-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
المجاعة في غزة: الانهيار الصامت لجسد محاصر تحت نيران القصف والحصار
أرقام وشهادات: المجاعة في غزة ليست خطرًا... بل واقع
المجاعة في غزة: الانهيار الصامت لجسد محاصر تحت نيران القصف والحصار
-
21 يوليو 2025, 2:57:46 م
-
421
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
أفق مسدود وصمت دولي مخجل
محمد خميس
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتكشّف فصول مأساة إنسانية مركّبة، في قلبها المجاعة الجماعية التي بدأت تتخذ شكلًا علنيًا من الموت البطيء، تحت وطأة الحصار والتجويع والاستهداف المباشر لمراكز توزيع الغذاء.
حصار مميت وجريمة منظمة
تتحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية المباشرة عن هذا الواقع المأساوي، نتيجة حصار خانق شلّ إدخال الغذاء والدواء، وهجمات ممنهجة استهدفت البنية التحتية الحيوية، ومراكز الإغاثة، إلى جانب قتل المدنيين في طوابير انتظار المساعدات.
ورغم تحذيرات الأمم المتحدة، تتواصل هذه السياسة الممنهجة للتجويع، ما يجعلها جزءًا أصيلًا من جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحق المدنيين الفلسطينيين.
الانهيار البيولوجي: الجوع كعلمٍ للموت البطيء
من منظور طبي، لا يُعد الجوع مجرد شعور، بل هو مسار تدريجي من الانهيار الجسدي. يبدأ بانخفاض حاد في مستوى الجلوكوز في الدم، يليه ضعف التركيز، دوار مزمن، واضطراب ذهني. مع استمرار النقص الغذائي، يبدأ الجسم باستهلاك مخزون الدهون والعضلات، ما يؤدي إلى هزال واضح وفقدان الوزن الحاد.
في المراحل المتقدمة، تنخفض وظائف القلب بشكل خطير، ويتعرض الجهاز العصبي لنقص حاد في الأوكسجين والمغذيات، ما قد يؤدي إلى تشوش ذهني، غيبوبة، أو الوفاة.
تفكك تدريجي: حين يتحول الجسد إلى مسرح للانهيار
يترافق الجوع مع اختلالات كهروليتية حادة، بما في ذلك انخفاض البوتاسيوم والصوديوم، مما يسبب اضطرابات في نظم القلب، تشنجات، وفشل كلوي أو كبدي. هذا الانهيار لا يتم دفعة واحدة، بل هو تفكك بطيء ومنهجي في بنية الجسد البشري، غالبًا ما يكون بلا دواء أو علاج.
أرقام وشهادات: المجاعة في غزة ليست خطرًا... بل واقع
بحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن نحو 470 ألف فلسطيني في غزة يواجهون مستويات جوع كارثية تُصنّف في المرحلة الخامسة – أي المجاعة الصريحة. فيما تشير منظمة اليونيسف إلى أن:
71 ألف طفل بحاجة لتدخلات علاجية عاجلة ضد سوء التغذية.
17 ألف أم يعانين من تدهور صحي موازٍ بسبب نقص الغذاء.
"مصائد الموت": حين يصبح الطعام سببًا في القتل
على الأرض، لم تعد مراكز توزيع الطعام مكانًا للنجاة، بل تحوّلت إلى ما يسميه سكان غزة بـ**"مصائد الموت"**. قُتل العشرات أثناء انتظارهم لمساعدات غذائية؛ بينهم أطفال اختنقوا تحت الزحام، وآباء قُتلوا وهم يحملون أكياس الطحين، وأمهات فارقن الحياة بحثًا عن طعام لأبنائهن.
وحتى المستشفيات، التي من المفترض أن تكون ملاذًا أخيرًا، أصبحت بدورها مستهدفة، ما جعل مشهد الموت أكثر شمولًا ورعبًا.
تصنيف عالمي للجوع: غزة بين المرحلة الرابعة والخامسة
وفق التصنيف العالمي للأمن الغذائي، تمر مراحل الجوع من النقص الخفيف إلى المجاعة الكاملة. حاليًا، يُقدّر أن معظم سكان غزة يعيشون بين المرحلة الرابعة والخامسة، وهي المرحلة التي يكون فيها خطر الموت قائمًا فعلًا.
وتؤكد التقارير أن هذا الوضع ليس نتيجة أزمة طبيعية، بل هو نتيجة مباشرة للحصار الإسرائيلي واستهداف متعمد للإمدادات.
أفق مسدود وصمت دولي مخجل
رغم هذه الوقائع الكارثية، لا تزال الاستجابة الدولية محدودة ومترددة. في الوقت ذاته، تواصل إسرائيل عدوانها المدعوم أمريكيًا، مخلفة أكثر من:
200 ألف شهيد وجريح – أغلبهم من النساء والأطفال
11,000 مفقود
مئات آلاف النازحين
دمار شامل ومجاعة قاتلة
ما بعد المجاعة: اليونيسف تحذّر من الكارثة القادمة
حذّرت اليونيسف من أن استمرار هذا الوضع قد يقود إلى انهيار إنساني شامل يتجاوز المجاعة، ويُسجَّل كـ إخفاق تاريخي للنظام الدولي في حماية أبسط حقوق البشر في الحياة والغذاء.






