إبادة جماعية مستمرة وصمت دولي مخزٍ

منظمة "أطباء العالم": استهداف مكتبنا في غزة جريمة حرب وانتهاك خطير للقانون الدولي

profile
  • clock 12 يونيو 2025, 1:41:57 م
  • eye 418
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في حادثة جديدة تُضاف إلى سلسلة الانتهاكات الممنهجة بحق المؤسسات الإنسانية في قطاع غزة، أعلنت منظمة "أطباء العالم" الدولية أن أحد مكاتبها في مدينة دير البلح وسط القطاع، تعرّض لهجوم جوي نفذته طائرات مسيّرة إسرائيلية صباح الثلاثاء، ما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين، بينهم أطفال.

استشهاد ثمانية مدنيين بينهم أطفال ومراهقون

ووفق بيان رسمي صدر عن المنظمة يوم الأربعاء، فقد أسفر القصف الإسرائيلي عن مقتل ثمانية مدنيين على الأقل، بينهم أربعة أطفال ومراهق وثلاثة بالغين، كانوا جميعًا داخل الطابق العلوي من المبنى الذي أصيب بشكل مباشر بالقصف.

هذا الهجوم الدموي يعكس مستوى التصعيد الخطير الذي تمارسه قوات الاحتلال، دون مراعاة لحرمة المنشآت الإنسانية أو الأرواح البريئة.

المكتب المستهدف كان مسجلاً ومحميًا دوليًا

أكدت منظمة "أطباء العالم" أن المكتب المستهدف كان مُسجّلًا رسميًا لدى السلطات العسكرية الإسرائيلية، ضمن ما يعرف بـ"المواقع المخفّفة النزاع"، وهي المواقع التي يفترض أن تتمتع بحماية قانونية وإنسانية خاصة بموجب القانون الدولي الإنساني والتنسيق المسبق.

ورغم هذا الوضع المحمي، لم يتم توجيه أي تحذير مسبق يسمح بالإخلاء أو اتخاذ تدابير وقائية، ما يُعدّ انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي، ويثير تساؤلات حول نوايا الاحتلال في استهداف المؤسسات الإنسانية عن سابق إصرار.

المنظمة: القصف المتكرر يهدد العاملين في المجال الإنساني

قال سيمون تايلر، مدير منظمة "أطباء العالم"، في تصريحه: "هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها استهداف مكاتبنا في غزة رغم تسجيلها رسميًا لدى السلطات الإسرائيلية. من غير المقبول أن تُضرب المساحات الإنسانية مرارًا وتكرارًا دون محاسبة."

وأضاف تايلر: "نطالب الدول الفاعلة بتجاوز الإدانات الكلامية، والتحرك العاجل لضمان احترام القانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإغاثي، الذين يواجهون مخاطر متزايدة في كل يوم."

دير البلح... من ملاذ إنساني إلى ساحة قصف

تجدر الإشارة إلى أن منطقة دير البلح كانت تُعدّ من المناطق الأقل تعرضًا للقصف في الفترات السابقة، وتضم العديد من مكاتب المنظمات الإنسانية الدولية، إضافة إلى آلاف النازحين الذين فروا من شمال غزة وخان يونس.

وبالتالي فإن استهداف هذه المنطقة يُعدّ ضربة قاسية للبنية الإنسانية التي يعتمد عليها السكان المحاصرون، ويقوّض الجهود الإغاثية المحدودة أصلًا.

غياب الرد الإسرائيلي وتجاهل كامل للمسؤولية

أوضحت المنظمة في ختام بيانها أنها لم تتلق أي تبرير رسمي من الجانب الإسرائيلي حتى لحظة إصدار البيان، رغم محاولاتها المتكررة للتواصل مع مكتب التنسيق والارتباط (CLA) الإسرائيلي، مما يعزز القناعة بأن ما جرى ليس خطأ فرديًا، بل سياسة ممنهجة للتصعيد.

إبادة جماعية مستمرة وصمت دولي مخزٍ

يأتي هذا الاستهداف ضمن سياق أوسع من الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، في ظل تجاهل تام للنداءات الدولية وحتى لأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الحرب.

وقد أسفرت هذه الحرب عن نحو 182 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ودمار واسع طال كل مقومات الحياة في القطاع المحاصر، وسط تفشي المجاعة وانتشار الأمراض.

إن استهداف المؤسسات الطبية والإغاثية يكشف الوجه الحقيقي للعدوان الإسرائيلي، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية، إن كان لا يزال لهذا العالم ضمير.

التعليقات (0)