-
℃ 11 تركيا
-
20 يونيو 2025
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: إرهاب الضحية و مرآة الجلاد ...نفاق الغرب الذي يرى بعين واحدة
قصف سوروكا كان صفعة على وجه الرواية الصهيونية
إسماعيل جمعة الريماوي يكتب: إرهاب الضحية و مرآة الجلاد ...نفاق الغرب الذي يرى بعين واحدة
-
20 يونيو 2025, 12:25:58 م
-
418
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سوروكا
"بعد أن قتلوا الجنين في بطن أمه، ولم يتركوا طفلاً أو امرأة إلا مزقوه، ولم يرحموا مشفىً أو مسعفاً إلا جعلوه هدفاً لصواريخهم، يخرجون اليوم باكين على قصفٍ أصاب مستشفى سوروكا، ويصفون ما فعله الإيرانيون بالإرهاب ، ألا ينظرون لأنفسهم في المرآة؟ ألا يرون فيها وجه الجريمة التي صنعوها بأيديهم؟ كيف لمن احترف المجازر أن يتحدث عن الإنسانية؟ وكيف لمن قصف آلاف الأبرياء أن يشتكي من صاروخ واحد؟"
لا شيء يثير السخرية أكثر من أن يبكي الجلاد على خدشٍ أصابه بينما لا تزال دماء ضحاياه ساخنة تنزف في الشوارع وتحت الركام هكذا فعلت إسرائيل ومعها إعلام الغرب حين أصاب صاروخ إيراني مستشفى سوروكا في بئر السبع خلال الرد الإيراني الأخير فارتفعت أصوات التنديد بالبربرية والعدوان والإرهاب وكأنهم لم يروا ماذا فعلت طائرات الاحتلال في غزة ولم يسمعوا صراخ الأطفال تحت الردم ولم يشاهدوا صور الأجنة التي استخرجت ممزقة من أرحام أمهاتها بعد أن دكّوا البيوت على رؤوس ساكنيها .
هل يرون بشاعة الصورة التي رسموها بدماء الأبرياء إنهم يريدون من العالم أن يصدق أن صاروخًا واحدًا على مشفى سوروكا جريمة ضد الإنسانية لكن مئات الصواريخ على مستشفيات غزة مجرد دفاع عن النفس .
هنا تكمن قمة الازدواجية فحين يكون الضحية عربيًا أو فلسطينيًا لا يُحسب قتله جريمة بل مجرد "خطأ مؤسف" أو "نتيجة حتمية للحرب على الإرهاب" أما حين يُصاب الإسرائيلي ولو بخدش فإن الإعلام الغربي يفتح نيرانه ويعلن الطوارئ وتنعقد جلسات مجلس الأمن وتبدأ ماكينات البروباغندا بالبكاء الجماعي على الديمقراطية التي تتعرض للتهديد .
هذه ليست مسألة صاروخ أو مشفى إنها معركة على الرواية من يملك الحق في الألم ومن يُسمح له بالشكوى من يُصنف إنسانًا كاملًا ومن يُختزل في أرقام وبيانات صحفية إسرائيل تدرك أن ما يهددها ليس فقط الرد الإيراني بل انهيار صورتها كضحية أبدية أمام شعوب العالم وسقوط روايتها أمام مشاهد المجازر التي لا يمكن إخفاؤها حتى بألف مؤتمر صحفي أو رواية أمنية .
اللافت أن منابر عربية شاركت في هذا التواطؤ الأخلاقي وكررت الرواية الإسرائيلية عن "الإرهاب الإيراني" بينما لم ترف لها عين وهي تشاهد غزة تُحرق على مدى شهور لقد أصبح بعض العرب مجرد صدى لما يقوله الاحتلال بل أحيانًا يزايدون عليه في الدفاع عن حقه في القتل .
وفي المقابل فإن المشهد من اليمن ولبنان والعراق وحتى الخليج يشهد تحولات تدريجية في وعي الجماهير التي بدأت ترى بوضوح أن من يُصنَّف إرهابيًا اليوم هو من يردّ على القصف لا من بدأ الحرب وأن من يُتهم بالعدوان هو من تجرأ على كسر هيبة المعتدي .
قصف سوروكا لم يكن فقط ضربة صاروخية بل كان صفعة على وجه الرواية الصهيونية رسالة تقول إن اليد التي تضرب غزة وتقتل أطفالها لن تبقى في مأمن وإن الألم ليس حكرًا على المحتل وإن هناك من قرر كسر المعادلة ولو بعد حين .
في النهاية فإن من يريد للآخرين أن يبكوا معه على إصابته عليه أولًا أن يتوقف عن قتل الآخرين عليه أن يفتّش في مرآة الحقيقة قبل أن يطالب العالم بالتعاطف لأن ما ينعكس فيها اليوم ليس وجه الضحية بل وجه الجلاد .









