-
℃ 11 تركيا
-
15 يونيو 2025
أزمة تعبئة في جيش الاحتلال: تراجع غير مسبوق في استجابة جنود الاحتياط مع تصاعد العدوان
تآكل الحافز لدى جنود الاحتياط
أزمة تعبئة في جيش الاحتلال: تراجع غير مسبوق في استجابة جنود الاحتياط مع تصاعد العدوان
-
5 مايو 2025, 2:11:30 م
-
406
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
في تطور لافت يعكس عمق الأزمة الداخلية في دولة الاحتلال، كشفت وسائل إعلام عبرية عن تراجع ملحوظ في استعداد جنود الاحتياط للالتحاق بالخدمة العسكرية مجددًا، بعد مرور أكثر من 19 شهرًا على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. يأتي ذلك في ظل جدل داخلي واسع حول أهداف الحرب، والانقسام السياسي، والتدهور الاجتماعي والاقتصادي الذي يطال الجنود وعائلاتهم.
تآكل الحافز لدى جنود الاحتياط
أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن عدداً كبيراً من جنود وضباط الاحتياط أعلنوا، حتى قبل تلقي أوامر الاستدعاء، رفضهم المشاركة في العملية العسكرية الموسعة المرتقبة في غزة. هذا التراجع في الحافز يُعزى إلى إرهاق بدني ونفسي متراكم، حيث تم استدعاء البعض منهم ثلاث وأربع مرات منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفقًا للصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي أرسل خلال عطلة نهاية الأسبوع عشرات الآلاف من أوامر الاستدعاء، إلا أن التوقعات تشير إلى أن نسبة الحضور لن تتجاوز 60% إلى 70%، وهي نسبة تعتبر متدنية مقارنة بالاستدعاءات السابقة.
توسيع العدوان رغم الخلافات
يأتي قرار استدعاء جنود الاحتياط في أعقاب مصادقة "الكابينيت" الإسرائيلي على توسيع العمليات العسكرية، بدعوى زيادة الضغط العسكري على "حماس" لدفعها نحو صفقة تبادل أسرى، دون الإعلان عن وقف لإطلاق النار. لكن المفارقة أن الخلافات داخل المؤسسة السياسية والعسكرية حول الأولويات—هزيمة حماس أم تحرير الأسرى—تُضعف الثقة وتُربك الجنود.
وتشير صحيفة "هآرتس" إلى أن هذا التخبط يعكس نفسه في تردد جنود الاحتياط، الذين بدأ كثير منهم يشكك في جدوى الحرب وأهدافها الحقيقية.
الإرهاق والضغوط الاجتماعية
العامل النفسي والاجتماعي بات يلعب دورًا محوريًا في عزوف جنود الاحتياط. فقد خدم العديد منهم لأكثر من 275 يومًا، وهو ما أدى إلى تفكك أسر، وفقدان وظائف، وتأخر في الدراسة الجامعية. تضيف التقارير أن بعض الجنود طُردوا من أعمالهم بسبب كثرة غياباتهم، فيما تزايد الشعور بالإرهاق العاطفي نتيجة الغياب المتكرر عن الزوجات والأبناء.
فقدان الثقة في الحكومة والقيادة
ومن أبرز أسباب العزوف كذلك، فقدان الثقة في قرارات الحكومة الإسرائيلية، حيث يرى كثير من الجنود أن الاعتبارات السياسية أصبحت تطغى على الأهداف العسكرية. يتساءل جنود كثيرون: "لماذا نضحي بأنفسنا وبأسرنا من أجل حرب قد تكون دوافعها سياسية؟".
غياب أهداف واضحة للحرب يزيد من هذا التردد، فلا يُطلب من الجنود فقط المخاطرة بحياتهم، بل يُطلب منهم أيضاً المشاركة في معركة تفتقر إلى رؤية واضحة.
العامل "الحريدي" وتأثيره المتصاعد
الجدل حول إعفاء المتدينين "الحريديم" من الخدمة العسكرية شكّل عامل استياء إضافيًا. مشروع قانون يُرتقب عرضه في بداية الشهر المقبل يُكرّس إعفاءات شبه شاملة لهذه الفئة، ما جعل كثيرًا من الجنود الاحتياط يشعرون بالتمييز والاستغلال.
أحد الجنود عبّر عن ذلك قائلاً: "أترك زوجتي وطفلي للمرة الخامسة، بينما الحريديم يرفضون الخدمة – هذا ليس عدلًا".
تحديات المستقبل وثقة الجمهور
تحذر "جيروزاليم بوست" من أن تآكل ثقة الجمهور الإسرائيلي في الجيش والحكومة قد يمثل تحديًا استراتيجيًا أكبر حتى من العدو في غزة. إذ يتطلب النصر في الحروب تماسكًا داخليًا، ودافعًا معنويًا مرتفعًا لدى الجنود، وشعورًا بأن التضحيات مشتركة وعادلة.
لكن حين يشعر جنود الاحتياط بأنهم وحدهم في ساحة التضحية، وبدون دعم حقيقي من المجتمع أو أهداف واضحة، فإن رغبتهم في الاستمرار تتلاشى تدريجيًا، كما بدأت بوادر ذلك بالظهور في الاستدعاءات الأخيرة.
استمرار العدوان رغم التهدئة السابقة
جدير بالذكر أن الاحتلال الإسرائيلي استأنف عدوانه على غزة في 18 آذار/مارس 2025، بعد هدنة استمرت شهرين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. ورغم ذلك، خرق الاحتلال الاتفاق طوال فترة التهدئة، مستمرًا في عدوانه بدعم أميركي مطلق.
ومنذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر العدوان عن استشهاد وإصابة أكثر من 170 ألف فلسطيني، بينهم آلاف النساء والأطفال، في واحدة من أكثر المآسي الإنسانية المروعة في التاريخ المعاصر.









