تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

منذ تجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 18 آذار/مارس 2025، تتفاقم الأزمات المعيشية بشكل غير مسبوق، وتتصدر أزمة الطهي والوقود المشهد اليومي لحياة الفلسطينيين، حيث بات العثور على وسائل الطهي كالحطب والأخشاب مهمة شبه مستحيلة، ما دفع الآلاف من سكان القطاع إلى استخدام مواد خطرة وسامة كالبلاستيك والملابس البالية لإشعال النار، في ظل الحصار الخانق واستمرار العمليات العسكرية.

الاحتلال يحوّل غزة إلى منطقة محروقة

بحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 55 أمر إخلاء منذ مارس الماضي، سيطر بموجبها على نحو 81% من مساحة قطاع غزة، أي ما يعادل 297 كيلومتراً مربعاً، مما حرم السكان من الوصول إلى المناطق الزراعية ومصادر الحطب الأساسية.

هذا الوضع أجبر أكثر من 373 ألف فلسطيني على النزوح إلى مناطق مكتظة في غرب ووسط القطاع، تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، بما في ذلك الغاز والمياه والغذاء، فضلًا عن الأمن.

مهنة الحطب.. رحلة بحث تنتهي بالموت

في ظل انعدام البدائل، لجأ كثير من الشبان إلى جمع الحطب وبيعه كمصدر دخل، كما فعل الشاب "باسم العديني" الذي يخاطر بحياته يوميًا لجمع أغصان الأشجار من مناطق الزهراء والمغراقة، رغم قربها من مناطق العمليات العسكرية الإسرائيلية.

لكن مع توسّع العمليات القتالية والقصف المباشر للمناطق الزراعية، بات الوصول لتلك المناطق مخاطرة قد تكلّفهم حياتهم، وأصبحت المهنة في حد ذاتها تهديدًا بالموت.

أسعار الحطب تحلّق.. وبدائل قاتلة

كان سعر كيلو الحطب يتراوح سابقًا بين 3 و4 شواكل، لكنه تجاوز مؤخرًا 10 شواكل للكيلو الواحد، أي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف، وهو ما لا تستطيع تحمّله الأسر التي فقدت دخلها، ما دفعها إلى اللجوء إلى مواد خطرة للطهو كالبلاستيك وبقايا الملابس.

وتحتاج الأسرة الواحدة إلى ما يقارب 5 كيلو يوميًا من الحطب، وهو ما يجعل الحطب سلعة نادرة ومكلفة، في ظل شلل الأسواق وانقطاع الإمدادات.

تحذيرات طبية من كارثة صحية مدمرة

أطباء ومختصون في غزة حذروا من الآثار الصحية المدمّرة لحرق البلاستيك، الذي يطلق مواد سامة مثل الديوكسينات والفورمالديهايد، ما يسبب أمراضًا مزمنة في الجهاز التنفسي، ويزيد من خطر الإصابة بالسرطان، لا سيما لدى الأطفال والمسنين.

المجاعة الكاملة تهدد غزة.. ومطالب بتحرك دولي

مع استمرار الحصار والتجويع الممنهج، تؤكد تقارير أممية أن غزة دخلت مرحلة "المجاعة الكاملة"، ويعيش أكثر من 1.5 مليون إنسان في حالة انعدام تام للأمن الغذائي، وسط شلل شبكات الكهرباء والمياه، وتوقف سلاسل الإمداد والمساعدات.

في ظل هذا الوضع الكارثي، تتصاعد الدعوات الفلسطينية والدولية لضرورة تدخل عاجل من المجتمع الدولي، والضغط على الاحتلال لفتح المعابر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية والوقود، وإنهاء سياسة الإبادة بالتجويع.