اقتصاد الإبادة الجماعية.. كيف يدفع الاحتلال ثمن قتل الأطفال في غزة؟ (تحليل اقتصادي)

profile
  • clock 24 مايو 2025, 7:09:56 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
اقتصاد الإبادة الجماعية

كتب: محمد أبو غالي 

 

قبل العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، كان الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من تحديات كبرى مثل التضخم المرتفع، الغلاء الفاحش، انخفاض الأجور وتراجع مستوى المعيشة، مما أدى إلى احتجاجات متكررة في تل أبيب ومدن أخرى، كان آخرها في صيف 2023. ثم جاءت عملية المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر وما تلاها من حرب مدمرة على غزة، ما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية الإسرائيلية، حيث دخل الاقتصاد في دوامة من التحديات بعد أكثر من سبعة أشهر من صمود الفلسطينيين المحاصرين في رفح، التي استولى الاحتلال على معبرها لتشديد الحصار المفروض منذ 2006.

اقتصاد الاحتلال يواجه فاتورة باهظة

ورغم الخسائر الفادحة التي تكبدها الفلسطينيون، فإن اقتصاد الاحتلال يواجه فاتورة باهظة لم يشهدها منذ تأسيس الكيان عام 1948، رغم الدعم الدولي غير المحدود. الخسائر تشمل الأعمال العسكرية واستدعاء جنود الاحتياط، بالإضافة إلى تدهور العملة، هبوط البورصة، تراجع السياحة، وهروب الاستثمارات والمستوطنين. كما تأثر الاقتصاد بسبب المقاطعة الشعبية والإقليمية، خاصة التركية، والدعوات لسحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بإسرائيل، إلى جانب تأثيرات المواجهات مع "حزب الله" في الجبهة الشمالية.

الحرب كلفت حكومة نتنياهو 220 مليون دولار يومياً خلال الربع الأول من العام الجاري

تشير تقديرات إلى أن الحرب كلفت حكومة نتنياهو 220 مليون دولار يومياً خلال الربع الأول من العام الجاري. 

وتوقع "بنك إسرائيل" المركزي انخفاض نمو الناتج المحلي إلى 1% في 2024 مقارنة بـ3% في 2023، وتراجع النمو إلى 1.6% هذا العام بعد أن كان متوقعاً 3.1%.

تتزايد المخاوف من خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، حيث خفضت وكالة "موديز" التصنيف إلى A2 مع نظرة مستقبلية سلبية، بينما خفضت "ستاندرد أند بورز" تصنيف المصارف الإسرائيلية الرئيسية إلى سلبي. كما حذرت "فيتش" من تخفيض التصنيف في حال استمرار التصعيد. ووسط هذه الأزمات، تعتزم الحكومة زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 18% للتعامل مع العجز المالي المتفاقم.

غياب العمالة الفلسطينية

قطاع البناء يعاني أيضاً من غياب العمالة الفلسطينية، ما دفع شركات البناء إلى التحذير من انهيار القطاع، الذي يمثل 14% من الناتج القومي. كما تكبدت شركات مواد البناء خسائر فادحة، ما تسبب في توقف خطوط إنتاج وخسائر شهرية تقدر بمليار شيكل.

الغلاء المعيشي يتفاقم في إسرائيل، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بشكل كبير، مما أثار استياء الإسرائيليين. كما ارتفعت أسعار البنزين للشهر الخامس على التوالي، ما زاد من مخاوف التضخم. وفي ظل هذه الأوضاع، تراجع الشيكل أمام الدولار واليورو، مما زاد من أعباء الاستيراد وارتفاع الأسعار.

مع استمرار العدوان على غزة، توسعت دائرة المقاطعة الدولية لإسرائيل، حيث أعلنت تركيا إنهاء علاقاتها التجارية معها، فيما تتجه دول أوروبية مثل بلجيكا وأيرلندا إلى فرض عقوبات اقتصادية. كما شهدت الجامعات وحركات الطلاب في الولايات المتحدة دعوات واسعة لسحب الاستثمارات من الشركات الداعمة لإسرائيل، ما يعكس تحولاً في الرأي العام العالمي تجاه الاحتلال.

ارتفاع العجز المالي

تأتي توقعات النمو في ظل تجاوز العجز المالي الحدود التي وضعتها الحكومة، نتيجة تداعيات الحرب على الاقتصاد والدين العام. وقد أدى ذلك إلى خفض وكالة "موديز" التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى "A2" مع نظرة مستقبلية سلبية في فبراير الماضي. وارتفع العجز المالي إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعادل 105.3 مليارات شيكل (29.25 مليار دولار)، مقارنة بـ 4.8% في يناير، وفقاً لتقرير المحاسب العام لوزارة المالية، يالي روتنبرغ. وتركز موازنة إسرائيل المعدلة لعام 2024 على عجز بنسبة 6.6%، لكن محللين اقتصاديين يرون أن العجز الحقيقي قد يصل إلى 9%.

تصنيف الاقتصاد والبنوك تحت الضغط


مع تصاعد الحديث عن اجتياح مدينة رفح، تتزايد المخاوف من خفض التصنيف السيادي الإسرائيلي، ما قد يؤثر على البنوك. بعد خفض "موديز"، أعلنت "ستاندرد أند بورز" في مايو عن تخفيض التصنيف الائتماني لسندات بنكَي "لئومي" و"هبوعليم" من مستقر إلى سلبي، محذرة من تأثير المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية على الصناعة المصرفية. كما حذرت "فيتش" في أبريل من خفض محتمل للتصنيف إذا تصاعدت التوترات في المنطقة.

زيادة الضرائب لمواجهة العجز


تخطط وزارة المالية لزيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% لتصل إلى 18% في 2024، بهدف تعويض العجز الناتج عن الحرب على غزة

ومن المتوقع أن تضيف هذه الزيادة 7.2 مليارات شيكل إلى عائدات الضرائب. كما حذر محافظ "بنك إسرائيل"، أمير يارون، من احتمال زيادة الضرائب المباشرة بنسبة 16% إذا لم يشارك "الحريديم" في سوق العمل.

أزمة في قطاع البناء


يعاني قطاع البناء من أزمة حادة بسبب الحرب واستبعاد العمالة الفلسطينية، حيث فقد القطاع نحو 100 ألف عامل فلسطيني. وحذر رئيس نقابة المقاولين الإسرائيليين، راؤول سارجو، من انهيار القطاع إذا لم يتم استقطاب 50 ألف عامل أجنبي لسد النقص. يمثل قطاع البناء 14% من الناتج القومي، ويعاني من ديون تبلغ نحو 1.3 تريليون شيكل.

ارتفاع الأسعار وهبوط الشيكل


شهدت إسرائيل موجة غلاء غير مسبوقة في المواد الغذائية والاستهلاكية، مع ارتفاع أسعار منتجات الحليب بنسبة تصل إلى 10%، وزيادة أخرى مرتقبة في أسعار البنزين. كما تراجع سعر صرف الشيكل أمام الدولار واليورو، ما يزيد من الضغوط التضخمية. وتزامن ذلك مع قرار تركيا وقف العلاقات التجارية مع إسرائيل، ما يزيد من صعوبة إيجاد بدائل للسلع المستوردة.

توسع المقاطعة والعقوبات


مع استمرار الحرب على غزة، تتزايد الدعوات للمقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل. أعلنت تركيا إنهاء علاقاتها التجارية مع تل أبيب، فيما تسعى دول أوروبية مثل بلجيكا وأيرلندا إلى اتخاذ خطوات مشابهة. كما شهدت حملة المقاطعة صدى واسعاً بين الشركات العالمية والجامعات الأميركية التي تدعو لسحب استثماراتها من إسرائيل.

 


 

المصادر

موقع العربي الجديد 
الشرق بلومبيرج 

التعليقات (0)