خلف الكواليس: حسابات نتنياهو الخفية وراء قرار احتلال غزة

profile
  • clock 9 أغسطس 2025, 7:38:18 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو - أرشيفية

متابعة: عمرو المصري

كشفت صحيفة الشرق الأوسط، في تقرير موسع نشرته الجمعة 8 أغسطس 2025، عن الأبعاد الخفية التي دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الإصرار على قرار احتلال قطاع غزة، رغم معارضة رئيس الأركان إيال زامير وتوصياته البديلة. التقرير أشار إلى أن الدوافع الحقيقية تتجاوز الحسابات العسكرية إلى اعتبارات سياسية وشخصية، هدفها إبقاء نتنياهو في السلطة وإرضاء اليمين المتطرف، حتى ولو جاء ذلك على حساب المخاطر الأمنية وحياة الجنود والأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس.

خلاف مع الجيش

بحسب الصحيفة، فإن المفارقة الكبرى تكمن في أن فكرة احتلال غزة تعود في الأصل إلى رئيس الأركان إيال زامير، الذي صدّق على تفاصيلها الدقيقة وقدمها جاهزة لنتنياهو. لكن بعد مراجعة الخطة ميدانيًا وفحص المخاطر، غيّر زامير موقفه تمامًا، محذرًا من أن تنفيذها قد يهدد حياة الأسرى لدى حماس، ويؤدي إلى مقتل أعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين، فضلًا عن كلفتها الباهظة على الصعيدين المحلي والدولي.

نتنياهو، من جانبه، أصرّ في اللحظة الأخيرة على إدخال كلمة "احتلال" في نص القرار – قبل أن يستبدلها بكلمة "سيطرة" لأسباب سياسية وإعلامية – في محاولة لترسيخ صورة القائد الصارم الذي يفرض إرادته على المؤسسة العسكرية.

خطة بديلة مرفوضة

زامير، الذي درس الخطة بعمق، بدأ يلتقي الضباط الميدانيين ويستمع إلى تقييماتهم التي ركزت على حالة الإحباط في صفوف القوات، وغياب هدف استراتيجي حقيقي للحرب، وخطر تحولها إلى صراع بلا نهاية. هذه التحذيرات شملت أيضًا تقديرات بالخسائر البشرية والاقتصادية، وردود الفعل الدولية والإقليمية المتوقعة.

على ضوء ذلك، وضع زامير خطة بديلة تقوم على فرض حصار على الفلسطينيين في ثلاث مناطق، ودفعهم نحو الجنوب، بهدف تشجيع الترحيل، مع تنفيذ ضربات محدودة ضد قوات حماس وقضم تدريجي لمناطق نفوذها، من دون اللجوء إلى الاحتلال الشامل. لكن نتنياهو رفض هذا المسار، مفضلًا الإبقاء على شعار "الاحتلال" كأداة سياسية ودعائية.

أهداف سياسية وشخصية

ترى الصحيفة أن قرار نتنياهو يخدم عدة أهداف متداخلة. فهو أولًا يمنح حكومته المتصدعة شريان حياة سياسي، إذ إن وقف الحرب قد يفتح الباب أمام "الحرب الحقيقية" التي يخشاها نتنياهو: الحرب الداخلية لإسقاطه. ثانيًا، يمنحه الخلاف العلني مع قيادة الجيش فرصة لكسب تأييد اليمين المتطرف، الذي يريد إثبات أن القرار السياسي هو الذي يوجه المؤسسة العسكرية.

كما أن استمرار العمليات، وفق الجدول الزمني الذي حدده الكابينت – شهران للتحضير، وثلاثة أشهر للعمليات البرية، وسنتان لإحكام السيطرة – يمنحه القدرة على تأجيل الانتخابات المقررة في أكتوبر 2026، وإطالة بقائه في الحكم.

خلفية الخطة ودور فاينر وهليفي

الخطة الأصلية وُضعت قبل عام على يد العميد إيرز فاينر، حين كان رئيسًا لقسم العمليات في اللواء الجنوبي للجيش، وبموافقة رئيس الأركان آنذاك هيرتسي هليفي. نتنياهو، الذي رأى فيها وسيلة لتحقيق أهدافه السياسية، تمسك بها بقوة، لكن هليفي رفض تنفيذها، معتبرًا أنها فخ للجيش وخطر على حياة الأسرى، وهو ما كان أحد أسباب استقالته. اختيار زامير رئيسًا للأركان جاء في جزء منه بسبب توافقه الأولي مع الخطة، قبل أن يبدل موقفه لاحقًا.

الرهان على الدعم الأمريكي

في الوقت الحالي، يتمتع نتنياهو بضوء أخضر من واشنطن، إذ أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في رسالة مباشرة له، أنه يستطيع "فعل ما يشاء لضرب حماس" شرط تجنب وقوع الغزيين في مجاعة. لكن الصحيفة تحذر من أن هذا الموقف قد يتغير إلى ضوء أصفر أو أحمر، إذا نجحت الضغوط الإسرائيلية والعربية والدولية في التأثير على البيت الأبيض.

وليس من قبيل الصدفة، كما يورد التقرير، أن عائلات الأسرى وجهت مظاهراتها يوم الجمعة إلى مقر السفارة الأمريكية في تل أبيب، في رسالة واضحة بأن القرار الإسرائيلي مرهون أيضًا بالموقف الأمريكي النهائي.

تكتيك الخداع والحرب النفسية

الصحيفة لفتت إلى أن الجدول الزمني المعلن قد لا يكون أكثر من أداة تضليل، إذ إن إسرائيل تعتمد منذ بداية الحرب على الخدع الحربية في إدارة الصراع مع حماس، وكذلك في مواجهاتها مع حزب الله وإيران وسوريا. هذا النمط قد يكون جزءًا من استراتيجية نتنياهو لجرّ حماس إلى أخطاء أو مواقف تفاوضية تمنحه مكاسب سياسية، حتى إن لم يتحقق الهدف العسكري المعلن.

التعليقات (0)