توسع البؤر الرعوية: احتلال تدريجي تحت عباءة الزراعة

خربة الحلاوة تحت الحصار: البؤر الاستيطانية تبتلع الأرض والناس

profile
  • clock 21 يوليو 2025, 3:51:40 م
  • eye 422
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

أكد تقرير صادر عن منظمة "البيدر للدفاع عن حقوق الإنسان والموارد الطبيعية"، أن منطقة خربة الحلاوة الواقعة ضمن نطاق مسافر يطا جنوب محافظة الخليل، تتعرض لتصعيد خطير في الاعتداءات الاستيطانية، ضمن استراتيجية منظمة لاقتلاع الوجود الفلسطيني وتفريغ الأرض من أهلها، تحت غطاء ما يُعرف بـ"الاستيطان الرعوي".

ما هو الاستيطان الرعوي؟

الاستيطان الرعوي هو نوع من الاستيطان غير التقليدي، يعتمد على إقامة بؤر رعوية تدّعي استخدام الأراضي للرعي والزراعة، بينما يُستخدم فعليًا للسيطرة السياسية والأمنية على مناطق شاسعة، وخاصة من أراضي التصنيف (ج) وفق اتفاقيات أوسلو، والتي تشكل أكثر من 60% من الضفة الغربية.

وتُعد هذه الأداة من أخطر أدوات الضم الزاحف، حيث يتم التوسع فيها دون الحاجة إلى قرارات رسمية أو شرعنة حكومية واضحة، بل عبر غطاء عسكري مباشر.

خربة الحلاوة.. قرية تحت الحصار

تقع خربة الحلاوة في قلب مسافر يطا، ويقطنها نحو 15 عائلة فلسطينية (90–95 فردًا)، معظمهم من الرعاة والمزارعين الذين يعتمدون على الزراعة البعلية وتربية المواشي. ويعيش السكان في مساكن بدائية محرومة من التراخيص والخدمات، نتيجة السياسات التقييدية التي تفرضها سلطات الاحتلال.

توسع البؤر الرعوية: احتلال تدريجي تحت عباءة الزراعة

منذ عام 2022، بدأ المستوطنون إقامة ثلاث بؤر رعوية في محيط خربة الحلاوة، تضم مجتمعة أكثر من 2000 رأس ماشية، ترعى في أراضٍ فلسطينية خاصة، وتمنع الفلسطينيين من استخدامها. هذه البؤر أنشأها مستوطنون من جماعات متطرفة كـ"شبيبة التلال" و"هشومير هحداش"، تحت حماية جيش الاحتلال.

وقد رُصدت مصادرة فعلية لنحو 1200 دونم من أصل 2000 دونم يملكها سكان الخربة، إما عبر البؤر أو عبر إجراءات عسكرية تشمل طرد الأهالي، وتخريب مرافقهم، ومنعهم من الوصول إلى مراعيهم أو آبار المياه.

انتهاكات متصاعدة.. دون رادع

وثقت "البيدر" ما بين تموز 2023 وتموز 2025:

49 اعتداء مباشر من مستوطنين

17 حالة اعتداء جسدي عنيف

21 حالة طرد من أراضٍ ومراعي

8 حالات تدمير محاصيل عمداً

3 حالات إطلاق نار لترهيب السكان

7 إخطارات هدم، نُفّذ منها 3 بالفعل

تشريد 11 مواطنًا بينهم 5 أطفال

كل هذه الانتهاكات وقعت إما بوجود قوات الاحتلال أو بمساندتها، دون محاسبة أو تدخل قانوني.

استراتيجية الاحتلال: عزل وتهجير وتطهير صامت

وفقًا لتقرير المنظمة، فإن ما يحدث في خربة الحلاوة ليس حالة استثنائية، بل جزء من استراتيجية أوسع تشمل كامل منطقة مسافر يطا، المصنفة كميدان تدريب عسكري تحت مسمى "منطقة إطلاق نار 918"، بهدف منع أي تطور مدني فلسطيني.

أكثر من 4000 دونم تمت السيطرة عليها عبر البؤر الرعوية في جنوب الخليل خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما يشكل تهديدًا وجوديًا للتجمعات الفلسطينية الصغيرة.

جريمة حرب وفق القانون الدولي

ترى منظمة "البيدر" أن ما يجري في خربة الحلاوة يرقى إلى جريمة حرب مكتملة الأركان، استنادًا إلى المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر تهجير السكان المحميين أو نقل سكان الدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة.

كما تنتهك هذه السياسات الحقوق الأساسية للفلسطينيين، مثل:

الحق في السكن

الحق في العمل والمعيشة

الحق في التنقل والكرامة

مطالبة بتحقيق دولي وحماية دائمة

طالبت المنظمة بـ:

فتح تحقيق دولي شامل

محاسبة المستوطنين والداعمين الرسميين

فرض عقوبات على الجهات الممولة

إدراج الانتهاكات ضمن الجرائم ضد الإنسانية

إرسال بعثات حماية دولية دائمة إلى مسافر يطا

توفير البنية التحتية الأساسية للسكان الفلسطينيين

التواطؤ الدولي يعمّق الجريمة

أكدت "البيدر" أن الصمت الدولي ليس موقفًا محايدًا، بل يمثل تواطؤًا ضمنيًا يتيح استمرار الانتهاكات دون رادع، ويُسهم في محو المجتمعات الفلسطينية الريفية من الجغرافيا والتاريخ.

وختمت المنظمة بالتحذير من أن خربة الحلاوة على وشك الزوال، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والقانونية إلى التحرك العاجل لإنقاذها قبل فوات الأوان.

التعليقات (0)