-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
فرنسا: دعوة عاجلة لفتح غزة أمام الصحافة وتحذير من موت الصحفيين جوعاً
فرنسا: دعوة عاجلة لفتح غزة أمام الصحافة وتحذير من موت الصحفيين جوعاً
-
22 يوليو 2025, 12:35:10 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في تطور لافت يعكس حجم القلق الأوروبي من تدهور الأوضاع في قطاع غزة، دعا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى السماح "الفوري" بدخول الصحافة الأجنبية إلى غزة، المحاصرة منذ قرابة عامين، والتي تئن تحت وطأة المجاعة والانهيار الكامل في البنية التحتية. تصريحات بارو جاءت خلال مقابلة مع إذاعة فرانس إنتر، حيث شدد على أن "تمكين الصحافة الحرة والمستقلة من الوصول إلى غزة أمر حتمي لتوثيق ما يجري على الأرض، ووضع العالم أمام الحقيقة كما هي".
وجاءت هذه الدعوة بعد تحذيرات صادمة أطلقتها وكالة الصحافة الفرنسية فرانس برس من أن حياة الصحافيين الفلسطينيين العاملين معها في القطاع باتت مهددة بشكل مباشر، ليس فقط بالقصف أو القمع، بل بالمجاعة أيضًا، نتيجة الحصار المزدوج: الإعلامي والإنساني. وطالبت الوكالة الاحتلال بالسماح الفوري لهؤلاء الصحافيين ولأسرهم بمغادرة القطاع، معتبرة أن استمرار عزل غزة عن العالم يفاقم من المخاطر المحدقة بالمدنيين والكوادر الإعلامية.
الصحفيون يموتون جوعاً
لم تتوقف التحذيرات عند المؤسسات، بل امتد صداها إلى داخل الوكالة نفسها. فقد أصدرت "جمعية الصحفيين"، وهي مجموعة تمثل العاملين في وكالة فرانس برس، بياناً شديد اللهجة يوم الإثنين، ناشدت فيه "التدخل العاجل" لإنقاذ حياة الصحفيين المحليين الذين يتعاونون مع الوكالة من داخل غزة. وذكر البيان بشكل خاص حالة شاب صحفي يبلغ من العمر ثلاثين عاماً، يعيش في مدينة غزة، فقد شقيقه الأكبر جوعاً قبل أيام قليلة.
وتقول الجمعية: "لقد فقدنا صحفيين في النزاعات، وتعرض بعضنا للإصابة أو الأسر، لكننا لم نشهد من قبل أن يموت زميل لنا جوعاً". هذه الكلمات كانت كفيلة بهز الضمير الغربي، لكنها لم تلقَ استجابة حاسمة من سلطات الاحتلال التي تواصل منع دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة منذ 7 أكتوبر، وهو ما أكدته الوكالة في بيان لها نُشر عبر منصتي "إكس" و"إنستغرام". وأوضحت الوكالة أن التغطية المستمرة التي يقدمها الصحافيون الفلسطينيون ضرورية لإبقاء العالم على اطلاع، لكنها أضافت أن حياتهم أصبحت "على المحك"، مطالبة بإجلائهم فورًا.
باريس تتحرك بصمت
وفي ردّه على سؤال حول إمكانية تدخل فرنسا لإجلاء هؤلاء الصحفيين، كشف بارو أن بلاده "تعالج هذه القضية"، معرباً عن أمله في أن "تُستكمل ترتيبات إجلاء عدد من المتعاونين الصحافيين في الأسابيع المقبلة". هذه التصريحات وإن بدت دبلوماسية في ظاهرها، إلا أنها تكشف عن إدراك فرنسي لحجم المأساة التي يعيشها الصحافيون في غزة، وتلمّح إلى مفاوضات غير معلنة تجري في الكواليس بين باريس وتل أبيب في هذا الشأن.
الاحتلال يُمعن في الجريمة
في جانب آخر من حديثه، أعاد وزير الخارجية الفرنسي التأكيد على موقف بلاده المطالب بـ"وقف فوري لإطلاق النار"، معبّراً عن صدمته من تصعيد الاحتلال عملياته العسكرية نحو مدينة دير البلح في وسط القطاع. وقال بارو: "ما يجري لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال. هذا هجوم يزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية، ويؤدي إلى موجة نزوح قسري جديدة، وهو ما ندينه بشدة".
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي فرض حصاره المشدد على قطاع غزة، معتمداً سياسة "التجويع والقصف المتزامن"، وسط تحذيرات دولية متصاعدة من انهيار تام للوضع الإنساني. وفي الوقت الذي يُمنع فيه الصحافيون الأجانب من دخول غزة، يُترك الصحافيون الفلسطينيون وحدهم في مواجهة الموت، دون حماية ولا ممرات آمنة ولا حتى غذاء يسد الرمق.
صمت دولي مريب
تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه المؤشرات على انهيار المنظومة الأخلاقية الدولية أمام جرائم الاحتلال. ففي ظل التجاهل الغربي المتواصل، لا يُسمح بدخول المساعدات إلا "بالتقطير"، ولا تُوفر حماية حقيقية للصحافيين، ولا يُسمح للعالم برؤية الحقيقة الكاملة. والمفارقة أن من يطالب بكشف الحقيقة اليوم ليست منظمات حقوقية أو فلسطينية، بل دول غربية، وعلى رأسها فرنسا، التي لم يعد بإمكانها غضّ الطرف عن موت الصحافيين جوعًا.
يبدو أن غزة تحولت إلى منطقة معزولة ليس فقط عن العالم بل عن الضمير، حيث تختلط النيران بالسكوت، والمجاعة بالصمت، والموت بالإعلام الأسود. والرسالة واضحة: من ينجو من القصف، قد لا ينجو من الجوع.









