-
℃ 11 تركيا
-
24 أغسطس 2025
تسخن الحدود وهذه المرة للأفضل: سوريا ولبنان بين الانفتاح على إسرائيل وضغوط إيران
بين الفرصة التاريخية والعقبات القائمة
تسخن الحدود وهذه المرة للأفضل: سوريا ولبنان بين الانفتاح على إسرائيل وضغوط إيران
-
24 أغسطس 2025, 2:43:46 م
-
419
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات متسارعة في العلاقات السياسية والعسكرية، حيث لم تعد الحدود اللبنانية والسورية مع إسرائيل مجرد خطوط مواجهة مشتعلة، بل بدأت تلوح في الأفق مؤشرات على انفتاح سياسي محتمل، قد يُعيد رسم المشهد الإقليمي.
ووفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، فإن سوريا ولبنان يدخلان في سباق خفي لتعزيز قنوات التواصل مع تل أبيب، وسط ضغوط أمريكية وسعودية ورقابة إيرانية مشددة.
لقاءات سرية بين دمشق وتل أبيب
أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت وفقا للكاتب سمدار بيري إلى أن وزير الخارجية السوري أسد الشيباني التقى مرتين في باريس خلال شهرين مع الوزير الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ولم تقف اللقاءات عند هذا الحد، بل عُقد اجتماع ثالث مع مجموعة من الإسرائيليين لمناقشة قضايا أمنية، في غياب ديرمر.
وتتحدث مصادر أمريكية عن احتمال عقد اجتماع تمهيدي بين الرئيس السوري ونتنياهو خلال مشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل. ورغم حساسية الأمر، فإن دمشق والقدس تلتزمان الصمت دون نفي أو تأكيد، ما يزيد من قوة هذه التسريبات.
لبنان… انفتاح حذر على خيار السلام
على الجبهة اللبنانية، يبرز الرئيس جوزيف عون باعتباره شخصية سياسية مختلفة عن أسلافه، إذ لم يتورط في ملفات الفساد المالي والاقتصادي. وقد صرح مؤخرًا أن "جميع الخيارات مفتوحة" بشأن العلاقة مع إسرائيل، مؤكدًا أن مبادرة السلام العربية لعام 2002 قد تكون المدخل لسلام لبناني–إسرائيلي إذا ما قادت الدول العربية مجتمعة إلى التطبيع.
وتعمل الولايات المتحدة على صياغة مشروع لإنشاء منطقة تجارية وزراعية في الجنوب اللبناني، بالقرب من الحدود مع إسرائيل. ويهدف المشروع إلى ربط الاقتصاد اللبناني بالإمكانات الزراعية الإسرائيلية ونقل الخبرات التقنية، وهو ما قد يحول المنطقة الحدودية من ساحة توتر إلى فضاء تعاون.
العقبة الإيرانية أمام بيروت
لكن لبنان لا يتحرك بحرية كاملة، إذ يواجه ضغوطًا مباشرة من إيران، التي ترى في نفوذها داخل بيروت أداة استراتيجية لمد نفوذها في المنطقة. وفي هذا السياق، زار علي لاريجاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بيروت الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس جوزيف عون، الذي لم يُخفِ امتعاضه، حيث قال إنه أبلغه بشكل واضح أن لبنان لن يسمح لإيران بالتدخل في شؤونه الداخلية.
مع ذلك، يبقى النفوذ الإيراني قائمًا عبر حزب الله، الذي يمتلك خمسة وزراء في حكومة رئيس الوزراء نواف سلام، ما يعكس استمرار التشابك بين القرار اللبناني والمحور الإيراني.
حزب الله بعد نصر الله… نفوذ يتراجع
منذ اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، خلال عملية "النداء"، تراجع حضور الحزب على الساحة اللبنانية. فالأمين العام الجديد، نعيم قاسم، يواصل إلقاء الخطب، لكن تأثيره لم يعد كما كان، حتى أن أكاديميين لبنانيين يؤكدون أن الشارع لم يعد ينصت إليه.
كما توقف الحزب عن توزيع المساعدات الغذائية في أحياء بيروت الفقيرة، وهو ما كان أحد أهم أدواته للحفاظ على الشعبية. ويرى مراقبون أن فقدان حزب الله لسلاحه سيكون بمثابة بداية النهاية لوجوده السياسي والعسكري.
وساطة أمريكية سعودية لرسم مستقبل الحدود
ليس من قبيل الصدفة أن يُطرح اسم السفير الأمريكي في تركيا، توماس باراك، كوسيط في ملفي لبنان وسوريا. فالمقترحات التي يتم تداولها تشمل وقف إسرائيل لغاراتها الجوية في سماء لبنان و تولي ولي العهد السعودي قيادة الاستثمارات في الجنوب اللبناني و رعاية أمريكية – سعودية لأي اتفاقيات سلام أو تفاهمات اقتصادية بين بيروت والقدس.
وإذا ما تحقق هذا السيناريو، فإن الحدود اللبنانية الإسرائيلية ستشهد تحولاً استراتيجياً غير مسبوق، حيث يمكن أن تنتقل من ميدان مواجهة إلى جسر للتعاون الاقتصادي.
التحديات مع دمشق
ورغم أن المؤشرات تبدو إيجابية على الجانب اللبناني، فإن المسار مع سوريا يبدو أكثر تعقيدًا. فالقيادة الإسرائيلية لا تزال تُبدي شكوكًا عميقة تجاه الرئيس السوري، ورغم اللقاءات غير المعلنة، فإن ملف الطائفة الدرزية يظل أحد أبرز العقبات. فالدروز في الجولان والجنوب السوري يشتكون من تضرر إخوانهم على الجانب الآخر من الحدود، وهو ما يجعل تل أبيب في موقف حرج بين التحرك نحو دمشق وحماية مصالح الدروز.
بين الفرصة التاريخية والعقبات القائمة
يرى بعض المحللين أن التطورات الراهنة قد تشكل فرصة تاريخية لإسرائيل لإعادة صياغة علاقتها مع كل من سوريا ولبنان، خاصة في ظل تراجع نفوذ حزب الله وضغوط الأوضاع الاقتصادية في بيروت ودمشق. لكن آخرين يحذرون من التعويل المفرط، إذ تبقى إيران لاعبًا رئيسيًا قادرًا على عرقلة أي تقدم، سواء عبر أذرعها العسكرية أو السياسية.
إن الحديث عن "تسخين الحدود للأفضل" لم يعد مجرد عنوان صحفي، بل يعكس تغيرًا حقيقيًا في الديناميكيات الإقليمية. فبين لقاءات سرية في باريس، وتصريحات حذرة من بيروت، ومشاريع أمريكية–سعودية على الطاولة، يبدو أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة قد تحمل فرصًا للتسويات، بقدر ما تحمل مخاطر للانفجار.
ويبقى السؤال المركزي: هل تنجح هذه الجهود في تحويل الحدود الشمالية لإسرائيل من خطوط نار إلى خطوط سلام؟ أم أن إيران والتعقيدات الداخلية السورية واللبنانية ستبقي المنطقة أسيرة الصراع؟
المصدر: يديعوت أحرونوت







