استطلاع CNN: فقط 23٪ من الأمريكيون يؤيدون الحرب على غزة.. والدعم العسكري موضع تساؤل متصاعد

profile
  • clock 18 يوليو 2025, 1:58:47 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

لم يعد المزاج العام الأمريكي كما كان قبل أقل من عام. فاستطلاع جديد أجرته شبكة CNN عبر مؤسسة SSRS يكشف عن تغيّر عميق في المواقف تجاه حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة، إذ عبّر عدد متزايد من الأمريكيين عن تشككهم المتنامي في مبررات هذه الحرب، ودعوا إلى تقليص أو وقف الدعم العسكري الأمريكي لتل أبيب.

بحسب نتائج الاستطلاع، فقط 23% من الأمريكيين يرون أن ما تقوم به "إسرائيل" من عمليات عسكرية في غزة "مبرّر بالكامل"، مقارنة بنسبة 50% قالت ذلك بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 مباشرة. بمعنى آخر، تهاوت القناعة الشعبية بشرعية الحرب "الإسرائيلية" بمقدار 27 نقطة مئوية خلال تسعة أشهر فقط، في دلالة صارخة على اتساع الهوة بين خطاب المؤسسة السياسية الأمريكية من جهة، وتصورات قطاعات متزايدة من الشعب الأمريكي من جهة أخرى.

هذا التراجع لا يقتصر على معسكر سياسي بعينه. فرغم أن الجمهوريين لا يزالون الأكثر دفاعاً عن السياسات "الإسرائيلية"، فإن الانحدار في الدعم كان أوضح بين الديمقراطيين والمستقلين. نسبة الديمقراطيين الذين يرون أن "إسرائيل" محقّة تمامًا فيما تفعله في غزة انخفضت من 38% في أكتوبر الماضي إلى 7% فقط اليوم. بين المستقلين، تراجعت النسبة من 45% إلى 14%، أما في صفوف الجمهوريين، فقد انخفضت من 68% إلى 52%.

الرأي العام في مواجهة المجازر: الشباب والملوّنون في طليعة الرفض

الأرقام الواردة في الاستطلاع تسلط الضوء أيضاً على التباينات العمرية والعرقية داخل المجتمع الأمريكي. فالأجيال الشابة تحت سن الـ35 هي الأكثر رفضًا للحرب "الإسرائيلية" والموقف الأمريكي الداعم لها. فقط 10% من البالغين في هذه الفئة العمرية يعتقدون أن "إسرائيل" تبرّر أفعالها، فيما يرى الثلث أن تلك الأعمال غير مبرّرة إطلاقًا. كما يعتقد 61% منهم أن "إسرائيل" تستخدم قوة مفرطة، و56% يرون أن الولايات المتحدة تبالغ في تقديم الدعم لها.

هذه الأرقام لا يمكن فصلها عن السياق الميداني، حيث توثق منظمات حقوق الإنسان ومراسلو الإعلام المستقل يومياً صورًا دامغة من المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين، في ظل حصار مطبق ومجاعة مفتعلة تُستخدم كسلاح حرب. وقد بات من المستحيل — حتى على المشاهد الأمريكي المتعاطف سابقًا — تجاهل مشاهد الأطفال الذين يموتون جوعًا أو تحت الأنقاض.

الملوّنون، بدورهم، يُظهرون مواقف أكثر رفضاً. فقط 13% يرون أن العمليات "الإسرائيلية" مبرّرة، بينما يعتقد 29% أنها غير مبررة إطلاقاً. وأكثر من نصفهم (57%) يعتقدون أن "إسرائيل" استخدمت قوة مفرطة.

 

الانقسام حول دور أمريكا العالمي.. من أوكرانيا إلى غزة إلى إيران

التحوّل في موقف الأمريكيين تجاه دعم "إسرائيل" لا يأتي في فراغ، بل يواكب مزاجاً عاماً يشكّك في جدوى تدخلات الولايات المتحدة حول العالم. أغلبية الأمريكيين (56%) ترى أنه لا ينبغي لبلادهم أن تلعب دورًا قياديًا في حل المشكلات الدولية، مقابل 43% فقط يدعمون ذلك. هذا انعكاس واضح لتململ شعبي من سياسة التدخلات الخارجية، خصوصاً في ظل تصاعد الأزمات المحلية وتراجع مكانة واشنطن في العالم.

اللافت أن هذا الانكفاء الشعبي لم يأتِ فقط بسبب فشل الحرب على غزة، بل تعزز أيضًا بعد الضربات الأمريكية الأخيرة على منشآت نووية في إيران، والتي لاقت رفضًا واسعًا لدى الناخبين، لا سيما من الديمقراطيين. وقد تراجعت نسبة من يرون أن على واشنطن لعب دور قيادي في العالم داخل الحزب الديمقراطي من 58% في مارس الماضي إلى 44% في يوليو، عائدة إلى مستويات مشابهة لما كانت عليه قبل عقدين.

وفي ظل هذا المناخ، يتصدع داخل الحزب الديمقراطي الموقف من "إسرائيل" بشكل واضح: فبين الديمقراطيين الذين لا يرون ضرورة للدور القيادي الأمريكي في العالم، فقط 25% يرون أن أفعال "إسرائيل" ضد غزة مبررة جزئيًا أو كليًا، بينما تصل نسبة المؤيدين لوقف الدعم العسكري تمامًا إلى 37%، وهي ضعف النسبة بين أولئك الذين يدعمون الدور القيادي الأمريكي.

ترامب تحت المجهر.. والناخبون يشككون في قيادته

رغم أن ترامب يواصل تصوير نفسه على أنه الحامي الأوحد لـ"إسرائيل"، فإن أرقام الاستطلاع لا تبعث على الاطمئنان بالنسبة إليه. 60% من الأمريكيين لا يوافقون على طريقة تعامله مع السياسة الخارجية، وهي نفس النسبة التي ترفض أدائه كقائد للقوات المسلحة، خصوصاً بعد قراره الأخير بضرب مواقع نووية في إيران. وفي حين يبقى الدعم الجمهوري له مرتفعاً (86%)، فإن شريحة مهمة من الأمريكيين تعتقد أن قراراته أضرت بمكانة الولايات المتحدة عالميًا.

أحد المشاركين في الاستطلاع من ولاية ميشيغان علّق قائلاً: "كنا ذات يوم منارة أمل للعالم، أما الآن، فلم نعد كذلك". هذا التوصيف يلخّص بدقة كيف ينظر كثيرون إلى الموقف الأمريكي من المجازر التي تُرتكب في غزة، خاصة حين يواصل البيت الأبيض الدفاع عنها، بل والمشاركة فيها عمليًا، من خلال شحنات الأسلحة والدعم السياسي في مجلس الأمن.

التعليقات (0)