اسماعيل جمعه الريماوي يكتب: غزة تعود من جديد وتكسر نشوة نتنياهو و تطيح بوهج الانتصار المزيّف

profile
  • clock 26 يونيو 2025, 11:18:28 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بعد اثني عشر يوماً من التصعيد الإسرائيلي الأمريكي ضد إيران، خرج بنيامين نتنياهو منتشياً، يتلو على جمهوره خطاب "النصر الكبير"، مدّعياً أن مشروعه السياسي والعسكري قد تحقق أخيراً بضرب المنشآت النووية الإيرانية وإيقاف البرنامج النووي لطهران. كعادته، حاول تسويق الوهم على أنه إنجاز، وصنع من عدوانه الجوي العابر للقارات انتصاراً استراتيجياً يعيد الثقة بجيشه المهزوز، ويمنح الاحتلال شيئاً من الصورة المفقودة بعد شهور من الفشل في غزة، لكن تلك النشوة المصطنعة لم تدم طويلاً ،فقد جاء رد المقاومة سريعا و من غزة ، فما إن هدأ صدى الصواريخ في سماء أصفهان ونطنز، حتى دوّت عبوة ناسفة في قلب خان يونس، جنوب قطاع غزة، لتعيد الأمور إلى حجمها الطبيعي و الى مكان الصراع الاساسي ،  وتكشف أن الانتصار الذي يبحث عنه نتنياهو لا يصنعه الإعلام، بل يُكسر على أعتاب الميدان.


في عملية نوعية ومباغتة نفذها مقاوم واحد ، أعلنت فيها المقاومة الفلسطينية ميدانيًا عن استمرار حضورها الفاعل، حين فجّرت عبوة ناسفة بمركبة مدرعة من طراز "بوما" كانت تقل سبعة جنود إسرائيليين من الكتيبة 605 التابعة لسلاح الهندسة القتالية ، الانفجار وقع في أحد محاور التوغل بخان يونس، وأسفرعن مقتل الجنود جميعاً فقد احتراقوا في مدرعتهم بالكامل ، في ضربة نادرة من حيث عدد القتلى ونوع الهدف .


ما جرى في خان يونس لم يكن حدثاً أمنياً عابراً، بل ردًّا سياسياً وعسكرياً على وهم الانتصار، المقاومة أرادت أن تقول بصوت العبوة الناسفة: إذا كانت تل أبيب تظن أن بإمكانها القفزعن غزة نحو طهران، فلتعلم أن غزة لم تُهزم، وأن أذرعها قادرة على الضرب، وأن يدها ما زالت على الزناد. فهذه الأرض التي خُنقت حتى كادت تختنق، تُفاجئ العدو مرة أخرى، وتكسر هدوءه القاتل، وتُعيد التذكير أن الصراع الحقيقي ليس مع النووي الإيراني فقط، بل مع المشروع الصهيوني القائم على الإبادة والهيمنة.


تفجير مدرعة "بوما" المحصّنة ليس فقط إنجازاً تقنياً، بل دليل على أن المقاومة باتت تملك أدوات قتال ذكية، وتقديرات ميدانية دقيقة، وقدرة على الإعداد  والانقضاض في توقيت بالغ الحساسية ، فبينما كانت إسرائيل تعيش نشوة "إيقاف إيران"، كانت غزة تجهّز ردّها الحقيقي: نُسقط نصرَكم من خان يونس، ونُعيد جنرالاتكم إلى حسابات الخوف، ونحفر تحت كل دبابةٍ قبرًا لمن فيها.


المعركة لم تنتهِ ، لا في غزة، ولا في الإقليم ، لكنها تشهد الآن على تحوّلٍ نوعيّ في توازن الردع ، فبينما تهاجم إسرائيل إيران من الجو، وتُراكم أوراقها في حرب الإشارات، تُهاجمها غزة من الأرض، من أسفل الأرض، من بين الحجارة، وبأدواتٍ فلسطينية صلبة، كتلك التي فجّرت المدرعة في محورٍ اعتقد الجيش أنه بات آمناً.


انه فصلٌ جديد في المعركة. فصل يفضح هشاشة جيش الاحتلال، ويُسقط قناع الانتصار الزائف، ويُعيد التأكيد أن غزة، رغم الجوع والدمار، لا تُهزم بل تعود دائماً، بعنادٍ أشد، وبضربات أعمق، لتكتب المعادلة من جديد: لا أمن لكم ما دام الاحتلال قائماً، ولا نصر يُمنح من الجو، ما دامت المقاومة على الأرض حيّة لا تموت.


ولأن غزة لا تموت، فإنها تنهض من جديد، لا على وقع المساعدات ولا وعود المؤتمرات، بل على إيقاع العبوات الناسفة التي تُكتب بالدم وتصوغ المعنى الحقيقي للكرامة،  من بين الركام تُولد الإرادة ، ومن قلب المجازر، يخرج صوت المقاومة أكثر وضوحاً وصلابة.  الرسالة انه في غزة ما زال هناك من يتقن صناعة الرد، ويعرف متى تكون الضربة أكثر وجعاً، وأي توقيت أنسب لكسر غرور العدو، هذه ليست حرباً بين جيش وجيش، بل بين وطن يُذبح كل يوم، وشعب لا يقبل أن يموت بصمت ، وفي كل مرة يظن الاحتلال أنه اقترب من حسم المعركة، تنفجر غزة في وجهه لتقول: نحن لا نُهزم… نحن أبناء الأرض التي علّمت العالم كيف يولد النصر من بين الحرائق.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)