تكبير الخط تصغير الخط

وكالات

في انتصار تشريعي جديد للرئيس دونالد ترامب، وافق مجلس النواب الأمريكي في الساعات الأولى من صباح الجمعة على حزمة خفض إنفاق بقيمة 9 مليارات دولار، تشمل مساعدات خارجية وتمويل البث العام، وذلك ضمن حملة ترامب لتقليص الجهاز الحكومي وتحقيق ما يسميه "كفاءة الحكومة الأمريكية". وقد تم تمرير المشروع باستخدام آلية قانونية نادرة من صلاحيات الرئيس تسمح بتجاوز تعطيل مجلس الشيوخ، ما يمثل سابقة هي الأولى من نوعها منذ نحو 30 عامًا، تُظهر مدى تراجع دور الكونجرس الرقابي أمام البيت الأبيض.

ويُخصَّص حوالي 8 مليارات دولار من الخفض للمساعدات الخارجية التي أقرها الكونجرس مسبقًا، وذلك ضمن خطة البيت الأبيض لتفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. أما الجزء المتبقي، 1.1 مليار دولار، فيُقتطع من "مؤسسة البث العام" التي تموّل شبكات NPR وPBS.

تمرير صعب ومساومات على ملف إبستين

رغم أن الحزمة حظيت بأغلبية 216 صوتًا مقابل 213، فإن تمريرها واجه صعوبات داخل مجلس النواب المنقسم، خاصة مع ضغوط بعض النواب الجمهوريين المطالبين بالكشف عن مزيد من ملفات جيفري إبستين السرية. وقد رفض عضوان جمهوريان فقط التصويت لصالح الحزمة، هما مايك تيرنر وبراين فيتزباتريك.

وفي محاولة لاحتواء التوتر، أمضى رئيس المجلس مايك جونسون وفريقه ساعات طويلة في مفاوضات مع لجنة القواعد، وانتهت بإقرار الحزمة إلى جانب قرار غير ملزم يدعو للكشف عن مزيد من ملفات إبستين، دون أن يُلزم هذا القرار قيادة المجلس بعرضه للتصويت الكامل.

ترامب يحتفي بالانتصار… وخطاب تقليص الدولة

الرئيس ترامب عبّر عن ابتهاجه فور تمرير القانون، فكتب على منصة "تروث سوشيال": «هذا أمر ضخم!». أما رئيس المجلس جونسون فقال إنه "سعيد جدًا" بإرسال حزمة DOGE (اختصار The Department of Government Efficiency - وزارة كفاءة الحكومة) إلى مكتب الرئيس، مؤكدًا أن الحكومة الأمريكية باتت "أكبر من اللازم وتفعل الكثير من الأمور بشكل سيء"، وأن الجمهوريين يسعون لحكومة "محدودة، فعالة وخاضعة للمساءلة".

لكن جونسون لم يتعهد بطرح قرار ملفات إبستين على التصويت، واكتفى بالقول: "سنرى كيف ستتطور الأمور. نحن متوافقون تمامًا مع البيت الأبيض".

انتقادات ديمقراطية وتحذيرات من أزمة تمويل

ورغم الاحتفاء الجمهوري، فإن حزمة التخفيض هذه تثير قلقًا بشأن قدرة الحزبين على التعاون مستقبلًا لتمويل الحكومة قبل انتهاء السنة المالية في 30 سبتمبر. زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، قال إن العملية أضعفت الثقة بإمكانية التوصل إلى تسويات مستقبلية، معتبرًا أن الجمهوريين "ينسحبون دائمًا أمام ضغوط ترامب ومدير الميزانية رَس فوت".

وأضاف شومر في تصريح لـCNN: "لا أثق كثيرًا في وعود زعيم الأغلبية الجمهورية جون ثيون بأن المفاوضات المستقبلية ستكون ثنائية بصدق".

رفض خفض تمويل مكافحة الإيدز

الحزمة الحالية تقل بمقدار 400 مليون دولار عن النسخة الأولى التي سبق أن مرّرها مجلس النواب، وذلك بعد أن رفض الشيوخ خفض تمويل برنامج PEPFAR العالمي لمكافحة الإيدز. ومع ذلك، دعم المحافظون النسخة المعدّلة لاحتوائها على تخفيضات كبيرة في قطاعات أخرى من الصحة العالمية.

النائب الجمهوري إريك بورليسون من ميزوري علّق قائلًا: "نحن في وضع كارثي بسبب دين يبلغ 37 تريليون دولار. هذه الحزمة كانت بمثابة ثمرة جاهزة للقطاف. كشفنا عبر DOGE عن الكثير من سوء استخدام الأموال. من المؤسف أن الشيوخ أزالوا بعض البنود، لكننا حققنا على الأقل بعض التخفيضات".

صدام قادم حول الميزانية

الانقسام بين الديمقراطيين والجمهوريين لا يقتصر على هذه الحزمة، بل ينبئ بصدام أوسع حول كيفية تمويل الحكومة لما بعد سبتمبر. ورغم أن الجمهوريين يؤكدون أن التخفيضات الأخيرة لا تعني بالضرورة عرقلة التفاوض، إلا أن الديمقراطيين يرون أن التجربة الأخيرة تظهر أن الاتفاقات قد تُلغى لاحقًا تحت ضغط البيت الأبيض.

رئيس لجنة المخصصات في مجلس النواب، الجمهوري توم كول، علّق باقتضاب: "الأمر متروك لهم".