحقيق "نصر حاسم".

وفي الخلفية، تلوح ضغوط أمريكية ودولية على حكومة نتنياهو، ومأزق داخلي متفاقم في الكابينت الإسرائيلي، أعاقت التوصل إلى استراتيجية واضحة بشأن "اليوم التالي" في غزة، وأرغمت المؤسسة العسكرية على إعادة النظر في وتيرة الانخراط البري.

محطة تكتيكية أم فرصة استراتيجية للمقاومة؟

الانسحاب الإسرائيلي لا يُعد انسحابًا نهائيًا، بل:

إعادة انتشار تكتيكية في ظل تعدد الجبهات.

فرصة لالتقاط الأنفاس بعد استنزاف ميداني وتوتر سياسي داخلي.

تمهيد لمرحلة جديدة تعتمد على الاستخبارات والضربات الدقيقة والطائرات المسيّرة والعملاء المحليين بدلًا من التوغل البري المستمر.

وفي المقابل، يُمكن أن يُمثل هذا التحول فرصة ثمينة للمقاومة الفلسطينية لإعادة تنظيم الصفوف، وتوسيع العمل المقاوم، واستهداف المواقع المتروكة وثكنات الاحتلال في المناطق التي باتت أقل تحصينًا.

وفيما يُعاد رسم مشهد المعركة على الأرض، تبقى صورة الجيش الإسرائيلي المتراجع وغياب الأفق السياسي للحرب في غزة عنوانًا بارزًا لأزمة دولة لم يعد سلاحها وحده قادرًا على فرض النتائج.

التعليقات (0)