تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في مشهد يختصر حجم المأساة الإنسانية في قطاع غزة، حذر الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، من تصاعد حالات الوفاة بين الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية الحاد، محملًا الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية "القتل الممنهج" عبر الحصار وإغلاق المعابر، وسط صمت دولي مثير للقلق.

66 طفلًا ضحايا الجوع... وجوري المصري آخرهم

وفي مداخلة عبر قناة "الجزيرة"، كشف البرش عن استشهاد 66 طفلًا حتى الآن نتيجة سوء التغذية، مشيرًا إلى أن آخر الضحايا كانت الطفلة جوري المصري، البالغة من العمر ثلاثة أشهر. وأكد أن الأطفال يمثلون الفئة الأكثر هشاشة، وقد أصبحوا على رأس قائمة الضحايا بفعل سياسة تجويع متعمدة.

منع الغذاء والدواء يعمّق الأزمة

أوضح البرش أن قوات الاحتلال تمنع دخول الغذاء والدواء بشكل كامل، مغلقة جميع المعابر، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الصحية، خاصة بين الأطفال. ولفت إلى أن النظام الصحي بات عاجزًا عن الاستجابة، بسبب نقص الحليب العلاجي والأدوات الأساسية، قائلًا: “إن لم يدخل هذا الحليب، فالمصير هو الموت”.

أرقام صادمة: أكثر من 70 ألف طفل يعانون من سوء التغذية

وفقًا لتقارير برنامج الأغذية العالمي، فإن نحو 1.2 مليون فلسطيني في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 785 ألف طفل محرومون من الغذاء الصحي، و70 ألفًا يعانون من سوء تغذية حاد. وقد تم تسجيل 8923 حالة سوء تغذية بين الأطفال منذ إغلاق المعابر، من بينهم أكثر من ألف حالة تُوصف بـ"الخطيرة".

المرضى يموتون بصمت... والحصار يقتل الأمل

أكد البرش أن الكارثة لا تقتصر على الأطفال، حيث استشهد 546 مريضًا منذ بداية الحرب بسبب توقف التحويلات الطبية، وعدم قدرة المرضى على مغادرة القطاع للعلاج. وتبقى آلاف الحالات تنتظر دون جدوى، في ظل انهيار القطاع الصحي.

المدنيون يُستهدفون أثناء البحث عن الطعام

وأشار البرش إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بمنع المساعدات، بل استهدف المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إليها، مؤكدًا استشهاد طبيب فلسطيني كان يحاول جلب طعام لأطفاله. ووفق وزارة الصحة، فقد استشهد 549 فلسطينيًا قرب مراكز توزيع المساعدات منذ 27 مايو، إضافة إلى أكثر من 4 آلاف مصاب.

تدمير ممنهج وجوائز للجنود

اتهم البرش الاحتلال باتباع سياسة تدمير متعمدة للبنية التحتية، مشيرًا إلى تقارير تفيد بمنح مكافآت مالية لجنود الاحتلال مقابل تدمير المباني. وذكر أن مخيم جباليا "أُبيد بالكامل"، وأصبح سكانه مشردين بلا مأوى أو غذاء.

"غزة دخلت مرحلة ما بعد الكارثة"

واختتم البرش تصريحاته بالتحذير من أن قطاع غزة دخل فعليًا في "مرحلة ما بعد الكارثة"، حيث "يهيم الناس في الشوارع بلا مأوى، ويموت الأطفال تباعًا في أحضان أمهاتهم"، داعيًا إلى تحرك دولي فوري لفتح المعابر وإنهاء الحصار، قبل أن "تلتهم المجاعة من تبقى من أطفال غزة".