ذخيرة حية وقنابل صوتية لتفريق المدنيين الجائعين

تحقيق استقصائي: متعاقدون أمنيون أميركيون استخدموا القوة المفرطة ضد فلسطينيين بغزة خلال توزيع المساعدات

profile
  • clock 3 يوليو 2025, 11:21:23 ص
  • eye 422
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

كشفت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، في تقرير استقصائي مدعوم بشهادات ومقاطع فيديو، عن استخدام متعاقدين أمنيين أميركيين للذخيرة الحية، وقنابل الصوت، ورذاذ الفلفل، لتفريق فلسطينيين كانوا يتدافعون للحصول على مساعدات غذائية شمال قطاع غزة، ضمن مواقع تابعة لمؤسسة "غزة الإنسانية" المدعومة إسرائيليًا وأميركيًا.

ووفق التحقيق، تحدث متعاقدان أميركيان، طلبا عدم الكشف عن هويتهما، عن فوضى استخدام القوة ضد المدنيين، مشيرين إلى أن "بعض عناصر الأمن غير مؤهلين، ويتمتعون بصلاحيات مفرطة"، وأنهم قدموا شكاوى رسمية ضد هذه "الممارسات الخطيرة".

توثيق بالصوت والصورة: إطلاق نار على مدنيين وانتهاك للقوانين

تضمن التحقيق تسجيلات مصوّرة لعناصر أمن أميركيين وهم يطلقون النار، ويستخدمون القنابل الصوتية، ورذاذ الفلفل على المدنيين، بينما يناقشون كيفية تفريق الحشود. في أحد المقاطع، سُمعت رشقات نارية واضحة، وأحد العناصر يصرّح: "أعتقد أنني أصبت أحداً".

وقد أكد أحد المتعاقدين أن زملاءه أطلقوا النار على مدنيين أثناء مغادرتهم المكان بعد استلام المساعدات، مضيفًا: "رأيت رجلاً يسقط على الأرض على بعد 60 مترًا، ولا مبرر واضح لإطلاق النار".

كما أظهرت البيانات أن المقاولين استخدموا في إحدى عمليات التوزيع في يونيو 37 قنبلة صوتية، و27 قذيفة مطاطية ودخانية، و60 عبوة رذاذ فلفل، إضافة إلى ذخيرة حيّة، في غياب تام لأي تهديدات أمنية حقيقية.

التجسس والمراقبة: تعاون أمني أميركي-إسرائيلي داخل غرف التحكم

التحقيق أشار إلى أن بعض المتعاقدين الأمنيين كانوا يراقبون المدنيين، ويوثقون "المشتبه بهم"، ويشاركون هذه المعلومات مع الجيش الإسرائيلي. وكُشف عن غرفة تحكم مشتركة تقع في حاوية شحن قرب معبر كرم أبو سالم، حيث يعمل محللون أميركيون وجنود إسرائيليون جنبًا إلى جنب في مراقبة الحشود.

وأكدت شهادات أن الكاميرات مجهزة بتقنية التعرف على الوجوه، ويجري تسجيل ملاحظات عن "أشخاص مهمين"، تُضاف إلى قاعدة بيانات خاصة، في مخالفة صارخة للخصوصية والأخلاقيات الإنسانية.

مؤسسة غامضة ودعم أميركي مشروط

تعرف وكالة أسوشييتد برس مؤسسة "غزة الإنسانية" بأنها منظمة أميركية حديثة النشأة، مدعومة من إسرائيل، تعهدت واشنطن بتقديم 30 مليون دولار لها، رغم غموض مصادر تمويلها الأخرى. وقد تولت شركة "سيف ريتش سوليوشنز" مهمة تأمين عمليات التوزيع، بينما أنكرت في تعليق رسمي "وقوع حوادث خطيرة"، مؤكدة أن إطلاق النار تم بعيدًا عن المدنيين.

في المقابل، وصف أحد المتعاقدين المشهد بقوله: "الفلسطينيون عالقون بين نيران الجيش الإسرائيلي والمتعاقدين الأميركيين"، مستنكرًا إطلاق النار على أناس جاؤوا فقط للحصول على الطعام.

افتقار للتدريب وغياب قواعد الاشتباك

كشف التحقيق أن معظم المتعاقدين لم يتلقوا تدريبًا كافيًا، ووصلوا إلى إسرائيل في منتصف مايو 2025 دون أي خبرة قتالية سابقة. وأفاد المقاولون بأن قواعد الاشتباك لم تُوزّع إلا بعد ثلاثة أيام من بدء المهام، وتنص على أن استخدام القوة المميتة يجب أن يكون في أضيق الحدود.

رغم ذلك، تُظهر مقاطع الفيديو استخدامًا مكثفًا للأسلحة القاتلة، حتى في غياب أي عنف من قبل المدنيين، بينما توفرت لكل عنصر بندقية آلية ومسدس وقنابل صوتية وغازات مسيلة للدموع.

ردود رسمية متناقضة وتحذيرات من تفاقم الوضع

من جهتها، نفت شركة "يو جيه سوليوشنز" علمها بمقاطع الفيديو، لكن المتعاقدين حذروا من أن استمرار العمل بهذه الطريقة سيؤدي إلى سقوط مزيد من الضحايا الأبرياء.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحقيق يأتي في وقت يستمر فيه الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ويُمنع خلاله دخول الغذاء والدواء والماء، ما فاقم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني.

التعليقات (0)