-
℃ 11 تركيا
-
11 أغسطس 2025
وحدة الشرعنة الإسرائيلية: صناعة الذرائع وتبرير الانتهاكات في حرب غزة
حرب على القيم الإنسانية المشتركة
وحدة الشرعنة الإسرائيلية: صناعة الذرائع وتبرير الانتهاكات في حرب غزة
-
11 أغسطس 2025, 6:05:19 م
-
419
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، شهد العالم تحوّلًا جديدًا في أساليب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ليس فقط على الأرض الميدانية بل أيضًا في ميدان الإعلام والرواية السياسية. فقد أسس الاحتلال الإسرائيلي داخل شعبة الاستخبارات العسكرية وحدة جديدة تُعرف باسم "وحدة الشرعنة"، والتي كشفت تفاصيلها الصحفي الإسرائيلي يوفال أبراهام عبر منصة التواصل الاجتماعي "X".
هذه الوحدة، رغم اسمها الذي يوحي بدور قانوني أو أخلاقي، تمثل سلاحًا جديدًا في الحرب الإعلامية والدعائية التي تخوضها إسرائيل لتبرير ممارساتها وانتهاكاتها.
وظيفة استراتيجية: صناعة الذرائع الممنهجة
تعمل وحدة الشرعنة وفق مبدأ أساسي وثابت هو صناعة مبرر مقبول لكل عمل عسكري أو استهداف مدني، بغض النظر عن بشاعة أو حجم هذا الاستهداف. فوظيفتها ليست جمع المعلومات الاستخباراتية التقليدية، بل تحويل الحقائق إلى ذرائع تخدم رواية الاحتلال أمام الرأي العام المحلي والدولي.
الآلية التي تعتمد عليها الوحدة تكمن في "زرع الشك"، بحيث يتم تضخيم حادثة فردية أو استغلال وثيقة وحيدة لتبرير سياسة عسكرية واسعة النطاق. على سبيل المثال، يكفي اتهام مستشفى واحد بأنه مركز قيادة ميداني، لتبرير تدمير البنية التحتية الصحية بأكملها في غزة. كذلك، يكفي وصف صحفي واحد بأنه "مقاتل" لتبرير استهداف الصحفيين جميعًا، في حملة ممنهجة تهدف إلى تدمير أي صوت ينقل الحقيقة إلى العالم.
حرب على القيم الإنسانية المشتركة

تتجاوز وظيفة وحدة الشرعنة مجرد تبرير العمليات العسكرية، لتصبح حربًا ممنهجة على القيم الإنسانية التي تشكل الركيزة الأساسية للوعي الإنساني العالمي. فهي تستهدف عمدًا تدمير ركائز الحياة المدنية مثل الصحة، والتعليم، والصحافة، والثقافة، والأدب والفنون.
هذه الاستراتيجية تهدف إلى إعادة تعريف مفهوم الضحية والمجرم داخل الوعي العام الإسرائيلي والعالمي. حيث يتم تحطيم القيم الإنسانية المشتركة وتحويل استهداف المؤسسات المدنية إلى أمر "طبيعي" ومبرر، مما يسهل على الاحتلال الاستمرار في عمليات القصف والدمار دون أن يواجه إدانات دولية حقيقية.
دلالة عسكرية وإعلامية: الحرب على جبهة الوعي
وجود وحدة الشرعنة داخل الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يوضح أن الحرب لم تعد تقتصر على الميدان العسكري وحده، بل امتدت إلى ميدان "الوعي العالمي". هذه الوحدة تحوّل الأكاذيب المدروسة والممنهجة إلى سلاح ردع نفسي وإعلامي يهدف إلى إسقاط الحماية القانونية والمعنوية عن المدنيين الفلسطينيين.
تعمل الوحدة على صناعة "روايات بديلة" للحرب النارية التي تشهدها غزة، وهي تسعى إلى إعادة تشكيل الرأي العام عبر التلاعب بالمعلومات وتحريف الحقائق، وتحويل جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال إلى "عمليات مشروعة" في عيون الجمهور المستهدف.
تأثير وحدة الشرعنة على الإعلام الدولي
تُظهر الأدلة كيف أن وحدة الشرعنة تؤثر بشكل مباشر على وسائل الإعلام الدولية، حيث تقوم بنشر روايات متضاربة تُخفي الحقيقة أو تحرفها، مما يُضعف من مصداقية التقارير الحقيقية التي توثق الانتهاكات. كما تُستغل هذه الروايات لتبرير الإجراءات الإسرائيلية أمام منظمات دولية، مثل الأمم المتحدة، وتجاهل مطالب حقوق الإنسان.
هذا التضليل يؤثر سلبًا على الجهود الدولية الرامية إلى حماية المدنيين ووقف الانتهاكات، لأنه يُسوّق للرواية الإسرائيلية التي تحاول تقليل المسؤولية وتحويل العدالة إلى أداة تفاوض.
ردود الفعل الدولية وأهمية كشف وحدة الشرعنة
أدت التصريحات الصحفية والإفصاحات حول وجود وحدة الشرعنة إلى استنكار واسع من قبل منظمات حقوق الإنسان والإعلام الدولي، التي أكدت على ضرورة كشف هذه الوحدة وفضح استراتيجياتها التي تعتمد على التضليل والخداع.

تؤكد هذه الردود على أهمية تعزيز حرية الإعلام وتوفير الحماية للصحفيين في مناطق النزاع، خاصة في غزة، حيث تتعرض المؤسسات الإعلامية إلى استهداف ممنهج. كما تطالب المجتمع الدولي بفتح تحقيقات مستقلة للكشف عن جرائم الحرب ورفض الروايات المزيفة التي تبرر الانتهاكات.
إن خلية "الشرعنة" في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تمثل تطورًا خطيرًا في أساليب الصراع، حيث تحولت الحرب إلى معركة على الرواية والسرد السياسي، لا تقتصر فقط على الميدان العسكري. هذه الوحدة أصبحت أداة حربية مصممة لصناعة الذرائع والذرائع المزيفة لتبرير استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية في غزة.
إن مواجهة هذا السلاح الجديد تتطلب جهودًا دولية قوية لكشف الحقائق، دعم حرية الإعلام، وحماية المدنيين من الحرب النفسية والإعلامية التي تمارسها إسرائيل. كما يجب أن تُتابع هذه القضية ضمن ملفات حقوق الإنسان والقانون الدولي، لضمان عدم إفلات مرتكبي الانتهاكات من العقاب.







