خبراء يحذرون من "الإفلات من العقاب"

هل تطبق الهند "نموذج إسرائيل" في كشمير؟

profile
  • clock 25 أبريل 2025, 4:48:33 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لطالما عقد الأكاديميون والنشطاء مقارنة بين سيطرة الهند على كشمير واحتلال "إسرائيل" لفلسطين. واليوم، باتت شخصيات هندية بارزة تستدعي هذه المقارنة وتتبناها بشكل علني.

فبعد هجوم استهدف سائحين في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، تصاعدت الدعوات في الأوساط الأمنية والإعلامية الهندية، وحتى بين الجمهور، لتوجيه "رد انتقامي على غرار إسرائيل".

وبينما تتواصل ردود الفعل على الحادث، حذر خبراء من أن اعتماد "دليل إسرائيل" في كشمير سيعزز مناخ الإفلات من العقاب في تعامل الدولة مع الكشميريين.

مذبحة في قلب كشمير وتبعاتها

في يوم الثلاثاء، فتح مسلحون النار على مجموعة من السائحين قرب منطقة بَهلغام وسط كشمير، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 26 سائحًا، معظمهم من الهند. وأعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم "جبهة المقاومة" – والمرتبطة بتنظيم "لشكر طيبة" الباكستاني – مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن صحة هذه البيانات لا تزال قيد التحقق.

ورغم أن لقطات إعلامية وشهادات شهود عيان من موقع الحادث أظهرت قيام سكان كشميريين محليين بحماية السائحين بعد الهجوم مباشرة، إلا أن العديد من الهنود دعوا إلى رد انتقامي شرس ضد الكشميريين والمسلمين، مستلهمين مثال "إسرائيل" في عدوانها المستمر على غزة، الذي أودى بحياة أكثر من 51 ألف فلسطيني.

تصعيد في الخطاب: من وسائل التواصل إلى الإعلام الرسمي

صرح البروفيسور محمد جنيد من كلية ماساتشوستس للفنون الحرة، والمتخصص في عنف الدولة والنشاط السياسي في كشمير، بأن الخطاب المتداول على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يروّج له "اليمين الهندوسي"، مستقى من "الخطابات المعادية للمسلمين والفلسطينيين والمهاجرين والأقليات في الغرب".

وأضاف أن العديد من هذه الدعوات صدرت عن منظمات وإعلاميين بارزين. على سبيل المثال، دعت شبكة Stop Hindu Hate Advocacy Network (SHHAN) التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها، إلى "تسوية كشمير بالأرض"، مقارِنة بين كشمير وغزة.

 

كما لفت المذيع الهندي المعروف أرناب غوسوامي الانتباه عندما قال في برنامجه على قناة Republic World اليمينية: "22 أبريل هو للهند مثل 7 أكتوبر بالنسبة للإسرائيليين". وأضاف أحد ضيوفه: "نطالب بأن نحول باكستان إلى غزة".

وسار الصحفي الهندي سانجاي ديكسيت على نفس النهج، موجّهًا رسالة مماثلة عبر قناته Jaipur Dialogues على يوتيوب.

التبني الرسمي لنموذج الاحتلال

لم تقتصر هذه الدعوات على وسائل التواصل والبرامج الحوارية، بل تبنتها وسائل الإعلام الرئيسية في الهند وأعضاء في أجهزة الأمن، ما رسّخ المقارنة بين الهند و"إسرائيل" كمشروعين متشابهين.

 

شبكة Zee News الإخبارية الهندية وصفت رد السفير الإسرائيلي رؤوفين عازار بأنه "بيان من أقرب أصدقاء الهند، إسرائيل".

وقال المدير العام السابق للشرطة في جامو وكشمير، إس. بي. فايد، وفقًا لما نقلته صحيفة Jagran الهندية: "يجب أن نرد كما تفعل إسرائيل".

انتهاكات ممنهجة وبدعم من الدولة

وثقت منظمات حقوق الإنسان كيف أن شرطة جامو وكشمير، التابعة لوزارة الداخلية الهندية، شنت مداهمات وحققت مع صحفيين، واحتجزت كشميريين خارج نطاق القانون.

كما دعا الجنرال السابق في الجيش الهندي إم. إم. ناراڤاني، في مقال بصحيفة The Print، إلى أن "تستعير الهند من تكتيكات إسرائيل"، وكتب: "لقد حان الوقت للهند لتكشف أنيابها وألا تخضع لدعوات ضبط النفس".

ويُعد إقليم كشمير الخاضع لسيطرة الهند "المنطقة الأكثر عسكرة في العالم"، حيث أن العديد من الجنود الهنود يتلقون تدريبات من القوات الإسرائيلية.

خلفية: جذور نموذج "إسرائيل" في كشمير

ليست هذه المرة الأولى التي يُطرح فيها "النموذج الإسرائيلي" في سياق كشمير. ففي يونيو 2024، دعا الكاتب الهندي أناند رانغاناثان إلى "حل شبيه بإسرائيل" في كشمير، بعد نحو عام من بدء الحرب على غزة.

وسبق أن أدلى القنصل الهندي في نيويورك ساندديب شاكرڤورتي في عام 2019 بتصريحات مشابهة.

وقالت المحامية والكاتبة سوشيترا ڤيجايان لموقع MEE إن "الدعوة إلى تكتيكات على طريقة إسرائيل من قبل الساسة والإعلام والمستخدمين الهنود على الإنترنت ليست عشوائية"، بل تعكس "اصطفافًا أيديولوجيًا واستراتيجيًا بين دولتين قوميتين - الهند وإسرائيل - تطبّعان الاحتلال العسكري طويل الأمد، والهندسة الديمغرافية، وتجريم المعارضة".

وأضافت أن العلاقة تتجاوز الجانب الأيديولوجي، لتشمل "بنى مشتركة للعنف: المراقبة، القمع الرقمي، السيطرة على السكان، وأنظمة الشرطة التي باتت تعتمد بشكل متزايد على ممارسات كل طرف".

تعاون أمني وتسليحي متعمق بين الهند و"إسرائيل"

لطالما كانت الهند أكبر مشترٍ للأسلحة الإسرائيلية، في حين استُخدمت طائرات "هيرميس" بدون طيار المصنعة في الهند في حرب "إسرائيل" على غزة.

وتُظهر الأبحاث أن تقنيات المراقبة والطائرات الإسرائيلية تُستخدم أيضًا في كشمير.

كما وثق الباحثون ومنظمات حقوق الإنسان اعتماد كلا النظامين، الهندي والإسرائيلي، على ممارسات مشتركة مثل هدم المنازل كعقاب، والقتل خارج القانون، والاعتقالات التعسفية، سواء ضد الفلسطينيين أو الكشميريين.

وقد تصاعد استخدام هذه التكتيكات بعد إلغاء الوضع الخاص لكشمير عام 2019، حيث شنّت الحكومة الهندية حملة قمع واسعة ضد الصحفيين والمجتمع المدني.

مشروع استيطاني وتغيير ديمغرافي

توضح الباحثة الكشميرية حفصة كنچوال أن قرار الحكومة الهندية عام 2019 – الذي يسمح للهنود بشراء الأراضي في كشمير – يمهّد الطريق لـ"مشاريع استعمار استيطاني" مشابهة لما يحدث في فلسطين، عبر فرض "تغيير ديمغرافي قسري".

ويؤكد البروفيسور جنيد أن استدعاء أوجه الشبه بين الهند و"إسرائيل" يهدف من جانب اليمين الهندوسي إلى "نيل نفس الإفلات من العقاب في قتل وتدمير حياة المسلمين والكشميريين الذي يعتقد أن إسرائيل تحظى به".

وأضاف: "هم يغذّون الكراهية وتجريد الفلسطينيين والكشميريين من إنسانيتهم، ويستخدمون قوة الدولة لصناعة مشاهد استعراضية للهيمنة".

تصعيد ميداني ضد الكشميريين

وفي آخر التطورات، أفادت صحيفة Maktoob Media الهندية باعتقال ما لا يقل عن 1500 كشميري، إضافة إلى تعرض طلاب كشميريين لهجمات عنيفة من قبل جماعات قومية هندوسية في أنحاء الهند.

واختتمت سوشيترا ڤيجايان بقولها: "قدرة إسرائيل على العمل بإفلات من العقاب صنعت سابقة عالمية، والهند تراقب وتتبنّى وتتكيف".

المصادر

ميدل إيست آي

التعليقات (0)