-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
حزب العمال الكردستاني وقرار إلقاء السلاح.. هل تبدأ مرحلة جديدة في العلاقة مع الدولة التركية؟
السيناريوهات المتوقعة: استقرار دائم أم هدنة مؤقتة؟
حزب العمال الكردستاني وقرار إلقاء السلاح.. هل تبدأ مرحلة جديدة في العلاقة مع الدولة التركية؟
-
12 مايو 2025, 2:20:52 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حزب العمال الكردستاني
هل يمثل التغيير في موقف الحزب الكردي خطوة أولى نحو السلام، أم مجرد هدنة مؤقتة تخفي صراعات داخلية وخارجية؟
في تحوّل بارز، أعلن حزب العمال الكردستاني نيّته إلقاء السلاح والبحث في مسارات سياسية بديلة للنضال المسلح. هذه الخطوة أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية والأمنية داخل تركيا وخارجها، وفتحت الباب أمام تساؤلات جوهرية حول مستقبل العلاقة بين الدولة التركية والأكراد، وإمكانية الانتقال من دائرة العنف إلى أفق من التسوية الشاملة.
إنهاء العمل المسلح: تطور تاريخي أم خطوة تكتيكية؟
يمثل قرار الحزب بالتخلي عن العمل المسلح، في حال تم تطبيقه فعليًا، تحولًا جذريًا في المسار الكردي منذ عقود من الصراع، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف. ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه تركيا تغيرات سياسية واقتصادية عميقة، وسط دعوات متزايدة للحوار الوطني.
لكن رغم أهمية الخطوة، فإن الكثير من المراقبين يحذرون من أنها قد تكون تكتيكًا ظرفيًا، يهدف إلى التقاط الأنفاس، لا سيما في ظل الضغوط الإقليمية والدولية التي باتت تحاصر التنظيم من عدة جهات.
مستقبل العلاقة مع الدولة التركية: فرصة لبناء الثقة؟
في حال التزمت الدولة التركية بمقاربة شاملة تتضمن الاعتراف بالحقوق الثقافية والسياسية للأكراد، فإن قرار لقاء السلاح يمكن أن يشكّل بداية مرحلة جديدة من المصالحة الوطنية.
ورغم التجارب السابقة التي توقفت عند منتصف الطريق، فإن التحوّلات الجارية قد تدفع الأطراف نحو صيغة مختلفة، تعتمد على إعادة دمج القوى الكردية في المشهد السياسي بدلًا من شيطنتها أو تهميشها. ومع ذلك، فإن هذا يتطلب إجراءات ملموسة لبناء الثقة، مثل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع القيود عن اللغة الكردية في التعليم والإعلام.
مخاوف من الانقسام الداخلي: هل تنشأ تيارات رافضة للسلم؟
من جهة أخرى، يبرز تساؤل ملح: هل سيؤدي هذا التحول إلى انقسامات داخل صفوف حزب العمال الكردستاني نفسه؟
لا يمكن استبعاد هذا السيناريو، خصوصًا في ظل وجود تيارات متشددة داخل الحزب ترى في الكفاح المسلح هوية سياسية، وليس مجرد وسيلة. هذه التيارات قد تعارض خيار السلم، وتُهدد بإفشال أي تسوية محتملة، ما لم يتم احتواؤها عبر آليات داخلية واضحة ومشاركة جماعية في القرار.
وقد شهدت حركات مماثلة في مناطق أخرى من العالم انقسامات مشابهة عند الانتقال من السلاح إلى السياسة، ما يجعل من الضروري تهيئة بنية تنظيمية مرنة تستوعب الخلاف وتحمي المسار الجديد من الارتداد.
السيناريوهات المتوقعة: استقرار دائم أم هدنة مؤقتة؟
إزاء هذا الواقع، تظهر ثلاثة سيناريوهات محتملة لمستقبل العلاقة بين الأكراد والدولة التركية:
سيناريو الاستقرار الدائم: ويتحقق في حال التزمت الدولة والحزب بخريطة طريق واضحة تتضمن إصلاحات دستورية، ودمجًا سياسيًا حقيقيًا، مع رقابة دولية على تنفيذ الاتفاقات.
سيناريو الهدنة المؤقتة: وهو ما يخشاه كثيرون، أي أن تكون الخطوة مجرد توقف مؤقت للصراع، يعود بعدها العنف إذا ما انهارت التفاهمات أو فُقدت الثقة.
سيناريو الانقسام والتصعيد: وفيه قد تنشأ جماعات منشقة ترفض المصالحة وتستأنف القتال، مما يعيد الأزمة إلى مربعها الأول.
الفرصة متاحة... لكن الثمن السياسي مرتفع
في نهاية المطاف، فإن إعلان حزب العمال الكردستاني عن رغبته في إلقاء السلاح لا يمكن التقليل من أهميته، لكنه أيضًا لا يكفي وحده لفرض السلام. على الدولة التركية أن تقابل هذه الخطوة بإجراءات واقعية وشجاعة، تفتح الباب أمام تحول حقيقي في علاقة الأكراد بالدولة.
وفي الوقت نفسه، يجب على قيادة الحزب احتواء أي اعتراضات داخلية والتأكيد على جدوى المسار السياسي كخيار استراتيجي، وليس مجرد رد فعل مؤقت.
فقط عبر التزام متبادل وصادق، يمكن تحويل هذه اللحظة إلى فرصة تاريخية لتحقيق الاستقرار، وإنهاء عقود من الدماء والمعاناة.









