-
℃ 11 تركيا
-
25 أغسطس 2025
تحقيق سيخا مكوميت والغارديان يكشف حجم الخسائر المدنية في غزة
الفروقات بين الأرقام الرسمية والواقعية
تحقيق سيخا مكوميت والغارديان يكشف حجم الخسائر المدنية في غزة
-
24 أغسطس 2025, 4:11:30 م
-
417
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
كشفت تقارير استخباراتية إسرائيلية جديدة، ونشرتها صحيفة سيخا مكوميت بالتعاون مع الغارديان البريطانية ومجلة 972+، أن نسبة المدنيين بين الشهداء في غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024 تتجاوز 83%، ما يتجاوز بكثير ما أعلنه المسؤولون الإسرائيليون، ويعد من أعلى المعدلات بين الحروب الحديثة.
بيانات وكالة الاستخبارات “أمان” مقابل الأرقام الرسمية
ووفقا للكاتب يوفال أبراهام تُظهر قاعدة بيانات داخلية لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية “أمان” أن عدد مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي الذين قتلتهم إسرائيل أقل من نصف ما أعلنته المصادر العسكرية والسياسية الرسمية. وتشير البيانات إلى أن الأرقام الرسمية المعلنة، والتي تتحدث عن “نسبة 1:1” بين المدنيين والمقاتلين كما صرح نتنياهو، مبالغ فيها بشكل واضح مقارنةً بقاعدة البيانات الاستخباراتية الداخلية.
حتى منتصف مايو 2025، سجلت قاعدة بيانات الاستخبارات 7,330 قتيلًا من حماس والجهاد الإسلامي، مع 1,570 آخرين محتمل مقتلهم، ليصل إجمالي العسكريين إلى 8,900 شخص. بالمقابل، أظهرت إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية أن إجمالي القتلى بلغ 52,928، ما يجعل نسبة المدنيين تصل إلى 83%. وإذا احتسبنا القتلى المحتملين، ترتفع نسبة المدنيين إلى 86%.
شهادات المصادر الاستخباراتية
أكدت مصادر استخباراتية أن قاعدة بيانات “أمان” هي المصدر الأكثر موثوقية لدى الجيش الإسرائيلي بشأن أسماء قتلى المقاتلين، إذ يُرفق بكل جندي تقرير استخباراتي يوضح أسباب تصنيفه كعنصر عسكري، مستندًا عادةً إلى وثائق ومستندات حماس والجهاد الإسلامي التي استولى عليها الجيش.
وأشار الباحث في حقوق الإنسان محمد شحادة، إلى أن هذه البيانات تتفق مع تقديرات مستقلة حصل عليها من ممثلي حماس والجهاد الإسلامي في ديسمبر 2024، والتي تشير إلى مقتل حوالي 6,500 شخص من الجناحين العسكري والسياسي.
مقارنة بمعدلات المدنيين في الحروب العالمية
تعد نسبة 83% من المدنيين بين القتلى في غزة الأعلى مقارنةً بالحروب الحديثة. على سبيل المثال، في الإبادة الجماعية في رواندا، أو مذبحة سربرينيتشا، أو الحصار الروسي لماريوبول عام 2022، لم تتجاوز نسبة المدنيين هذه المستويات في معظم الحالات. وتشير البيانات إلى وجود 10 آلاف جثة تحت الأنقاض وما زال الآلاف في عداد المفقودين، ما قد يجعل نسبة المدنيين أعلى من 85% فعليًا.
الفروقات بين الأرقام الرسمية والواقعية
البيانات الرسمية التي نشرها نتنياهو ورئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي مبالغ فيها بشكل كبير مقارنة بقاعدة البيانات الاستخباراتية. على سبيل المثال، أعلن نتنياهو في مايو 2025 أن إسرائيل قضت على “عشرات الآلاف من الإرهابيين”، بينما تُظهر البيانات الداخلية أن عدد المقاتلين الفعلي أقل بكثير، ويصل إلى حوالي 8,900 فقط.
ووفقًا لمصادر استخباراتية، فإن بعض الأرقام المعلنة من قبل الجيش الإسرائيلي استندت إلى تقديرات ميدانية مبالغ فيها، حيث قام الجنود بتصنيف المدنيين كعناصر عسكرية بعد وفاتهم، مما أدى إلى تضخيم عدد المقاتلين بشكل اصطناعي.
التأثير على المدنيين في غزة
تشير البيانات إلى أن معظم القتلى في غزة هم من المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال وكبار السن. وقد أظهرت مقاطع الفيديو التي تم التقاطها في مراكز التوزيع أن الضحايا كانوا غالبًا شبابًا غير مسلحين يذهبون للحصول على المساعدات الغذائية، مما يعكس حجم المعاناة المدنية الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية.
ويؤكد الباحث شحادة أن حماس فقدت القدرة على تهديد إسرائيل بشكل فعال، وأن المقاومة المسلحة في غزة تراجعت بشكل كبير، لكن المدنيين ما زالوا يتحملون العبء الأكبر من الحرب.
انتقادات حقوق الإنسان
واجهت إسرائيل انتقادات دولية حادة بسبب استهداف المدنيين في غزة، حيث أكد خبراء حقوق الإنسان أن الهجمات لم تلتزم بمبدأ التناسب، وأن هناك نية واضحة لاستهداف المدنيين أو إخضاعهم للضغط العسكري.
وأشار تقرير لغابرييل إبستاين من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط إلى أن البيانات الفلسطينية، رغم بعض الأخطاء، موثوقة إلى حد كبير، وأنه يمكن استخدامها لتقدير نسبة المدنيين والمقاتلين بين القتلى.
السياق العسكري والإعلامي
أظهرت التحقيقات أن ثقافة التضخيم داخل الجيش الإسرائيلي ساهمت في نشر أرقام غير دقيقة حول قتلى حماس والجهاد الإسلامي. حيث تم وضع لوحات معلومات يومية لتقييم نجاح العمليات العسكرية استنادًا إلى عدد القتلى، ما أدى إلى إفراط في تصنيف المدنيين كمقاتلين.
وأكد ضباط سابقون أن هذا الممارسات خلقت بيئة من الكذب والإحصاءات المبالغ فيها، مما أضر بالمصداقية العسكرية والسياسية للأرقام المعلنة.
تشير البيانات الاستخباراتية الجديدة إلى أن أكثر من 83% من القتلى في غزة هم من المدنيين، في حين يمثل المقاتلون من حماس والجهاد الإسلامي حوالي 17% فقط. وتؤكد هذه المعلومات أن الأرقام الرسمية التي أعلنتها إسرائيل مبالغ فيها بشكل كبير، وأن المدنيين يتحملون العبء الأكبر في النزاع الجاري منذ أكتوبر 2024.
تسلط هذه البيانات الضوء على حجم الكارثة الإنسانية في غزة، وتبرز الحاجة إلى مراقبة دقيقة للأرقام والتحقق من مصداقية التقارير العسكرية والسياسية، بالإضافة إلى أهمية حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة.










