-
℃ 11 تركيا
-
16 يونيو 2025
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: قمة بغداد: عرب تحت الركام... ماذا ننتظر من نظام خذل غزة واحتفى بترامب؟
لحظةٍ تاريخية يتقاطع فيها الدم الفلسطيني مع الصمت العربي
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: قمة بغداد: عرب تحت الركام... ماذا ننتظر من نظام خذل غزة واحتفى بترامب؟
-
18 مايو 2025, 3:37:56 م
-
419
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قمة بغداد
في لحظةٍ تاريخية يتقاطع فيها الدم الفلسطيني مع الصمت العربي وتتعانق المجازر في غزة مع صفقات السلاح والنفط تنعقد القمة العربية في بغداد كأن شيئًا لم يكن، وكأن مشاهد الأطفال المحترقين والجوعى ومن تحت أنقاض رفح وخان يونس ليست كافية لخلخلة الكراسي الوثيرة أو تحريك الأنظمة من سباتها العميق، قمة أخرى تُضاف إلى أرشيف طويل من الاجتماعات التي ما عادت تُقنع أحدًا، ولا تُطعم جائعًا، ولا توقف طائرات، ولا تُسعف أمة تتهاوى أطرافها واحدة تلو الأخرى.
القمة تأتي في سياق عربي شديد الانكشاف، لا على مستوى التخاذل فحسب، بل على مستوى الاصطفاف العلني مع الجلاد، فقد باتت بعض الأنظمة تنظر إلى المقاومة كعبء، لا كمشروع تحرير، وتتعامل مع إسرائيل كحليف أمني، لا كقوة احتلال استيطاني استئصالي ، وفي الخلفية، تلوح صورة دونالد ترامب، ضيفًا مبجلاً في العواصم التي سبق أن منحته المليارات في زيارته الأولى، وها هو يعود مرة أخرى، ليجد الترحيب ذاته، والولاء ذاته، والمال ذاته.
فأي مهزلةٍ هذه؟ كيف يمكن لقمةٍ يُكرَّم فيها من دمر القضية الفلسطينية سياسيًا واقتصاديًا وأخلاقيًا أن تنقذ غزة؟ كيف نصدّق كلمات الرؤساء وهم يشجبون العدوان بينما يحتضنون من سلّح العدوان وموله وحماه؟
إن غزة اليوم، ليست فقط ضحية قصفٍ همجي إسرائيلي، بل أيضًا ضحية تواطؤ إقليمي وصمت دولي وتآكل عربي، هي تدفع وحدها ثمن معادلة جديدة يجري تكريسها في المنطقة: أمن إسرائيل مقابل تجويع الشعوب، سلام اقتصادي مقابل دفن الحقوق، ومقاومة محاصرة مقابل تطبيع مزدهر.
قمة بغداد لا يمكن أن تكون محطة فارقة ما لم تخرج من هذه المعادلة الكارثية، لا يكفي أن يُقال في البيان الختامي إننا مع فلسطين، بينما تُغلق المعابر، وتُمنع المساعدات، وتُهاجَم المقاومة إعلاميًا وسياسيًا، ويُسارَع إلى شيطنتها ووصمها بالإرهاب، وكأن المشكلة ليست في الاحتلال، بل في من يقاومه.
إذا أرادت القمة أن تُحدث فرقًا حقيقيًا، فعليها أن تبدأ بخطوات واضحة وعملية، أولها إعلان فوري بوقف التطبيع مع كيان يشن حرب إبادة جماعية، وثانيها تجميد العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع كل دولة تدعم العدوان أو تعرقل وقف إطلاق النار، وثالثها تشكيل صندوق دعم عربي لغزة لا يمر عبر الوسطاء الدوليين بل يذهب مباشرة إلى من يصمدون تحت القصف. والأهم من ذلك، أن يُعلن العرب رسميًا أن المقاومة ليست عبئًا بل خيار، وأن من حق الشعب الفلسطيني أن يقاوم بكل الوسائل حتى نيل حريته.
أما ما دون ذلك، فليست إلا شعارات جوفاء تُقال للتاريخ لا للناس، وتُكتب للحفظ لا للتنفيذ.
خاتمة: إلى الشعوب لا إلى القمم
إذا كانت القمم قد عجزت، وإذا كانت الأنظمة قد اختارت مواقعها في معسكر الغزاة أو في حيادٍ مخزٍ، فإن الأمل اليوم لا يُعلّق إلا على الشعوب. وحدها الشعوب أن كانت موجوده و قادرة على قلب الطاولة بالضغط و المقاطعة، على إشعال الشوارع بالغضب ، وحدها قادرة على أن تقول: لا، باسم الشهداء، باسم الأطفال الذين حرقوا أحياء، باسم الأمهات اللواتي يحملن بقايا فلذات أكبادهن في أكفانهن .
لا تراهنوا على القمم، راهنوا على الكرامة، على الغضب، على الشارع، على الكلمة، على المقاطعة، على الموقف، لأن فلسطين لن يحررها اجتماع، بل أحرار.


.jpg)






