ترامب يعلن اتفاقاً تجارياً تاريخياً مع الاتحاد الأوروبي: الرسوم تنخفض والنزاع يُجنّب

profile
  • clock 28 يوليو 2025, 7:36:35 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصافح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في تيرنبيري، اسكتلندا، بريطانيا، 27 يوليو 2025. رويترز

رويترز

في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في تجنب اندلاع حرب تجارية شاملة، توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يوم الأحد إلى اتفاق تجاري مبدئي يفرض رسوماً جمركية بنسبة 15% فقط على معظم السلع الأوروبية، أي ما يعادل نصف النسبة التي كانت مهددة بالفرض، مما أنقذ ما يقارب ثلث التجارة العالمية من الانزلاق في دوامة تصعيد اقتصادي.

وجاء الإعلان عن الاتفاق خلال لقاء جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في ملعب الغولف الفاخر الخاص بترامب في غرب اسكتلندا، حيث استمر الاجتماع ساعة كاملة حسمت أشهرًا من التفاوض المضني.

استثمار أوروبي ضخم في أمريكا

وصف ترامب الاتفاق بأنه "أكبر صفقة تجارية على الإطلاق"، مشيرًا إلى تعهد أوروبي باستثمار نحو 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مئات مليارات الدولارات من مشتريات الطاقة والمعدات العسكرية الأمريكية. ولفت إلى أن الاتفاق يتجاوز في حجمه صفقة الـ550 مليار دولار التي وُقّعت الأسبوع الماضي مع اليابان.

وقالت فون دير لاين إن التعريفة الجمركية التي تم الاتفاق عليها "تنطبق عبر القطاعات كافة"، ووصفت الاتفاق بأنه "أفضل ما أمكننا الحصول عليه"، مضيفة: "إنه اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وسيجلب الاستقرار والتوقعات الواضحة."

نقاط الاتفاق والاستثناءات

الاتفاق يحاكي الإطار الذي وُضع في الصفقة مع اليابان، لكنه لا يحسم بعض القضايا الحساسة مثل الضرائب على المشروبات الروحية، التي لا تزال قيد البحث. ومن أبرز ما نص عليه:

استمرار الرسوم بنسبة 50% على الصلب والألمنيوم.

استثناءات من الرسوم تشمل:

الطائرات وقطع الغيار

أدوية جنيسة محددة

معدات تصنيع أشباه الموصلات

مواد زراعية معينة وموارد طبيعية ومواد خام حيوية

وأكدت فون دير لاين: "سنواصل العمل لإضافة المزيد من المنتجات إلى قائمة الإعفاءات."

ردود فعل أوروبية متباينة

في ألمانيا، رحب المستشار فريدريش ميرتس بالاتفاق، معتبراً أنه أنقذ الاقتصاد الألماني من أزمة محققة، خصوصاً قطاع السيارات الذي كان الأكثر تضرراً من الرسوم الأمريكية السابقة البالغة 27.5%.

لكن رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي بيرند لانغه وصف الرسوم بأنها "غير متوازنة"، مشيراً إلى أن الاستثمارات الأوروبية الضخمة في السوق الأمريكية ستأتي على حساب دول الاتحاد.

بنود غير محسومة وصلاحيات ترامب

من النقاط المثيرة للجدل أن الاتفاق يمنح ترامب صلاحية زيادة الرسوم الجمركية إذا لم تفِ دول الاتحاد الأوروبي بالتزاماتها الاستثمارية، وفق ما صرّح به مسؤول أمريكي.

ورغم أن الأسواق رحّبت مبدئيًا بالاتفاق، حيث ارتفع اليورو بنحو 0.2% أمام الدولار والجنيه الإسترليني والين الياباني، فإن كثيرين يرون أن نسبة الـ15% ما زالت مرتفعة مقارنة بالآمال الأوروبية بعقد صفقة إعفاء متبادل من الرسوم.

أبعاد سياسية ورسائل متعددة

الصفقة تأتي في سياق سعي ترامب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي وتقليص العجز التجاري الأمريكي الذي بلغ 235 مليار دولار مع الاتحاد الأوروبي في 2024، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي. وفي المقابل، يشير الأوروبيون إلى أن الولايات المتحدة تحقق فائضًا في تجارة الخدمات.

كما يبدو أن الاتفاق سيُروّج له داخلياً كـ"نصر انتخابي واقتصادي" لترامب، الذي سبق أن عقد صفقات مشابهة مع بريطانيا واليابان وإندونيسيا وفيتنام، ضمن مساعيه لتحقيق ما سماه "90 اتفاقًا في 90 يومًا".

مخاوف من التبعات

رغم الترحيب الحذر، حذّر محللون من أن الاتفاق لا يُغني عن التوصل إلى صفقة تجارية شاملة ومفصلة، وسط تخوفات من اختلافات في التفسير والتنفيذ، كما حدث مع الصفقة الأمريكية-اليابانية. ويخشى البعض أن يصبح الاتفاق أداة سياسية بيد ترامب، خاصة أنه لا يُلزم الإدارة بجدول زمني دقيق لحل النقاط العالقة مثل الضرائب على المشروبات الكحولية.

نزاع شخصي… ونزاع اقتصادي

تجدر الإشارة إلى أن ترامب لطالما هاجم الاتحاد الأوروبي في خطاباته، معتبراً أنه "تشكَّل للإضرار بالولايات المتحدة تجارياً"، فيما يواصل الترويج لفكرة أن الرسوم التي يفرضها تجلب مئات مليارات الدولارات، متجاهلاً تحذيرات الاقتصاديين من تأثيراتها التضخمية.

ولوّح ترامب في 12 يوليو بفرض رسوم بنسبة 30% على واردات الاتحاد الأوروبي بدءاً من 1 أغسطس، قبل أن يُعلن الاتفاق الحالي. وكان الاتحاد قد أعد خطة رد تشمل رسوماً مضادة على ما قيمته 93 مليار يورو من السلع الأمريكية في حال فشل المفاوضات.

الاتفاق المبرم، رغم نقاطه الإيجابية، لا يزال إطارًا عامًا يُبقي الكثير من القضايا مفتوحة. لكنه نجح في نزع فتيل أزمة كادت تتحول إلى حرب تجارية كبرى بين ضفّتي الأطلسي، في لحظة شديدة الحساسية للاقتصاد العالمي.

التعليقات (0)