تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في الآونة الأخيرة، تصدرت تقارير إعلامية أردنية المشهد بعد الكشف عن محاولات متكررة لتهريب المخدرات إلى الأردن باستخدام طائرات مسيّرة، تنطلق من الجهة الغربية المتاخمة للحدود الأردنية، الأمر الذي يطرح علامات استفهام جدية حول الجهات الفاعلة، والتحديات الأمنية المتنامية التي يواجهها الأردن.

تصاعد التهديدات على الحدود الغربية

وسط التحولات الأمنية المتسارعة في الإقليم، بات ملف تهريب المواد المخدرة عبر الحدود الأردنية الفلسطينية من أبرز التحديات الأمنية. فقد أشارت مصادر أمنية وتقارير موثوقة إلى تزايد حجم وتعقيد هذه العمليات، خاصة مع استخدام أساليب متقدمة مثل الطائرات المسيّرة التي يصعب رصدها بسهولة.

ومن اللافت أن هذه العمليات لا تقتصر على التهريب الفردي أو العشوائي، بل تديرها شبكات دولية منظمة، يُشتبه بضلوع أطراف داخل الكيان الإسرائيلي في تسهيلها أو التغاضي عنها.

خبراء: نمط التهريب يعكس خللًا أمنيًا إسرائيليًا أو تواطؤًا مقصودًا

بحسب الخبير العسكري نضال أبو زيد، فإن عمليات التهريب باتت "تشهد تصاعدًا ملحوظًا"، مشيرًا إلى "تحوّل نوعي في طبيعتها". وأضاف أن خطوط التهريب أصبحت واضحة، حيث تبدأ من سيناء، مرورًا بالنقب وبئر السبع، وصولًا إلى وادي عربة على الحدود الأردنية.

وأوضح أبو زيد أن "عدم رصد هذه الطائرات من قبل الاحتلال، رغم مرورها بمناطق حساسة ومراقبة جوًا"، يطرح احتمالين: إما التواطؤ الإسرائيلي، أو ضعف السيطرة الأمنية.

المافيا الإسرائيلية: شبكة إجرامية عابرة للحدود

وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي حازم عياد أن ما يُعرف بـ"المافيا الإسرائيلية" هي أحد أبرز الأطراف المتورطة، مشيرًا إلى أنها "تنشط في تهريب المخدرات والأسلحة، وتملك نفوذًا داخل إسرائيل، بل وتمتد عملياتها إلى الخليج وشرق أوروبا".

وبيّن عياد أن ارتفاع نسب الإدمان والجريمة داخل إسرائيل، خاصة في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948، خلق بيئة خصبة لتمدد العصابات المنظمة، مستغلةً تدهور الأوضاع الاجتماعية والنفسية جراء الحرب.

الأردن يعزز جهوده الأمنية على الجبهة الغربية

وفي تأكيد على جهوزية القوات الأردنية، صرح مصدر عسكري في الجيش العربي الأردني بأن المنطقة العسكرية الجنوبية، بالتعاون مع إدارة مكافحة المخدرات، نجحت في إسقاط طائرة مسيّرة تحمل مواد مخدرة، بعد رصدها وتطبيق قواعد الاشتباك.

وأكد المصدر أن "القوات المسلحة الأردنية مستمرة في بذل أقصى الجهود لحماية الوطن من هذه الآفة الخطيرة".

التهريب من سوريا يتراجع... فهل إسرائيل تُعوض؟

أشار المحللون إلى أن تراجع عمليات التهريب عبر الحدود السورية، بسبب ضعف سيطرة النظام السوري، دفع المافيات الإسرائيلية إلى توسيع نشاطها عبر الحدود الأردنية، ما يعزز فرضية أن الأردن أصبح ممرًا بديلاً للمخدرات نحو الخليج العربي.

خطر عابر للحدود يستوجب يقظة إقليمية

أمام هذه التطورات، يبدو أن التهريب لم يعد ظاهرة محلية بل شبكة عابرة للحدود، تتطلب تعزيز التعاون الإقليمي، وتكثيف الرقابة الجوية والبرية، ومحاسبة الجهات المتورطة سواء في الداخل أو الخارج. فالأردن، بموقعه الاستراتيجي، يقف اليوم في مواجهة تحدٍ أمني جديد يتطلب الحسم واليقظة المستمرة.