جولة ترامب في الشرق الأوسط: من الاستثمار إلى إدارة الأزمات

profile
  • clock 13 مايو 2025, 1:02:32 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بدأ الرئيس دونالد ترامب يوم الإثنين جولة تشمل ثلاث دول في الشرق الأوسط، كانت في الأصل تهدف إلى تركيز جهوده على حث الدول الخليجية الثرية على ضخ مليارات الدولارات في استثمارات جديدة داخل الولايات المتحدة.

لكن الآن، يجد ترامب نفسه مضطراً للتعامل مع سلسلة من الأزمات الجيوسياسية، في محاولة للبحث عن بصيص أمل في بحر من الاضطرابات العالمية، وهي التطورات التي منحت جولته الخارجية الأولى في ولايته الثانية أهمية متزايدة.

وقال ترامب للصحفيين وهو يقيّم التحديات السياسية الخارجية التي يواجهها في طريقه إلى السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة: "هذا العالم أصبح أكثر أماناً بكثير اليوم مما كان عليه قبل أسبوع، وأكثر أماناً بكثير مما كان عليه قبل ستة أشهر".

وقد بدا الرئيس مفعماً بالثقة المفرطة بشأن بعض أكثر المشكلات العالمية استعصاء، بدءاً من التوترات في جنوب آسيا، مروراً بمستقبل العقوبات على سوريا، وصولاً إلى الحرب في أوكرانيا.

قادة الخليج ينتظرون إجابات حول غزة وإيران وجنوب آسيا

ورغم الثقة التي يُظهرها علناً، فإن القادة الخليجيين — ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأمير قطر الشيخ تميم آل ثاني، ورئيس دولة الإمارات محمد بن زايد — يتطلعون خلف الأبواب المغلقة للحصول على مؤشرات حول كيفية نية ترامب التعامل مع ملفات معقدة كالحرب في غزة، والبرنامج النووي الإيراني الذي يتقدم بسرعة، والتوترات المستمرة بين الهند وباكستان.

وبعد أسابيع من التهديدات والإقناع، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيصغيان لترامب، الذي يطالب بعقد اجتماع بينهما في إسطنبول هذا الأسبوع لمناقشة إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا.

ترامب متفائل بشأن أوكرانيا ويفكر في زيارة مفاجئة إلى تركيا

من جانبه، أبدى ترامب ثقة بأن الاجتماع المرتقب سيحدث، بل وبدا متفائلاً نوعاً ما بأن نهاية الصراع باتت قريبة. حتى إنه طرح فكرة إجراء زيارة مفاجئة إلى تركيا إذا رأى أن حضوره قد يكون بناءً.

وقال ترامب: "كنت أفكر في الطيران إلى هناك. لا أعرف أين سأكون يوم الخميس... لدي الكثير من الاجتماعات. هناك احتمال لذلك، على ما أعتقد، إذا شعرت بأن الأمور قد تتحرك".

لكن حلفاء أوكرانيا ظلوا متشككين بشدة يوم الإثنين بشأن احتمالات عقد محادثات حقيقية وما إذا كان بوتين جاداً في السعي للسلام.

وقالت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، كايا كالاس، للصحفيين في اجتماع بشأن أوكرانيا في لندن: "إذا لم يكن هناك وقف لإطلاق النار، فلا يمكن أن تكون هناك محادثات في ظل النيران. نريد أن نرى أن روسيا أيضاً تريد السلام. السلام يحتاج إلى طرفين، بينما الحرب لا تحتاج سوى طرف واحد، ونرى بوضوح أن روسيا تريد الحرب".

انفراجة في غزة؟ ترامب يستغل إطلاق رهينة أمريكي

وفي لحظة لافتة، وقبيل مغادرة ترامب واشنطن متوجهاً إلى العاصمة السعودية الرياض، تم الإفراج عن الرهينة الأمريكي الأخير الذي كان محتجزاً في غزة، إيدن ألكسندر.

وقد اعتبر ترامب ومسؤولون في إدارته أن هذه الخطوة — التي رأوا فيها بادرة حسن نية من حماس تجاه ترامب — فرصة لإعادة إحياء مفاوضات السلام المتعثرة بين إسرائيل وحماس.

وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن قدمت حماس عرضها يوم الأحد: "كانت هذه خطوة اتُخذت بحسن نية تجاه الولايات المتحدة وجهود الوسطاء — قطر ومصر — لوضع حد لهذه الحرب الوحشية وإعادة جميع الرهائن الأحياء والرفات إلى أحبائهم. نأمل أن تكون هذه هي أولى الخطوات النهائية اللازمة لإنهاء هذا الصراع الوحشي".

لكن في حين اعتبر ترامب الإفراج عن ألكسندر نقطة تحول محتملة، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكثر تحفظاً بكثير. فإسرائيل، من جانبها، لم تتراجع عن خططها لتوسيع نطاق الحرب في غزة.

وفي بيان صدر يوم الإثنين، أكدت رئاسة الوزراء الإسرائيلية أنها "لم تلتزم بوقف إطلاق نار من أي نوع أو الإفراج عن إرهابيين" مقابل الإفراج عن ألكسندر.

وأضاف البيان أن "المفاوضات ستستمر تحت النار، أثناء الاستعدادات لتكثيف القتال".

تغير في نبرة ترامب تجاه سوريا: هل تًرفع العقوبات؟

مع استعداده لمغادرة واشنطن، قال ترامب أيضاً إنه يفكر في رفع العقوبات المفروضة على الحكومة السورية. وهو موضوع يثير اهتماماً خاصاً لدى قادة الخليج الثلاثة، الذين وقفوا إلى جانب الحكومة الجديدة في دمشق وسيطلبون من ترامب المضي قدماً في هذا التوجه.

وقال ترامب: "قد نرغب في رفع العقوبات عن سوريا، لأننا نريد أن نعطيهم بداية جديدة"، مضيفاً أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حثه على اتخاذ هذا القرار.

وتُعد هذه التصريحات تغيراً لافتاً في لهجة ترامب، الذي كان متشككاً بشدة من الرئيس السوري أحمد الشرع.

ويُذكر أن الشرع تولى الحكم بعد أن قاد تنظيمه الإسلامي "هيئة تحرير الشام" هجوماً أطاح بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر.

ولا تزال إدارة ترامب لم تعترف رسمياً بالحكومة السورية الجديدة. كما أن العقوبات التي فُرضت على دمشق في عهد الأسد لا تزال قائمة.

ترمب يستخدم التجارة لاحتواء التوتر بين الهند وباكستان

نسب ترامب الفضل لنفسه ولإدارته في منع الهند وباكستان من الانزلاق إلى حرب شاملة، في ظل أعنف مواجهات بين الجارتين النوويتين منذ ست سنوات.

وقال الرئيس إن فريقه تمكن في نهاية المطاف من إقناع القيادتين الهندية والباكستانية بعدم التصعيد، من خلال التلويح بالمكافآت التجارية، مع التهديد بالعقوبات الاقتصادية في حال استمرار التوتر.

وقال ترامب: "قلت لهم، 'هيا، سنقوم بالكثير من التجارة معكم'. 'إذا أوقفتم (القتال)، سنقوم بالتجارة. وإذا لم توقفوه، فلن نقوم بأي تجارة'. لم يستخدم أحد التجارة بالطريقة التي استخدمتها".

ورغم التهدئة المؤقتة، فإن الوضع لا يزال هشاً. فقد صرح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يوم الإثنين أن بلاده "علّقت" فقط عملها العسكري، وأنها "سترد بطريقتها الخاصة" إذا وقع أي هجوم إرهابي في المستقبل على الأراضي الهندية.

خلافات جوهرية لا تزال قائمة في محادثات إيران النووية

يصل ترامب إلى المنطقة بعد أن أجرى مبعوثه الخاص، ستيف ويتكوف، الجولة الرابعة من المحادثات النووية يوم الأحد في سلطنة عمان مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.

وبينما تتواصل المفاوضات، أرسلت إدارة ترامب رسائل متباينة بشأن طبيعة الأنشطة النووية التي يمكن أن يُسمح لإيران بممارستها بموجب أي اتفاق محتمل.

فقد صرح كبار المسؤولين في الإدارة، ومن بينهم وزير الخارجية ماركو روبيو، بأن على طهران استيراد المواد المخصبة لتشغيل المفاعلات النووية لأغراض مدنية. لكن ترامب قال الأسبوع الماضي إن إدارته لم تتخذ قراراً بعد بشأن هذا البند.

ووفق المسؤولين، من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيصر على أن تتخلى إيران عن دعمها لحماس في غزة، وحزب الله في لبنان، وانصار الله في اليمن كجزء من أي اتفاق نووي.

ومهما كانت مقاربته التفاوضية، بدا ترامب واثقاً من أن إيران تتصرف بعقلانية، وأنه سيتمكن قريباً من إبرام اتفاق.

وقال ترامب عن مطلبه لإيران: "لا يمكنكم امتلاك سلاح نووي. لكنني أعتقد أنهم يتحدثون بعقلانية".

ومع ذلك، لا تزال المسافة بين الجانبين كبيرة، حتى مع اقتراب انتهاء مهلة الشهرين التي فرضها ترامب للتوصل إلى اتفاق.

التعليقات (0)