-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
أوروبا تتحدى ترامب: خطة تكتل تجاري عالمي لمواجهة تهديداته الجمركية
أوروبا تتحدى ترامب: خطة تكتل تجاري عالمي لمواجهة تهديداته الجمركية
-
28 يونيو 2025, 1:16:25 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كشف قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمتهم الأخيرة في بروكسل عن خطة طموحة لتشكيل «تكتل تجاري عالمي جديد» بمشاركة دول آسيوية، في خطوة تهدف لمواجهة السياسات التجارية التصعيدية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومنذ ستة أشهر، يهدد الرئيس الأمريكي النظام التجاري العالمي برسوم جمركية متقلبة، يفرضها تارة لتصعيد الضغوط، ثم يلوح بتخفيفها لفتح المفاوضات، قبل أن يعيد التهديد بها إذا لم ترُقه الشروط، وفق مجلة «بوليتيكو» الأمريكية.
ومع اقتراب مهلة الأيام الأربعة عشر التي حددها ترامب للتوصل إلى اتفاق تجاري جديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الوقت لم يعد مناسباً للطرق التفاوضية التقليدية، واقترحت اتحاد دول الاتحاد الأوروبي الـ27 مع دول اتفاق الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ (CPTPP) – الذي انضمت إليه بريطانيا مؤخراً – لتشكيل مبادرة تجارية عالمية جديدة.
نظام تجاري بديل
قالت فون دير لاين إن الخطوة تهدف إلى إعادة صياغة نظام تجاري عالمي قائم على القواعد، عبر إصلاح منظمة التجارة العالمية التي وصفتها بأنها «شبه مشلولة» أو حتى استبدالها بالكامل. والأهم من ذلك، أن الولايات المتحدة لن تكون مدعوة تلقائياً للانضمام إلى هذا التكتل الجديد. وأضافت في ختام القمة في بروكسل صباح الجمعة: «هذا سيُظهر للعالم أن التجارة الحرة مع عدد كبير من الدول ممكنة على أساس نظام قائم على القواعد»، مشددة على أن المشروع يجب أن يؤخذ على محمل الجد لأن «تحالف دول اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ مع الاتحاد الأوروبي قوة هائلة».
وأشارت فون دير لاين إلى أن مسألة انضمام الولايات المتحدة ستكون قراراً مشتركاً بين الاتحاد الأوروبي ودول اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، وأضافت بلهجة لاذعة: «على حد علمي، الأمريكيون هم من انسحبوا في وقت ما»، في إشارة إلى انسحاب واشنطن سابقاً من الاتفاقية في عهد إدارة ترامب.
«مناورة» أوروبية جديدة
كانت فكرة تعزيز التعاون مع دول المحيطين الهندي والهادئ قد طُرحت خلال الأشهر الماضية داخل المفوضية الأوروبية كرد مباشر على الرسوم الجمركية التصعيدية لترامب. ولتأكيد أن الخطوة تستهدف النهج الأمريكي تحديداً، تدخل شخص آخر يحمل أيضاً اسم «دونالد» لتوضيح الصورة، بحسب «بوليتيكو».
وقال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، إنه على أوروبا أن تكون «مبتكرة للغاية... وربما أحياناً غير متوقعة مثل أصدقائنا على الجانب الآخر من الأطلسي». ويُعتبر توسك أحد المخضرمين في التفاوض الأوروبي، خصوصاً خلال مفاوضات «بريكست»، إذ أدار قمماً ليلية شاقة في بروكسل، ولم يُخفِ رضاه بفكرة تقديم «جرعة من الأسلوب الأمريكي ذاته».
التفاوض على الطريقة الأمريكية
قال توسك: «أعتقد أننا جميعاً بات لدينا فهم لطريقة التفاوض الجديدة، وكيفية إدارة النقاشات التجارية وغيرها من قنوات التواصل»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تبقى من أقرب شركاء أوروبا، «لكن يتعين علينا، في بعض الجوانب، أن نتصرف مثل شركائنا». وحظيت فكرة فون دير لاين بدعم المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الذي قال: «إذا كانت منظمة التجارة العالمية معطلة كما كانت طوال السنوات الماضية، فعلينا نحن المؤمنين بالتجارة الحرة أن نبحث عن بدائل أخرى».
لكن مراقبين يرون أن مقترح فون دير لاين ربما يكون مجرد محاولة لصرف الأنظار عن هزيمة تجارية وشيكة، مع اقتراب موعد الإعلان عن اتفاق مع إدارة ترامب قد يأتي على حساب مصالح أوروبا. وكشفت مصادر دبلوماسية لـ«بوليتيكو» أن القادة ناقشوا عرضاً أمريكياً جديداً لاستئناف المفاوضات وسط أجواء قاتمة.
«صفقة سيئة» أفضل من لا شيء
خلال الاجتماع، أدرك القادة الأوروبيون أنهم لن يحصلوا على صفقة جيدة مع ترامب، وبدأوا يتساءلون «إلى أي مدى يمكنهم القبول باتفاق سيئ لتفادي الأسوأ»، وهو فرض رسوم عقابية باهظة. ومن المتوقع أن تبدأ فون دير لاين وفريقها في الأيام المقبلة صياغة مسودة اتفاق أولي لتلبية المهلة الأمريكية، التي تنتهي في التاسع من يوليو، في ظل تهديد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 50% على السلع الأوروبية إذا لم يتم الاتفاق في الوقت المحدد.
قبل شهر فقط كان الخطاب الأوروبي أكثر تحدياً، إذ رفض القادة بشدة النموذج البريطاني الذي قبل برسوم أساسية بنسبة 10%. لكن اللهجة تغيرت تماماً الآن. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: «الأفضل أن تكون الرسوم صفر، لكن إن كانت 10%، فلتكن 10%».
سباق مع الزمن
أما رئيس ليتوانيا جيتاناس ناوسيدا، فقال لـ«بوليتيكو» إن أفضل ما يمكن أن تأمله أوروبا هو المعاملة التجارية نفسها التي حصلت عليها بريطانيا من الولايات المتحدة. وأضاف: «ربما يكون هذا هو السيناريو الأمثل، لكن بريطانيا في نظر الولايات المتحدة شريك مختلف قليلاً... آمل أن نُعامل مثل بريطانيا، لكن سنرى».
ونقلت «بوليتيكو» عن مصادر دبلوماسية أن النقاش الأعمق الذي يواجه القادة الأوروبيين يتمثل في اتخاذ قرار: هل يذهبون إلى صفقة سريعة خلال الأسبوعين المقبلين؟ أم ينتظرون صفقة أفضل لاحقاً مع المخاطرة بخوض حرب تجارية طويلة مع واشنطن؟ وحذر دبلوماسي أوروبي من أن المخاطرة لا تقتصر على الاقتصاد فقط، بل قد تمتد إلى التزامات ترامب الدفاعية تجاه أوروبا، وأضاف: «في حال التصعيد قد يعيد ترامب النظر في التزامات الولايات المتحدة بأمن أوروبا، ويسأل لماذا يجب على الأمريكيين أن يدفعوا لحماية دول تحاربهم تجارياً؟».
صناعة أوروبية مهددة
وذكرت «بلومبرغ» أن ميرتس كان الصوت الأبرز الداعي إلى إبرام اتفاق سريع، حتى لو كان مجرد إطار أولي. ونقلت عنه قوله: «لم يتبق أمامنا سوى أقل من أسبوعين حتى التاسع من يوليو، ولا يمكن إبرام اتفاق متكامل في هذه الفترة». وأشار إلى أن صناعات مثل الكيماويات والصلب والسيارات تعاني بالفعل، ما يعرّض الشركات الأوروبية للخطر، وأضاف: «من فضلكم، دعونا نجد حلاً سريعاً».








