انقسام وخيبة أمل.. تفاصيل اجتماع الكابينت الإسرائيلي حول خطة احتلال غزة

profile
  • clock 8 أغسطس 2025, 2:03:22 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

كشفت تسريبات وتحليلات أوردها الصحفي اليميني البارز عميت سيجال في القناة 12 الإسرائيلية عن خلفيات الاجتماع الدرامي الذي عقده الكابينت الأمني–السياسي بين ليلتي الخميس والجمعة، والذي انتهى بالموافقة على خطة للسيطرة على مدينة غزة. 

ورغم العنوان الكبير الذي استخدمه مكتب نتنياهو – "احتلال غزة" – فإن فحوى القرار جاء بعيدًا عن الحسم العسكري النهائي ضد حركة حماس، ما أثار حالة واضحة من خيبة الأمل بين معظم الحاضرين، سواء من الوزراء أو القادة العسكريين. ويشير تحليل سيجال إلى أن القرار حمل تناقضًا جوهريًا مع الموقف الرسمي المعلن لإسرائيل، وترك الباب مفتوحًا أمام اتفاق جزئي مع حماس، في أي مرحلة من مراحل التنفيذ.

تناقض مع الموقف المعلن

أوضح سيجال أن ما جرى إقراره لا ينسجم مع الخطاب الإسرائيلي الرسمي الذي كان يصر حتى الآن على رفض أي اتفاق جزئي مع حماس، والاكتفاء باتفاق شامل يشمل جميع الملفات. ففي اجتماع الكابينت، لم يُغلق الباب أمام إمكانية التوصل إلى صفقة محدودة، الأمر الذي شكّل مفاجأة للبعض، وأثار نقاشات حادة داخل القاعة. ووفق روايته، فإن الوزراء من مختلف التيارات – من اليمين المتشدد بزعامة سموتريتش، مرورًا بالوزراء الوسطيين، وحتى رئيس الأركان إيال زامير – خرجوا من الاجتماع بشعور مشترك بأن القرار لا يلبي أهدافهم.

وبحسب تسلسل الأحداث، فإن الخطة التي حازت على أغلبية الأصوات بفضل دعم وزراء الليكود لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، لا تمثل في جوهرها قرارًا حاسمًا للقضاء على حماس، بل تفتح الطريق أمام عملية عسكرية واسعة النطاق في مدينة غزة، يكون هدفها الواقعي الضغط على حماس لإعادتها إلى طاولة المفاوضات. وهذا، وفق وصف المحيطين بسموتريتش، يتناقض مع الهدف الأساسي الذي أعلنته الحكومة عند بدء الحرب.

تفاصيل الخطة العسكرية

الخطة التي تمت المصادقة عليها تقضي بأن تستمر مرحلة التحضير للعملية نحو شهر كامل، يعقبها شهر آخر لفرض السيطرة العسكرية الأولية على المدينة. ويستهدف المخطط أن تكتمل العملية في موعد رمزي لافت، هو 7 أكتوبر 2025، أي في الذكرى الثانية لعملية "طوفان الأقصى" التي شكلت أخطر ضربة عسكرية وأمنية لإسرائيل منذ قيامها.

لكن رئيس الأركان زامير حذر من أن العملية تواجه صعوبات لوجستية كبيرة، سواء في الإمداد أو الانتشار أو القدرة على إدارة المعركة في بيئة حضرية مكتظة ومعقدة مثل غزة. كما شدد على أن أي تحرك بهذا الحجم سيحسم – سواء سلبًا أو إيجابًا – مصير الأسرى الإسرائيليين في القطاع. وبناءً على ذلك، تم التوصل إلى صيغة وسطية مثيرة للجدل، تقضي بالمضي في خطة الاحتلال، لكن مع إمكانية وقف العملية في أي لحظة توافق فيها حماس على صفقة، بما يشمل وقف إطلاق النار وانسحاب القوات.

سجالات حادة داخل الاجتماع

شهد الاجتماع مداخلات ساخنة عكست حجم الانقسام بين القيادات السياسية والعسكرية. فقد تمرد رئيس الأركان زامير على ضغوط الدخول إلى غزة، مؤكدًا: "لن ندخل مهما كلف الأمر لمجرد الضغط على حماس". أما الوزير أرييه درعي، فاعتبر أن عدم إطلاق سراح الأسرى في أي عملية أمر غير أخلاقي.

في المقابل، تساءل الوزير بتسلئيل سموتريتش بنبرة تحدٍّ: "هل من الأخلاقي أن يُقتل مئة جندي مقابل عشرة أسرى؟"، مهاجمًا فكرة اشتراط وقف الحرب في أي صفقة تبادل. وأشار إلى أن هذا الشرط كان جزءًا من صفقات سابقة، وأن تطبيقه الآن يعني أن ثمن العملية هو وقف الحرب، لا تحقيق النصر. وحذّر من أن الخطة، كما طُرحت، ليست سوى مناورة محدودة وخطيرة هدفها الوحيد إعادة حماس إلى المفاوضات، وهو – في رأيه – ليس هدف الحرب.

دعم من الليكود وخطة نتنياهو

رغم المعارضة البارزة من رئيس الأركان وسموتريتش، فإن وزراء الليكود منحوا نتنياهو الأغلبية اللازمة لتمرير القرار. وساهم الوزير آفي ديختر في دعم الخطة عبر الإشارة إلى أن انهيار مدينة غزة سيقود بالضرورة إلى انهيار حركة حماس.

الهدف الحقيقي، كما صرّح المبعوث الخاص غال هيرش، هو زيادة الضغط على حماس من أجل التوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، شدد على أن أي اقتراح من حماس سيُرفض إذا لم يلبِّ الشروط التي وضعتها الحكومة. ويصف مقربو سموتريتش مقترح نتنياهو بأنه بعيد عن فكرة "احتلال القطاع" أو فرض سيطرة عسكرية دائمة، بل هو إجراء تكتيكي قصير المدى لا يسعى إلى الحسم النهائي.

المبادئ الخمسة لإنهاء الحرب

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت على احتلال مدينة غزة ، وتوسيع العمليات العسكرية في القطاع، وذلك في اجتماع الكابينت الأمنيّ والسياسيّ، الذي امتدّ نحو 10 ساعات؛ إذ استمرّ من مساء الخميس، وحتّى فجر الجمعة.

وفي ختام المشاورات، خوّل الكابينيت رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير جيشه، بالمصادقة على الخطط العملياتيّة للجيش، بحسب ما ذكرت هيئة البثّ الإسرائيلية العامّة ("كان 11").

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان، إن "الكابينت صادق على مقترح رئيس الحكومة لهزيمة حماس ".

وأضاف أن الجيش "سيستعدّ للسيطرة على مدينة غزة (احتلالها) مع تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين، خارج مناطق القتال"، على حدّ ادعائه.

وأكّد البيان أنّ الكابينيت "أقرّ بأغلبية الأصوات، المبادئ الخمسة لإنهاء الحرب"، والتي لا تتصدّرها إعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.

وبحسب بيان الحكومة الإسرائيلية، فإنّ "المبادئ الخمسة" التي صودق عليها، هي بحسب الترتيب، كما ورد بالبيان، وبشكل حرفيّ:

1. نزع سلاح حماس.

2. إعادة جميع الأسرى؛ أحياءً وأمواتًا.

3. نزع سلاح قطاع غزة..

4. سيطرة أمنيّة إسرائيليّة على قطاع غزة.

5. وجود حكومة مدنية بديلة، غير حماس، أو السلطة الفلسطينية.

وأضاف البيان أن "أغلبية مطلقة من وزراء الحكومة، أكّدت أن الخطة البديلة المعروضة على الكابينت، لن تُحقق هزيمة حماس، أو إعادة الأسرى".

ولم يوضح البيان "الخطة البديلة"، كما لم يورد تفاصيل إضافية بشأنها، غير أن تقارير صحافية إسرائيلية، ذكرت أن رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ، إيال زامير، اقترح "تطويق" مدينة غزة، وتنفيذ عمليات "محدودة"، لا احتلالها بالكامل، محذّرا من أن احتلال المدينة من شأنه تعريض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر، بالإضافة إلى العبئ الإضافي على قوّات جيش الاحتلال، التي تعاني من حالة إنهاك.

من خلال رواية عميت سيجال، يتضح أن الاجتماع لم يكن حاسماً كما حاولت الحكومة تصويره. فالقرار، رغم ما يحمله من عنوان "احتلال غزة"، جاء أقرب إلى حل وسط يرضي الأطراف شكليًا لكنه لا يلبي طموحات أي منها: الجيش لا يرى فيه خطة قابلة للتنفيذ الكامل، اليمين المتشدد لا يعتبره حسمًا عسكريًا، والحكومة تحاول استخدامه كورقة ضغط تفاوضية. وفي ظل هذا المشهد، يبدو أن قطاع غزة قد يشهد عملية عسكرية واسعة، لكن نهايتها قد تحددها إشارة قبول من حماس أكثر مما تحددها موازين المعركة.

التعليقات (0)