عيد الشهداء.. لا عيد للناجين

غزة في عيدها: بين تكبيرات مكسورة وذكريات لا تموت

profile
  • clock 8 يونيو 2025, 2:35:37 م
  • eye 432
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

لم يكن صباح عيد الأضحى في غزة كأي عيد، بل كان امتدادًا لليلٍ لا تنطفئ فيه المدافع، حيث تصدّعت المآذن وسقطت تكبيرات العيد قبل أن تبلغ السماء. أصبح العيد هنا عنوانًا للفقد والدموع والدماء، يُستقبل بتوابيت الشهداء لا بالتهاني، وبأصوات الأمهات المنكوبات لا بأهازيج الأطفال.

عيد الشهداء.. لا عيد للناجين

في غزة، يُصبح الأب باحثًا عن كيس طحين فيعود كيس جثة لأطفاله، وتُزف جنازات الشهداء على إيقاع تكبيرات العيد. الأطفال يتحوّلون إلى أيتام فجأة، يختلط لديهم مفهوم العيد بالحرب، والفرحة بالرعب.

على الشاشات، لا يظهر من مظاهر العيد سوى اللون الأحمر، وفي الأخبار تزداد أرقام الشهداء والمحروقين، وتصبح تهاني العيد ثقيلة على الألسن، فلا أحد يجرؤ أن يقول: "كل عام وأنتم بخير"، في مدينة تحولت مساجدها إلى ركام.

أطفال يلعبون الحرب.. وينتهون كأشلاء

في محاولات بريئة للفرح، خرج بعض الأطفال يلعبون لعبة الحرب كما اعتادوا في الأعياد الماضية، لكن ضابط دبابة إسرائيلي قرر أن يلعب معهم بقذيفة، حوّلت أجسادهم الصغيرة إلى أشلاء ممزوجة بالتراب والدم.

الأعياد في غزة باتت ذكرى حزينة، لا حلوى فيها ولا كعك، لا "فسيخ" ولا زيارات، فقط رائحة الموت والاحتلال والخيام، وكل بيت يروي تفاصيل مؤلمة عن الوداع الأخير.

غزة المحاصرة.. أعيادها تحت الأنقاض

غزة التي كانت تستقبل العيد بالمآذن المضيئة والزينة وسعف النخيل، أصبحت مدينة بلا بوابات ولا ضيوف ولا مآذن. أهلها موزعون بين المقابر ومخيمات النزوح، وتاريخها يُكتب اليوم بدماء أطفالها وركام بيوتها.

"أم إسماعيل" ما زالت تنظر إلى كوفية زوجها الأسير، وتعد حبات السبحة وهي تستذكر الغائبين. أما "أم عمر" فتسمع جارتها الثكلى تغني:
"العيد مش للي ضلّوا.. العيد للي راحوا.. راحوا.. ليش تركتوني يما؟"

طفولة محروقة.. وأحلام معلّقة

في خيمة صغيرة، صنع الطفل ياسر أرجوحة من أسلاك الكهرباء المقطوعة لأخته الصغرى، لتبتعد عن مشهد الدمار... كانت تقول له: "طيرني فوق، ما بدي أشوف الحرب."
لكنه تردد قائلاً: "بخاف لو طرتي كتير يشوفك قناص إسرائيلي."
وما هي إلا لحظات حتى أغمضت عينيها إلى الأبد.

في الزنازين.. تكبيرات تُعذّب وصبرٌ يُذبح

في الزنزانة المنفردة، كان الأسير هشام يكبر بصوت خافت، فاقتحم السجّانون زنزانته، وضعوا دعامة حديدية على عنقه، وطلبوا منه أن يسبّ دينه ونبيه، لكنه تمسك بكلماته: "الله أكبر كبيرًا... أحدٌ أحد."
ثم صمت.. وصار شهيدًا للتكبير والموقف.

عيد شهيد.. لا عيد سعيد

في كل ركن من غزة وجعٌ لا يُروى، وفي كل بيت حكاية فقد، وفي كل عيد قصة شهادة. ومثلما قال أبو عرب قبل أن يرحل: "يا يما لو جانا العيد.. شو بينفع العيد للي مفارق حبابو؟"
فقد رحل أبو عرب، ورحل العرب، ورحل العيد والغوالي… بسبب العرب.

التعليقات (0)