استطلاع رأي يكشف:

اليوم التالي للحرب: غالبية الإسرائيليين يريدون احتلالًا عسكريًا لغزة

profile
  • clock 15 يوليو 2025, 12:30:18 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عبدالرحمن كمال

يكشف استطلاع جديد أجراه "مركز القدس للشؤون الخارجية والأمن" (JCFA) عن حقيقة صادمة تعكس البنية العميقة للتطرف في المجتمع الإسرائيلي: أكثر من نصف الإسرائيليين (52%) يؤيدون إنهاء الحرب في غزة باحتلال إسرائيلي مباشر وفرض إدارة عسكرية مؤقتة. هذا الموقف لا يقتصر على حكومة نتنياهو أو أوساط اليمين المتطرف، بل هو تعبير واسع عن توجه سائد في الرأي العام الإسرائيلي الذي يرى في القوة والحكم العسكري حلاً مقبولًا وطبيعيًا.

اللافت أن نسبة ضئيلة جدًا فقط (4%) توافق على الإبقاء على حكم حماس في غزة، وهو ما يعكس رفضًا شبه كامل لفكرة القبول بالواقع الفلسطيني القائم أو التعايش معه، حتى كأمر واقع. كما أن 12% فقط يوافقون على سيناريو حكومة تكنوقراط فلسطينية تدير شؤون المدنيين في غزة، مع بقاء حماس في الخلفية، وهو طرح كان يُروج له دوليًا باعتباره تسوية وسطية.

 

بنية اجتماعية رافضة لحل الدولتين

يكشف الاستطلاع أبعادًا أخرى للتطرف المجتمعي الإسرائيلي، حيث يعارض 64% من الإسرائيليين إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، حتى بعد 7 أكتوبر التي كان من المفترض أن تطرح أسئلة صعبة حول جذور الصراع.

بعد أحداث السابع من أكتوبر هل تؤيد إقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967؟

 

فقط 8% يؤيدون قيام دولة فلسطينية من دون شروط، و17% يقبلون بها إذا اعترفت بإسرائيل كدولة يهودية وكانت منزوعة السلاح. الرفض الجارف أكثر حدة بين اليهود (77%) واليمين السياسي (88%)، مما يوضح أن الرفض ليس نتاج خطاب رسمي أو حكومي طارئ، بل هو اتجاه مترسخ في الوعي الجماعي الإسرائيلي.

أما بين المواطنين العرب في إسرائيل، فإن المواقف أكثر انفتاحًا نسبيًا، مع تأييد 34% لدولة فلسطينية من دون شروط، و26% بشروط معينة، لكنهم يظلون أقلية سياسية هامشية في معادلة القوة الإسرائيلية.

بعد أحداث السابع من أكتوبر هل تؤيد إعلان إسرائيل أنها ستدعم إقامة دولة فلسطينية في المستقبل بعد تنفيذ الإصلاحات؟

 

لا لدولة فلسطينية حتى مقابل التطبيع مع السعودية

يؤكد الاستطلاع أن الرفض الإسرائيلي لفكرة الدولة الفلسطينية ليس فقط خيارًا أيديولوجيًا مجردًا، بل يصل حد رفض المكاسب الاستراتيجية الملموسة. 58% من الإسرائيليين يرفضون إقامة دولة فلسطينية حتى لو كان الثمن تطبيع العلاقات مع السعودية.

فقط 24% يقبلون بها في حال الاعتراف بيهودية إسرائيل ونزع سلاح الدولة الفلسطينية، و8% فقط من دون شروط. في الوسط اليهودي، تصل نسبة الرفض إلى 68%. هذه الأرقام تكشف بجلاء أن المجتمع الإسرائيلي بأغلبيته يرى في الحل السياسي للفلسطينيين تهديدًا لا صفقة مربحة، حتى حين تكون المكافأة اختراقًا استراتيجيًا مهمًا في الخليج.

هل تؤيد إقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع مع السعودية؟

 

انعدام الثقة في السلطة الفلسطينية

كما يظهر الاستطلاع فجوة عميقة من انعدام الثقة تجاه أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة بعد الحرب. 53% من الإسرائيليين يعارضون إشراك السلطة في أي تسوية مستقبلية، مقابل 26% فقط يؤيدون ذلك.

الرفض أوسع لدى اليهود (59%)، في حين يظهر بين العرب في إسرائيل انقسام أكبر (30% مؤيدون). هذه الأرقام تؤكد أن إسرائيل الرسمية والشعبية على حد سواء لا ترى في السلطة الفلسطينية شريكًا موثوقًا، وأن فكرة "حل الدولتين" القائمة على تعزيز دور السلطة تبدو وهمًا أمام هذا الإجماع الرافض.

هل توافق على أن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون جزءا من الترتيبات في غزة؟

 

تأييد واسع لخطة ترامب

على النقيض من الرفض للحلول الفلسطينية، يظهر الاستطلاع دعمًا كبيرًا لخطة ترامب الخاصة بغزة. 69% من الإسرائيليين يؤيدون هذه الخطة، وبين اليهود تصل النسبة إلى 82%.

أما في الوسط العربي داخل إسرائيل، فالمعارضة لهذه الخطة ارتفعت من 50% في مايو إلى 56% في يوليو 2025. هذا التباين يبرز مرة أخرى الهوة بين الموقف اليهودي الذي يميل لحلول أميركية منحازة وغير متوازنة، وبين الأقلية العربية التي تدرك كلفة هذه الخطط على الحقوق الفلسطينية.

هل تؤيد أم تعارض خطة ترامب لقطاع غزة؟

 

خوف جماعي عميق من "طوفان جديد"

يكشف الاستطلاع كذلك عن مستوى عالٍ من الهلع الجماعي داخل المجتمع الإسرائيلي. 66% من الإسرائيليين يقولون إنهم يخشون من تكرار هجوم شبيه بـ7 أكتوبر، هذه المرة من الضفة الغربية.

النسبة بين اليهود أعلى (77%)، في حين أنها أقل بكثير بين العرب (22%). اليمين الإسرائيلي هو الأكثر خوفًا (80%)، مقارنة باليسار الذي يظهر مستوى قلق أقل (43% لا يخشون). هذه الأرقام توضح أن العقلية الأمنية المهووسة بالخطر الوجودي ليست هامشية، بل هي سائدة وتشكل جزءًا من شرعية السياسات العدوانية.

هل يخاف العرب في الضفة الغربية من السابع من أكتوبر؟

 

دعم التدخل العسكري ضد إيران

في واحدة من النقاط الأكثر دلالة على البعد التوسعي والعسكري في الرأي العام الإسرائيلي، يبين الاستطلاع أن 76% من الإسرائيليين يؤيدون قيام إسرائيل بعمل عسكري جديد ضد إيران إذا حاولت استعادة قدراتها النووية أو الباليستية، سواء بالتنسيق مع الولايات المتحدة (37%) أو حتى من دونها (39%).

فقط 13% يعارضون أي تحرك كهذا، و11% لا يعرفون. في الوسط اليهودي، يظهر استعداد أكبر للتصرف بشكل أحادي (46%). هذه الأرقام تكشف نزعة عامة لا ترى في الحرب خيارًا أخيرًا بل أداة مشروعة دائمة لضمان التفوق.

هل تعتقد أن إسرائيل يجب أن تتخذ إجراءات أخرى ضد إيران إذا حاولت استعادة قدراتها الباليستية أو النووية؟

 

تطبيع مشروط مع سوريا

رغم الحديث عن اتصالات غير مباشرة مع سوريا، يظهر الاستطلاع أن 72% من الإسرائيليين لا يقبلون باتفاق تطبيع من دون شروط تضمن مصالحهم الأمنية. 42% منهم يشترطون حرية العمل العسكري لإسرائيل، و23% يشترطون تخلي سوريا عن المطالبة بالجولان.

فقط 7% يقبلون بالتطبيع من دون شروط، و10% يعارضون أي اتفاق. هذه الأرقام تكشف أن حتى عند الحديث عن سلام مع جار مباشر، يُنظر إليه كترتيب أمني محض لا كشراكة متكافئة.

هل تؤيد توقيع اتفاقية التطبيع مع سوريا؟

 

تطرف راسخ يتجاوز نتنياهو

هذه النتائج مجتمعة تقدم صورة واضحة: التطرف والعسكرة ليسا ميزة اليمين المتطرف وحده أو سياسات حكومة نتنياهو، بل يعكسان توجها عميقًا متجذرًا في الوعي الإسرائيلي العام.

الرأي العام في إسرائيل يعارض تسوية سياسية حقيقية مع الفلسطينيين، يفضل الحلول العسكرية المباشرة، يرفض أي شراكة مع السلطة الفلسطينية، ويدعم المواجهة مع إيران بلا تردد.

إنه مناخ سياسي واجتماعي يؤسس لاستمرار الصراع ويرفض أي أفق للسلام العادل. التطرف هنا ليس طارئًا ولا محصورًا في نخبة حاكمة، بل هو تيار شعبي واسع يحظى بشرعية انتخابية وأخلاقية في المجتمع الإسرائيلي ذاته.

التعليقات (0)