السياسة تتغلب على الأمن

صفقات ترامب في الشرق الأوسط تهدد الأمن القومي الإسرائيلي

profile
  • clock 12 مايو 2025, 1:25:35 م
  • eye 414
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ترامب

بقلم: يوآف ليمور | عن "إسرائيل اليوم"

في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، تتزايد المخاوف داخل أروقة الأمن الإسرائيلي من التداعيات السلبية لصفقات إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الشرق الأوسط، خصوصًا على الأمن القومي لإسرائيل. ووفقًا لتقارير من داخل أجهزة الأمن، هناك قلق متصاعد من ثلاثة ملفات محورية: البرنامج النووي الإيراني، الصفقات العسكرية الإقليمية، والوضع المتأزم في غزة.

أولاً: الاتفاق النووي مع إيران.. العودة إلى المربع الأول

تشير مصادر استخباراتية إلى أن إدارة ترامب – رغم موقفها المتشدد سابقًا – قد تدفع الآن باتجاه اتفاق نووي جديد مع إيران، لا يختلف كثيرًا في جوهره عن اتفاق أوباما عام 2015. الأخطر من ذلك أن المطالب الإسرائيلية بإخضاع إيران لنموذج "التفكيك الكامل" لم تُؤخذ بعين الاعتبار.

والأسوأ، أن هذا الاتفاق لا يتناول قضيتين أساسيتين من وجهة نظر إسرائيل: الإرهاب الإقليمي وترسانة الصواريخ والطائرات المُسيرة الإيرانية. وبذلك، فإن الاتفاق قد يمنح إيران ليس فقط شرعية ضمنية، بل أيضًا سيولة مالية تُمكنها من ترميم اقتصادها ومواصلة دعم أذرعها في المنطقة.

ثانيًا: صفقات التسلح في الخليج تهدد التفوق النوعي

بالتوازي، يستعد ترامب لتوقيع صفقات تسليح ضخمة خلال زيارته المرتقبة إلى الخليج، مع السعودية وربما الإمارات وقطر أيضًا. هذه الصفقات، التي تشمل تكنولوجيا عسكرية متطورة، قد تُضعف التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، وهو أحد أركان استراتيجيتها الدفاعية.

الأخطر أن السعودية قد تنال في هذا السياق موافقة ضمنية على تطوير برنامج نووي مدني، وهو ما كان يُعتبر حتى وقت قريب "خطًا أحمر" من قِبل تل أبيب. والأسوأ أن هذه الصفقات تُبرم الآن من دون أن تكون مشروطة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، بعكس ما كانت تشترطه إدارة بايدن.

ثالثًا: غزة والمخطوفون.. مؤشرات على تراجع الدعم الأميركي

فيما يتعلق بقطاع غزة، هناك إشارات متزايدة على أن إدارة ترامب قد تميل قريبًا إلى الدعوة لوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية. ويُثير هذا تحولًا مقلقًا، خصوصًا في ظل التراجع الواضح في نشاط المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، بشأن ملف الأسرى والمخطوفين لدى "حماس".

ورغم أن الحركة تمر بأزمة خانقة بفعل الضغط العسكري الإسرائيلي، إلا أن تصريحات مسؤوليها تكشف عن قناعة بأن إسرائيل تمر حاليًا بمرحلة ضعف استراتيجي، ما قد يدفعها نحو تقديم تنازلات في هذا الملف الحساس.

تحديات ميدانية: توسيع الحملة تحت الضغط

ورغم تلك المعطيات، لا تظهر الحكومة الإسرائيلية أي نية للتراجع، وتؤكد أن الحملة العسكرية في غزة ستُوسّع فور انتهاء زيارة ترامب للمنطقة. ومع ذلك، فإن الجيش يواجه تحديات ميدانية جدية، أبرزها وجود المخطوفين داخل غزة، ما يجعل توسيع العمليات محفوفًا بمخاطر عالية.

وعلى الأرض، عادت "حماس" إلى تنفيذ هجمات ناجحة، رغم تضرر بنيتها العسكرية. فقد قُتل خمسة جنود إسرائيليين مؤخرًا باستخدام أسلحة بسيطة مثل القناصات و"الآر بي جي" وعبوات ناسفة محلية الصنع، مما يرفع من تكلفة أي تصعيد عسكري جديد.

أزمات داخلية: الاحتياط والمجتمع منقسم

من جهة أخرى، هناك علامات استفهام كبيرة حول مدى استجابة قوات الاحتياط لأي تصعيد جديد، خاصة في ظل استمرار الجدل السياسي حول قانون التجنيد. ويزيد من تعقيد المشهد ما يُشاع عن تغييرات محتملة في قيادة لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، وهو ما يُفسر كدليل على أن بقاء الحكومة هو أولوية نتنياهو، حتى على حساب الأمن القومي.

السياسة تتغلب على الأمن

وفقًا لتقديرات أمنية، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ينجرّ خلف مطالب المتطرفين في حكومته، ويُضحّي بأهم مصالح إسرائيل الأمنية من أجل الحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم. هذا التوجه، الذي يشمل ملفات مصيرية مثل العلاقات مع السعودية وقطر، ومستقبل غزة، وحتى مصير المخطوفين، يُهدد بتمزيق شبكة العلاقات الاستراتيجية التي بنتها إسرائيل على مدار عقود.

الأمن القومي يدفع الثمن

في المحصلة، فإن السياسات والصفقات التي تُبرم دون تنسيق عميق مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قد تُحدث ضررًا طويل الأمد بأمن الدولة ومكانتها الإقليمية. ومن دون معالجة فورية للتحديات الثلاثة – إيران، التسلح الخليجي، وغزة – ستجد إسرائيل نفسها أمام واقع جديد قد لا يكون في صالحها.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)