عيد تحت القصف: لا أضاحي ولا فرحة

غزة تحت القصف: عيد الأضحى في الخيام.. دموع اليتامى وأمنيات الفقراء

profile
  • clock 8 يونيو 2025, 1:36:17 م
  • eye 423
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

بين ركام البيوت المهجّرة والخيام المهترئة في قلب مخيمات النزوح بخان يونس، يتكرر مشهد الألم، حيث يتحول عيد الأضحى من مناسبة فرح إلى طقس من الحزن والغياب. يجلس الحاج علي المغربي (71 عامًا) على قطعة خشب متهالكة، يراقب أحفاده الأربعة وهم يقتسمون كسرة خبز وصمت الفقد، بعدما فقدوا والديهم في غارة إسرائيلية حولت العيد إلى ذكرى أليمة.

عيد تحت القصف: لا أضاحي ولا فرحة

لم تعد ساحات غزة تعج بالأضاحي كما كانت في المواسم الماضية، بل امتلأت بالركام، وملأت الأرواح برائحة الموت. فبدلاً من ذبح العجول والخراف، تُذبح الطفولة كل يوم، ويسيل دم الشهداء في الشوارع، بينما الأسواق خاوية والبيوت خراب.

يروي الحاج المغربي للمركز الفلسطيني للإعلام: "كنا نربط العجل أمام البيت، ويهلل الأطفال حوله. نذبح ونوزع ونفرح، لكن العيد اليوم صار موعدًا للبكاء على الأحباب، وتذكّر البيوت التي صارت ترابًا."

أحفاده، الذين لم يتجاوز أكبرهم 13 عامًا، لا يعرفون عن العيد سوى الخيمة، والتراب، وغياب أم وأب لن يعودا.

أسئلة اليتامى دون أجوبة

من زاوية أخرى، يتحدث الحاج أبو تحرير أبو دقة (68 عامًا) عن معاناة حفيديه أشرف وريتال اللذين فقدا والدتهما قبل أشهر.
"كلما اقترب العيد يسألانني: متى ترجع ماما؟ لماذا لا نلبس مثل باقي الأطفال؟ ما معنى العيد إن لم تحتضننا أمّنا؟"، قالها وهو يبكي دون أن يجد جوابًا.

حال أشرف وريتال هو حال آلاف الأطفال الأيتام في غزة، الذين يتراكم عليهم الحزن مع كل عيد، في ظل فقدان أبسط مقومات الحياة والفرح.

الخراف تحترق والأسواق خاوية

قبل الحرب، كان أهالي غزة يتحدّون الظروف لشراء الأضاحي وإدخال الفرحة على أبنائهم، لكن اليوم الأضاحي انقرضت تقريبًا والأسواق فارغة. يقول سامي اللحام، تاجر أغنام من بلدة القرارة:
"كان لدي 500 رأس ماشية في مثل هذا الموسم، اليوم لا أملك شيئًا. الاحتلال دمّر المزارع وقتل المواشي، وحتى الأعلاف لم تسلم."

ارتفع سعر كيلو لحم الخروف الحي إلى 230 شيقلًا، واختفت العجول من السوق، بينما أصبحت اللحوم المجمدة ذكرى، بعدما كانت آخر ملاذ للفقراء.

37 ألف طفل يتيم و180 ألف جرح لا يلتئم

تستقبل غزة عيد الأضحى الرابع في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر، وهي تئنّ تحت كارثة إنسانية كبرى. بلغ عدد الشهداء والجرحى أكثر من 180 ألفًا، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى آلاف المفقودين الذين دفنتهم الركام.

تشير التقديرات إلى أن نحو 37 ألف طفل فقدوا أحد والديهم أو كليهما منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، هؤلاء لا يحملون ألعاب العيد أو حقائب المدرسة، بل يحملون صور الشهداء وذكريات الموت في خيام باردة.

صرخة من الخيام: غزة تريد أن تعيش

وسط هذا الواقع المأساوي، يرفع الغزيون صرخة من قلب العيد: "نريد فقط أن نعيش. أن نضحك مع أبنائنا. أن نذبح أضحية، لا أن نُذبح. أن ننام بلا قصف، ونصحو بلا جنازات."

ويختم الحاج علي المغربي دعاءه قائلاً: “اللهم أنهِ هذه الحرب. كفى.. غزة لم تعد تحتمل مزيدًا من الوجع.”ورغم الموت، تبقى غزة على قيد الأمل. تحمل الحكاية، وتنادي العالم: "نحن أحياء رغم الموت، باقون رغم الجراح، وسنفرح من جديد مهما طال الحزن."

التعليقات (0)